مع دخول صحيفة التجديد مرحلة الإعداد النهائي لعملية الإصدار اليومي أواخر عام 2001 ستتسارع وتيرة الأحداث عبر العالم بشكل غير قابل للتصور، وهو ما فرض على كافة الأجهزة الإعلامية المختلفة نمطا سريعا في تناول بعض الأحداث التي قيل إنها غيرت مسار التاريخ. وقد وجدت التجديد نفسها وجها لوجه أمام هذه التطورات الكبرى التي عرفها العالم، ووضعت خطة لمتابعة ما يجري، مركزة في ذلك على الأولويات التي تشكل الركائز الأساسية للخط التحريري للجريدة. وقد كان من ضمن الأحداث المهمة التي عرفها عام ,2001 ما صار يعرف بتاريخ الحادي عشر من شتنبر، اليوم الذي ذاقت فيه الولاياتالمتحدة نار التفجيرات بعد أن أصيبت في رمز اقتصادها التوينز سنتر، والسياسية واشنطن، والعسكرية البنتاغون، رغم الانتقادات الواسعة التي وجهت للتفسيرات التي قدمتها الإدارة الأمريكية بخصوص هذا الموضوع. التجديد كانت حاضرة، وأصدرت عدة مقالات ومتابعات خبرية تناولت الحدث بتفاصيله (أعداد 206 207 .208) وأبرزت في مجملها أن ما تعرضت له الولاياتالمتحدة كان اعتداء واضحا، غير أنها أي الولاياتالمتحدة ساهمت بشكل كبير في ترسيخ العداء لها عبر العالم بسياساتها العدائية الواضحة اتجاه العالم، وهو ما يهدد مصالحها في كل وقت وحين. وقد نشرت التجديد في هذا السياق رسالة وجهها رئيس حركة التوحيد والإصلاح السابق السيد أحمد الريسوني للرئيس الأمريكي جورج بوش أبلغه فيها باسم التوحيد والإصلاح تضامن الحركة وتعازيها في المصاب الجلل الذي أصاب الأمريكيين، ودعاه لمعالجة أصول الإرهاب والتطرف في أسبابه وجذوره، وليس فقط في أعراضه ونتائجه، والرسالة منشورة بالعدد رقم 207 عام .2001 مباشرة بعد هذا الحدث الذي هز الولاياتالمتحدة ومعها العالم أجمع، وبعد أن بدأت واشنطن حملتها العداونية على أفغانستان في السابع من أكتوبر من عام ,2001 سارعت التجديد باعتبارها الصوت الإعلامي الإسلامي اليومي الوحيد بالمغرب لمتابعة تطورات الموقف في هذا البلد الإسلامي الشقيق، وأوضحت عبر عدة مقالات حقيقة الجرائم الوحشية التي ارتكبتها وترتكبها واشنطن في أفغانستان، وحقيقة الأهداف التي تود تحقيقها من وراء تلك الحملة الشرسة. في السياق ذاته تابعت الجريدة بشكل متميز العدوان الأمريكي البريطاني الأسترالي على العراق، والذي انطلق فجر العشرين من مارس ,2003 وما زالت فصول مأساته مستمرة حتى وقتنا الحاضر، ومازالت القضية العراقية تحتل مكانة مهمة على صفحات الجريدة. انتفاضة الأقصى المباركة التي انطلقت في الثامن والعشرين من شهر شتنبر من عام 2000 شكلت كذلك مكونا من المكونات الرئيسة للبرمجة العامة لصحيفة التجديد. وهكذا، وبغض النظر عن المتابعة الخبرية اليومية للتطورات التي يعرفها الملف الفلسطيني، بدأت هيئة تحرير الجريدة في إعداد تحاليل وحورات وملفات خاصة بالانتفاضة المباركة، توضح المعطيات العامة المرتبطة بآخر التطورات، وتحاول تسليط الضوء على المستقبل، من خلال الربط بين هذه المعطيات الواردة وتفسيرها. هذا بالإضافة إلى الأعداد الخاصة التي تعدها الجريدة بمناسبة حلول ذكرى الانتفاضة وغيرها من أيام فلسطين في كل عام. ومن هنا يمكن التأكيد على أنه لا يوجد عدد من أعداد الجريدة يخلو من متابعة تطورات القضية الفلسطينية عامة. في السياق نفسه، شكل يوم السابع من أبريل 2002 محطة أخرى لتتابع الجريدة القضية الفلسطينية في بعدها المغربي، حيث غطت تغطية مفصلة مسيرة الرباط المليونية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني البطل. ولم تكتف التجديد بمتابعة مسيرة الرباط، بل تابعت عبر صحفييها ومراسليها مسيرات التضامن الأخرى بمدن المغرب المختلفة، لتتضح للقارئ المكانة الحقيقية الذي تحظى به القضية في نفوس المغاربة. التطبيع بدوره شكل محورا آخر من محاور متابعة الجريدة لمختلف جوانب الملف الفلسطيني. في هذا الاتجاه وقفت التجديد بالمرصاد لكل محاولات التطبيع التي تبناها أنصار التيار المتصهين في المغرب، سواء تعلق الأمر بالشق الاقتصادي أو السياسي. وهكذا تصدت التجديد لمحاولة إدخال بعض السلع الاستهلاكية التي تحمل علامات الكيان الصهيوني الغاصب إلى السوق المغربية، وفضحت بعض المتاجر التي بدأت فعلا في المتاجرة في هذا السلع. كما قاومت الجريدة حضور الوفد الصهيوني في لقاء بمدينة مراكش ما بين 17 و23 من شهر مارس ,2002 حيث أبرزت تفاصيل الحدث، ونقلت إلى قرائها تنديد كل فعاليات المجتمع المغربي بهذا الإجراء التطبيعي الخطير. غير أن أهم المحطات التي تميز فيها دور التجديد كمركز من مراكز مقاومة التطبيع في المغرب، كان بمناسبة حضور الوفد الصهيوني بمدينة الدارالبيضاء للمشاركة في لقاء منظمة الأممية الاشتراكية ما بين 31 ماي فاتح يونيو من عام .2002 فهذا اللقاء الذي تم بمباركة حكومة التناوب آنذاك التي كان يرأسها عضو في المنظمة، وتم فيها استقبال وفد صهيوني، في تجاهل تام للمذابح المتتالية التي كان الصهاينة يرتكبونها في حق الشعب الفلسطيني. وقد تصدت التجديد لمحاولة التطبيع تلك، وردت الهجمة الشرسة التي حاولت عناصر التطبيع شنها على الجريدة والهيئة المصدرة لها من خلال التشكيك في إعلان تنشره الجريدة بشكل يومي يخص ائتلاف الخير، حيث حاول هؤلاء الزعم بأن الأموال التي كانت تجمع لم تكن لتذهب إلى الفلسطينيين! التجديد في أعدادها (388,387, 389, ,.390) واجهت الحملة المذكورة، ونشرت تفاصيل حسابات ائتلاف الخير كاملة، بحيث لم يبق لعناصر التطبيع أي حجة للضرب في مصداقية ما تنشره الجريدة. والغريب أنه ما مباشرة بعد انتهاء الانتخابات التشريعية ليوم 27 شتنبر 2002, انتهت حملة التشكيك تلك بصفة نهائية! قضية الصحراء المغربية أخذت مكانتها المتميزة على صفحات الجريدة، وهكذا تمكن قراء التجديد من متابعة تطورات الأوضاع في الأقاليم الجنوبية سواء على مستوى ما يجري داخل مجلس الأمن، أو ما يجري على الساحة الأقليمية، وذلك عبر تحاليل وملفات وحوارات لتسليط الضوء على كافة جوانب القضية الوطنية. وقد شكلت مناسبة طرح الجزائر لمخطط التقسيم مناسبة لالتجديد ( ع 301, 302-.303) لتوضح النزعة العدائية للجارة الشرقية للمغرب، وتؤكد تشبث المغاربة بصحرائهم رغم ما يحاول أن يكيده أعداء الوحدة الترابية للمغرب. وقد حظي المشهد الحزبي والمؤسساتي المغربي بمتابعة متميزة هو الآخر، حيث نشرت الجريدة إضافة إلى الأخبار الآنية المرتبطة بالتنظيمات المغربية ملفات عن الأحزاب المغربية، وكان أن صدرت ملفات بخصوص الإسلام في برامج الأحزاب السياسية والتنظيمات الأمازيغية (عدد 279)، وسلطت الجريدة الضوء على تأسيس ديوان المظالم، وتأسيس أحزاب جديدة، ونقابات جديدة بعد أن انشقت عن تنظيمات أخرى. كما واكبت الجريدة انتخابات 2002 التشريعية، وكذلك انتخابات 12 شتنبر 2003 الجماعية، وسلطت الضوء على مختلف العناصر المكونة للملف الانتخابي بالمغرب. لتواصل التجديد مسيرتها الإعلامية بثبات، معتمدة على الله تعالى في كل خطوة تخطوها، ومعتمدة داخل إطار العون الإلاهي على قرائها الأوفياء. لحبيب الجرادي