حرص السلف رضوان الله عنه، كما تعرفنا على ذلك في الحلقة السابقة، على بيان كل ما يعين على حفظ القرآن الكريم، وزاد حرصهم على تقديم بعض الأطعمة المفيدة، مثل العسل والزبيب وشرب ماء زمزم وأكل السمك الطازج لما يحتويه من فيتامينات تقوي الدماغ، وحذروا من كثرة الطعام والتخمة لأنها تؤدي إلى ضعف في الذاكرة واسترخاء في التفكير، مما لا يتفق مع من يريد أن يكون نشِط الذاكرة، قويَّ الحفظ ، وقديما قيل: البِطْنةُ تُذْهِبُ الفِطْنةَ ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بَطْنٍ ، حَسْبُ ابن آدم أكلات يُقِمْنَ صُلْبَه، فإن كان لا محالة فثلثاً طعاماً، وثلثا شرابا، وثلثا لنفسه. وبالإضافة إلى ما ذكر، يتعين على المقدم على حفظ كتاب الله تعالى أن يراعي التوجيهات الآتية: 1 مصحف الحفاظ : ويتميز بأن الصفحة دائما تبدأ برأس آية وتختتم برأس آية وأن الأجزاء لا تبدأ إلا برؤوس الصحائف مما ييسر على القارئ تركيز بصره في الآية حتى ينتهي من استظهارها من غير أن يتوزع ذهنه بين صفحتين. 2 المصحف المجزأ : سواء كان كل جزء مستقل أو كل خمسة أجزاء مستقلة فبالإمكان الاحتفاظ بواحد في الجيب بسهولة ويسر. 3 قراءة الآيات قراءة متأنية: يستحسن لمن أراد الحفظ تلاوة الآيات وقراءتها قراءة متأنية قبل الحفظ ليرسم لنفسه الصورة العامة لها. 4 الطريقة الثنائية: ينبغي أن يبحث عن أخ يشترك معه في الحفظ ويتخذه خليلا في الذهاب والإياب والمدارسة، ويستحسن وجود التلاؤم والوفاق بينهما من الناحية النفسية والتربوية والدراسية والسن أيضا حتى تثمر هذه الطريقة في الحفظ. 5 تقسيم الآيات إلى مقاطع يربطها مثلا موضوع واحد وتحفظ من أولها إلى آخرها جملة أو يمكن اعتبار خمسة آيات تبدأ أو تنتهي بحرف معين مقطعا مستقلا أو آية جامعة تبدأ ب { يا أيها الذين آمنوا } أو { يا أيها الناس } وغير ذلك، وبهذا التقسيم تصغر الصفحة في نظر القارئ وتصبح كل صحيفة مقطعين أو ثلاثة يمكن حفظها بسهولة. 6 قراءة الآيات في الصلاة وقيام الليل والنوافل، فإذا حفظت مقطعا فكرره في جميع الفروض والنوافل وتحية المسجد، فكلما كررت ونسيت فعد إلى المصحف، فإنك سوف تحفظه بإذن الله، وقيام الليل من أحفظ ما يكون للقرآن { إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلاً }. 7 طريقة الكتابة: وتتم بأن يكتب الطالب المقطع بيده على السبورة أو على ورقة بالقلم الرصاص ثم يحفظها، ثم يبدأ بمسح المقطع بالتدريج لينتقل إلى مقطع آخر. 8 طريقة للمراجعة: يمكنك أن تأتي بكراسة من الورق الأبيض، في نفس حجم طبعة المصحف الذي تحفظ منه، ثم ترقم صفحاتها بنفس ترقيم المصحف، مع قيامك برسم المستطيل الداخلي في كل ورقة، بنفس مقاس تلك الطبعة، ثم بعد ذلك تقوم بكتابة الكلمات التي أنسيتها أو التبس عليك حفظها، بخط واضح كاللون الأحمر مثلا، مع تركك باقي الصفحة دون كتابة، فإذا أردت مراجعة سورة ما نظرت إلى تلك الكراسة. ويمكن استعمال أقلام التظهير على الكلمات محل الالتباس في الحفظ وتظهيرها في المصحف مباشرة ، وعند المراجعة تقرأ فقط الكلمات المظهرة. 9 الالتزام بالبرنامج المكتوب فلا بد أن يعتمد من أراد حفظ القرآن برنامجا محددا مكتوبا يلتزم به يوميا ويكون هذا البرنامج حسب طاقته وقدرته على الحفظ، فضع لك برنامجا تستطيع الاستمرار بتنفيذه.10 - فهم المعنى العام للآية فهو باب لرسوخ الحفظ في الذهن. 11 الالتحاق بمدارس وحلقات تحفيظ القرآن في المساجد أو غيرها فإنها تعين الراغب في الحفظ على المتابعة وفهم المعنى وإتقان التلاوة. وهي من أنفع الطرق للصغار والفتيان في حفظ القرآن. 12 الالتزام بإمامة مسجد وتعتبر وسيلة ناجحة جدا لمن يستطيعها تجعل الفرد في متابعة وحرص على إتقان الحفظ دائما. 13 الترديد والتكرار: ويقصد بها الترديد مع المعلم أو مع شريط لقارئ متقن التجويد، وتكرار سماع الشريط لأن السماع من الوسائل القوية في الحفظ عند الكثير من الناس، فيرسخ السماع في الذهن كما يرسخ مكان الكلمات في المصحف في الذهن.وهذه الطريقة مفيدة وهي من أكثر الطرق ثمرة خاصة مع الصغار. قال ابن مسعود رضي الله عنه: حفظت من في رسول الله صلى الله عليه