ما هو أثر خلاف القراءة على الخلاف الفقهي؟ طبعا هناك أثر، ففي سورة المائدة نجد قوله تعالى: (يا أيها الذين أمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلَكم إلى الكعبين) الذي يقرأ ب(أرجلَكم) أي بفتح اللام هو نافع (براوييه ورش وقالون) وابن عامر وحفص والكسائي، والآخرون يقرأون بكسر اللام:(وأرجلِكم). وهذا كلام الله، ف(أرجلَكم) قرآن و(أرجلِكم) قرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا تفاضل بين الكسر في (أرجلَكم) وبين الفتح في (أرجلِكم) أبدا، وكله ملزم لنا. (فاغسلوا) هذا أمر، (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلَكم إلى الكعبين) المعنى أنني ملزم بغسل رجلي، فقد عطف أرجلكم على الغسل. والآخر مأمور بأن يمسح برجله. فالذي أمر بمسح رجله وغسلها خالف أمر الله، والذي أمر بالغسل ومسحها خالف أمر الله. ومتي يغسلها ومتى يمسحها؟ إذا كنت صحيحا معافى لا ضرر عندي في الغسل وعندي متسع من الوقت فعلي الغسل، فإذا مسحت كنت مخالفا للشرع. لكن إذا كان عندي ضرر ما، أو كنت متيقنا من أنه سيلحقني بسبب الغسل فأنا أمسح، وإذا غسلت فأنا مخالف لأمر الله. فيكون المسح واجب والغسل ممنوع على من ألحق ضررا بنفسه. فهذا مثال للأثر على الخلاف الفقهي، وكله ملزم لنا والله سبحانه وتعالى تعبدنا بالقرآن ككل، ولم يتعبدنا برواية واحدة. مثال آخر على خلاف القراءة قوله تبارك وتعالى: (وكتبنا عليهم فيها أن النفسَ بالنفسِ والعينَ بالعينِ والأنفَ بالأنفِ والأذنَ بالأذنِ والسنَ بالسنِ والجروحَ قصاص) وهذا ما نقرأ به نحن في المغرب أي بالفتح كله. فنافع وعاصم وحمزة يقرأون كلهم بهذا. ولكن الكسائي مثلا يقرأها بالرفع هكذا: (وكتبنا عليهم فيها أن النفسَ بالنفسِ. والعينُ بالعينِ والأنفُ بالأنفِ والأذنٌ بالأذنِ والسنُ بالسنِ والجروحُ قصاص) فيقف عند (النفسَ بالنفسِ). وجماعة يقرأون، منهم ابن كثير: (وكتبنا عليهم فيها أن النفسَ بالنفسِ والعينَ بالعينِ والأنفَ بالأنفِ والأذنَ بالأذنِ والسنَ بالسنِ. والجروحُ قصاص). فالذين يقفون على (النفسَ بالنفسِ) يقولون أن الله كتب على بني إسرائل (النفسَ بالنفسِ)، وأما الباقي (والعينُ بالعينِ والأنفُ بالأنفِ والأذنٌ بالأذنِ والسنُ بالسنِ والجروحُ قصاص) فهو مستأنف على أمة محمد وهم ملزمون بها وأما بني إسرائل فلم يكتب عليهم ذلك. والبعض يعتقد أنه كتب عليهم (النفسَ بالنفسِ والعينَ بالعينِ والأنفَ بالأنفِ والأذنَ بالأذنِ والسنَ بالسنِ) لكن ليست عليهم الجروح فاستأنف وقرأ (والجروحُ قصاص) بضم الجروح. وهذا كله مراد الله تعالى وصحيح وملزم لنا ولابد أن نعتقد بذلك. إلتقاه: خليل بن شهبة