الفرق بين خلاف القراءة وخلاف المصاحف أجمع أهل العلم على أن القرآن الكريم نُقل إلينا عن النبي صلى الله عليه وسلم بروايات متعددة متواترة، ووضع العلماء لذلك علماً أسموه علم القراءات القرآنية. وأهم القراء الذين رووا تلك القراءات وفق اختيار علماء القراءات المغاربة هم البدور السبعة. ولم نجد أفضل من يمكنه الحديث عن هؤلاء القراء السبعة وعما امتازوا وانفردوا به، خيرا من الدكتور التهامي الراجي الهاشمي، شيخ القراءات بالمغرب، وأستاذ كرسي القراءات بمسجد الحسن الثاني، ورئيس وحدة مذاهب القراء في الغرب الإسلامي بجامعة محمد الخامس بالرباط. ما الفرق بين خلاف القراءات وخلاف المصاحف؟ أولا هناك خلاف القراءة، أي أن القراء اختلفوا فيما بينهم، هذا قرأ بشكل وهذا قرأ بشكل آخر، وهناك خلاف في المصاحف، وهو ليس خلاف القراءة. كيف ذلك؟ لو قلنا أنها خلاف القراءة، لسقط الضابط الذي قرروه. وما هو ضابط القراءة الصحيحة ضوابط القراءة الصحيحة هي: أولا: أن تكون بسند صحيح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثانيا: أن تكون موافقة للرسم العثماني. ثالثا: أن توافق وجها من وجوه العربية. فإذا قلنا في اختلاف المصاحف هي اختلاف القراءات، سقط مطابقتها للرسم العثماني. فمثال خلاف المصاحف في المائدة قوله تعالى: (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة. فعسى الله أن ياتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين 54 يقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حاطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين 55) ورش يقرأ (يقولُ)، ولكن غير ورش ... مثلا حفص يقرأ (ويقولُ) بزيادة الواو، فهذا لا يعتبر خلاف القراءة، بل خلاف المصاحف، وخلاف القراءة طبعا. لكن الإمام البصري يقرأ (ويقولَ): وفيه خلاف المصاحف بزيادة الواو في الرسم، وأيضا اللام في (ويقولَ) مفتوحة عند البصري ومضمومة عند غيره. فهذا المثال اجتمع فيه خلاف القراءة وخلاف المصاحف. فأما خلاف المصاحف فهو زيادة الواو عند هؤلاء وحذفه عند الآخرين، وأما خلاف القراءة في نفس الكلمة فهو أن البصري يقرأ (يقول) بفتح اللام، وغيره بضمها. ومثال أخر على ذلك من سورة المائدة قوله عز وجل: (ومن يرتدد منكم عن دينه) فنحن نقول (يرتدد) بتكرار حرف الدال، لكن حفص يقرأ (ومن يرتد منكم عن دينه) بدال واحدة. فهذه ليس فيها خلاف القراءة ولكن فيها خلاف المصاحف، لأنه لا يمكن أن نكتب في نفس المصحف (ومن يرتدد) و(ومن يرتد)، فالنبي صلى الله عليه وسلم تلقى عن ربه (ومن يرتدد) وتلقى (ومن يرتد)، لك كتبوا في مصحف (يرتدد) وفي مصحف رسموا (يرتدد)، فالمصحف الذي بعثه سيدنا عثمان، بعد جمع القراءة على عهده، إلى المدينةالمنورة، موطن الإمام نافع، فيه (ومن يرتدد منكم عن دينه)، وباقي المصاحف فيها ).