هذا الصفحة تعرض لتجارب واقعية في ظاهرة الإجابة، أو الدعاء المستجاب. ظاهرة لكل واحد منا تجربته الخاصة فيها، فما من واحد منا نحن المؤمنين بالله، وحتى غير المؤمنين، إلا مرت عليه فترة فيها شدة واضطرار، وفيها قلق، توجه فيها إلى الله بقلب كله انكسار ورجاء وأمل... وإذا بالكرب يزول، والشدة تنتهي، ويجعل الله بعد عسر يسرا، كما حدث في قصة الثلاثة الذين حبسوا داخل الغار. وما من نفس إلا وتلجأ إلى الله ساعة الحاجة الشديدة والخطر العظيم، قال الله العلي الحكيم: (قل أرأيتم إن أتاكم عذاب الله، أو أتتكم الساعة، أغير الله تدعون إن كنتم صادقين. بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون) الأنعام .41-40 وجرت سنة الله أن يجيب المضطر إذا دعاه كيفما كانت عقيدته، ولو كان كافرا بالمعنى الاصطلاحي ما دام قد توجه إليه، قال تعالى: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) النمل .92 والحوادث التي أخبر أصحابها عما جرى لهم فيها ما له علاقة بهذه الظاهرة كثيرة لا تعد ولا تحصى. فما من إنسان إلا وله قصة أو قصص. أنا وأنت وهو. وسنقدم نماذج منها تباعا في هذا العمود الجديد، وندعو كل من له قصة واقعية في هذا الباب أن يبعث بها إلينا أو يتصل بنا لندرجها في هذا المكان لتعم الفائدة ويعتبر المعتبرون من أولي الألباب. ولنبدأ بالقصة المشهورة لأصحاب الغار الثلاثة التي قصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته الكرام، ومنها استنبطنا عنوان هذا العمود. جاء في الصحيحين. عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - يقول: (انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم. فقال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا (أي: لا أقدم في الشراب قبلهما أحدا)، فنأى بي طلب الشجر يوما فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت ان أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلا أو مالا فلبثت والقدح على يدي انتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي (أي يصيحون من الجوع)، فاستيقظا فشربا غبوقهما. اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج منه. فقال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إلي، وفي رواية: كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، فأردتها على نفسها فامتنعت، حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت، حتى إذا قدرت عليها وفي رواية: فلما قعدت بين رجليها قالت: اتق الله ولا تفضن الخاتم إلا بحقه، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها. اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج. وقال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرهم، غير رجل واحد، ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله أدِّ إلي أجري، فقلت: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي! فقلت: لا استهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا. اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون). إعداد حسن السرات