شعيرة رمضان: صلاة التراويح لقد رغب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته في قيام رمضان، وندبهم إلى الصلاة فيه وحثهم عليها وبين لهم ما في فعلها من الأجر الكبير والثواب العظيم، إلا أن كثيراً من أبناء أمتنا اليوم وللأسف الشديد يجهلون أبسط الأمور عن هذه الشعيرة صلاة التراويح، ترى ما حقيقة هذه الصلاة؟ ولماذا سميت بذلك؟ وما حكمها؟ وكم عدد ركعاتها؟ صلاة التراويح هي: شعيرة من شعائر رمضان المبارك، لها جلالها في نفوس المسلمين، ولها فضلها وقدرها عند رب العالمين. وحقيقتها الشرعية أنها: صلاة تؤدى في رمضان عقب صلاة العشاء وقبل الوتر(1)، سميت بذلك: لأن الناس كانوا يستريحون فيها بين كل أربع ركعات، بسبب إطالتهم الصلاة، قال ابن منظور فيلسان العرب: والترويحة في شهر رمضان سميت بذلك: لاستراحة القوم بعد كل أربع ركعات، وفي الحديث: صلاة التراويح، لأنهم كانوا يستريحون بين كل تسليمتين، والتراويح جمع ترويحة، وهي المرة الواحدة من الراحة تفعيلة منها، مثل تسليمة من السلام(2) التراويح سنة مؤكدة أخرج الإمام مالك في الموطأ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمر بعزيمة فيقول: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبهوإلى هذا أشار الإمام خليل في مختصرهوتراويحقال الخرشي في شرحه: أي وتأكد تراويح قيام رمضان، سمي بذلك لأنهم كانوا يطيلون القيام فيقرأ القارئ بالمئين يصلون بتسليمتين ثم يجلس الإمام والمأموم للإسراحة(3) وذكر الإمام الباجي فيالمنتقى: أنه جرت عادة الأئمة أن يفصلوا بين كل ترويحتين من هذه الصلاة بركعتين خفيفتين يصلونهما أفذاذاً، ولذلك وجهان: أحدهما: أن يكون ذلك أقرب إلى التصحيح في عدد الركعات وأبعد من الغلط فيها. والثاني: أن يتمكن من فاته الإمام بركعة من قضاء ما فاته في تلك المدة. (4) يقول الإمام ابن عاشر رحمه الله تعالى: ندب نفل مطلقاً وأكدت تحية ضحى تراويح تلت وأول من صلاها: نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ثم تركها مخافة أن تفرض على أمته. أخرج الإمام مالك في الموطأ وغيره عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى في المسجد ذات ليلة، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى الليلة القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال:قد رأيت الذي صنعتم، ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكموذلك في رمضان. وإنما نسبت التراويح إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه جمع الناس علىأبي بن كعبفكان يصليها بهم . روى الإمام مالك والبخاري عن عبد الرحمان بن عبد القاري قال:خرجت مع عمر ابن الخطاب في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع (أي يصلون جماعات جماعات) متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: والله إني لأراني لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، فجمعهم على أبي ابن كعب. قال:ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون، يعني: آخر الليل وكان الناس يقومون أوله. (1) مواهب الجليل للحطاب: (1/70). (2) لسان العرب: (2/462) مادة روح. (3) شرح الخرشي على مختصر سيدي خليل: (2/7). (4) المنتقى: (2/151)