رئيس مجلس النواب يجري مباحثات مع رئيس لجنة الدولة للعمل مع الجالية الأذربيجانية    جلالة الملك يحل بمدينة الدارالبيضاء قادما إليها من عاصمة مُلكه الرباط    نشرة انذارية : أمطار قوية وتساقطات ثلجية بعدد من مناطق المملكة    مدير معفى: بلاغ وزارة التربية الوطنية يحتوي على مغالطات كثيرة.. ويجب البحث عن مبررات أخرى لإنهاء المهام    أديس أبابا: انتخاب المغرب لرئاسة الدورة ال57 للجنة الاقتصادية لإفريقيا يعكس ثقة البلدان الإفريقية في دور المملكة بالقارة    إفريقيا تجدد ثقتها في فوزي لقجع : انتصار جديد للمغرب داخل مجلس الفيفا    دوري أبطال أوروبا.. مبابي ضمن قائمة ريال مدريد لمواجهة أتلتيكو الحاسمة    حزب "الأحرار" بأكادير يناقش الغلاء    عجز الميزانية يصل 21 مليار درهم مع نهاية فبراير    وهبي: المال العام "ماشي سايب" .. والمزايدات تسيء إلى الديمقراطية    انهيار سقف منزل في القصر الكبير    وزارة الثقافة تفرج عن نتائج جائزة المغرب للكتاب    انطلاق دوري الشطرنج ضمن رمضانيات طنجة الكبرى بمشاركة واسعة وأجواء تنافسية    حزب الأصالة والمعاصرة : تفاقم البطالة معضلة حقيقية    "بصمة التراث".. أول سلسلة رسوم متحركة تعنى بإحياء التراث المغربي    علماء روس يطورون أول دواء مزدوج لعلاج سرطان البروستات    حجز أزيد من 640 كلغ من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    رئيس الاتحاد المصري: "أنا فخور باستضافة المغرب لمونديال 2030"    سعد المجرد يجري عملية جراحية على مستوى الأذنين    اختفاء قاصر مغربي بعد محاولة للسباحة إلى سبتة والعثور على جثة آخر    القاهرة .. فوزي لقجع يكتسح انتخابات ممثلي الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بمجلس الفيفا    نظام الجزائر يرفض استقبال "الحراكة"    العامل المرزوقي يقود بنجاح اجتماعًا موسعًا لإيجاد حلول لأزمة الاكتظاظ في ميناء طنجة المتوسط    في مؤتمر صحفي بالفجيرة.. إعلان رسمي عن أكبر دورات مهرجان المونودراما    مؤسسة لالة زهرة اليملاحي للتنمية العادلة وإحياء الثرات تعلن عن تنظيم رمضانيات ليكسوس لإحياء الثرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    إعادة انتخاب فوزي لقجع لولاية ثانية في المجلس التنفيذي ل"الفيفا"    مصطفى بنرامل ل"رسالة 24″ : نسبة ملء السدود بلغت 34 ,30 بالمائة بفضل التساقطات المطرية الأخيرة    الاتحاد الإفريقي لكرة القدم يعيد انتخاب موتسيبي رئيسا بالتزكية    13 مليون مشاهد خلال الإفطار.. تفاعل قوي للمغاربة مع برامج رمضان للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    لماذا لم تفعل السلطات قانون نزع الملكية قبل تهديم البيوت؟    إحباط عملية تهريب 26 كيلوغراما من "الشيرا" بميناء الناظور    تقرير دولي: المغرب والجزائر يتصدران قائمة مستوردي السلاح بإفريقيا    لقجع يفوز بعضوية المكتب التنفيذي ل"فيفا" للمرة الثانية على التوالي    يسار يقدم "لمهيب" في الدار البيضاء    الشرقاوي: وكالة بيت مال القدس نفذت أزيد من 200 مشروع كبير لفائدة المقدسيين    القضاة يحاصرون نتنياهو والأخير يخرج عن طوره أثناء المحاكمة    المعارضة تكتسح انتخابات غرينلاند    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    رياض مزور يوقع اتفاقية شراكة مع "التجاري وفا بنك" لتعزيز رقمنة التجار    روسيا تقصف سفينة "قمح جزائري"    دراسة: التغذية غير الصحية للحامل تزيد خطر إصابة المولود بالتوحد    الذهب يستقر في هذا المستوى    استئناف المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وموسكو لا تستبعد التواصل مع واشنطن بشأن اقتراح الهدنة    الأسلحة والمعادن ‬وإنهاء ‬نفقات ‬المينورسو‮!‬ (‬(3    أطعمة يفضل الابتعاد عنها في السحور لصيام صحي    الصين: ارتفاع في إنتاج ومبيعات السيارات في فبراير 2025    تصوير الأنشطة الملكية.. ضعف الأداء يسيء للصورة والمقام    الحقائق تنتصر والشائعات تتلاشى    أنفوغرافيك | المغرب ومؤشر القوة الناعمة العالمية لعام 2025    مغرب الحضارة الضرورة التاريخية : شركات عمومية للأمن الغذائي    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    كيف يؤثر الصيام في رمضان على الصحة ويحسنها؟    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الحرب واقعة أم لها دافعة؟
نشر في التجديد يوم 20 - 10 - 2002

راحا يترددان على كل لسان: الأول هل الحرب التي تريد الادارة الأمريكية ان تشنها ضد العراق واقعة لا محالة؟ الجواب: بنعم.. والثاني هل لها دافعه ويمكن الا تقع على الاقل خلال الربع الاول من السنة القادمة؟ الجواب بنعم كذلك.
الجوابان متناقضان ومتناطحان ولاشك، فمن يقول بالجواب الاول يعتمد على ما تبديه الادارة الأمريكية من تصميم على احتلال العراق والاتيان بنظام وفقا لمواصفاتها لما في هذا من حل للأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الآن، ولما فيه من تمكين لها من تحقيق استراتيجيتها الدولية الجديدة التي اعلنها الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في 20/9/2002 والاهم بسبب الضغط الصهيوني- الإسرائيلي الذي يريد للحرب ان تحقق له أهدافاً كثيرة أولها تصفية القضية الفلسطينية وتهيئة الأرض العربية لفرض الهيمنة الاسرائيلية عليها، وبكلمة ان اساس الجواب الاول يرتكز على قوة رغبة الادارة الأمريكية واستعدادها للضرب عرض الحائط بكل العوامل التي تفترض عدم القيام بها أو تأجيلها، ولكي يتأكد ذلك يُقلل عند التحليل من اهمية تلك العوامل.
الجواب الثاني يستند الى قوة العوامل المعارضة للحرب وضرورة وضعها في الاعتبار عند تقدير الموقف لاخذ القرار الصائب، ويمكن ان يقال هنا ان اي ادارة أمريكية أخرى من النمط الذي سبق الادارة الحالية كانت ستؤجل قرار الحرب بسبب تلك العوامل وخصوصا ما يتعلق منها بالمعارضة الأمريكية الداخلية التي تحذر من خوض حرب وبتحد للعالم كله، وبلا اجماع في صفوف القيادات الأمريكية التي تعتبر اساس الاجماع الوطني في اتخاذ القرارات الاستراتيجية ومن ثم لا يستطيع أحد أن يتجاهل آراء ذلك العدد الكبير من القيادات التي كانت على رأس الادارات السابقة، وقد راحت تبدي اعتراضها على استراتيجية ادارة بوش الابن في اساءة العلاقات مع الدول الكبرى الأخرى، وخصوصا، عدم المحافظة على التحالف مع اوروبا الغربية وعدد مهم من الحلفاء الذين شاركوا في كسب امريكا للحرب الباردة.. وكانوا الى جانبها في كل حروبها السابقة، فثمة تحذيرات لا يمكن تجاهلها صادرة من مراكز اتخاذ القرار الاستراتيجي تقليدياً تعارض استراتيجية الادارة الحالية.
عندما تكون الغالبية العظمى من بلدان العالم دولا وشعوبا تعارض الحرب حتى لو لم يكن بمقدورها منعها بالقوة فإن الضرب عرض الحائط بهذا العامل له عواقبه الوخيمة حتى لو فرضت الحرب، ومضت في سبيلها حتى النهاية، فإن كل ما عبر عنه من معارضة لهذا النهج الجديد الصارخ في انفراديته سيتضاعف وستزداد المخاوف اضعافا، وان كل ما عبر عنه من كرهٍ شعبي لامريكا واحتجاجات شارعية ضدها سيتضاعفان اضعافا كذلك، ومن هنا جاء القول ان اي ادارة أمريكية أخرى من النمط الذي عرف سابقا كانت ستأخذ هذا العامل في الاعتبار ولا تغامر، وتتحامق متحدية وهذا من دون الاشارة الى خطورة ردود الفعل لدى الرأي العام العربي والإسلامي وما يمكن ان يتولد من غضب امام مشهد العدوان على العراق ونتائجه يتراكم فوق غضب متفجر بسبب سياساتها ازاء الشعب الفلسطيني.
ويأتي العامل الثالث المهم وهو الاحراج الذي على هذه الادارة ان تتخطاه اذا جاءت نتيجة لجان التفتيش في غير مصلحة الحرب. ومن ثم شن العدوان وقد فقد الذريعة، ولم يمتلك اي وجاهة أو سند عن مجلس الأمن، أو قدرة اقناع، الامر الذي يجعل موقف الادارة الأمريكية ضعيفا جداً، بل اضعف بكثير من موقفها لو شنت الحرب قبل اللجوء الى مجلس الامن والموافقة على قرار 1441، وارسال لجان التفتيش، وبهذا يصبح العدوان عدوانين احدهما على العراق والثاني على هيئة الامم والرأي العام العالمي.
هنالك من سيقول ليكن، فأمريكا لا يهمها شيء من ذلك فما تريده يمكنها ان تفعله، وستفعله، ومن لا يعجبه فليشرب البحر ما دام لا يستطيع ان يتحداها ويقف في وجهها، ولكن هل هذه سياسة؟ هل هذه حنكة وحكمة ودهاء أو ذكاء؟ الجواب قطعاً لا انها تشبه من يدخل الى عش الدبابير ويثيرها عليه باجمعها، فمهما كانت قوته بالقياس الى كل منها على حدة فسيجد نفسه بعد حين عاجزاً ضعيفاً امامها، وبكلمة ليس ثمة من هو اشد حمقاً ممن يضع امريكا في مواجهة العالم كله، وبطريقة فجة نابعة من غطرسة القوة دون سواها.
ولهذا، وبالرغم مما تبديه الادارة الأمريكية من اصرار على الحرب فان من الممكن ان يتغلب من داخلها ومن حولها احتمال التراجع، ولو المؤقت، عن الحرب، بل لولا الصقور الذين يفكرون بعضلاتهم ومن خلالها وليس بعقولهم وعبرها لرجح القول بعدم وقوعها، ولكن وجود هؤلاء في قلب مركز اتخاذ القرار هو الذي يسمح ببقاء احتمال وقوعها حاضراً، وبقوة الى جانب عدم التسليم بحتميته لانه يسبح ضد التيار الذي لا يجوز الاستهانة به أو اخراجه من المعادلة، فكيف تقدر موقف من لا يحسن تقدير الموقف؟
بقلم: منير شفيق
كاتب ومفكر فلسطيني
المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 8 ديسمبر 2002


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.