الغاية والثمرة من قراءة القرآن الكريم بهدف إعادة الاعتبار للقرآن الكريم في حياتنا اليومية وتوجيه مجالاتها المتنوعة تقوم حركة التوحيد والإصلاح بحملة تحسيسية للعناية بالقرآن الكريم، والقيام بحقوقه الخمسة:تلاوة وحفظا وتدبرا وعملا ودعوة. وسنقدم في هذا الركن إن شاء الله تعالى بعضا من مواد هذا الملف، وفي البداية ما هي الغاية من تلاوة القرآن الكريم. لا بد من الحضور الفاعل الحي المؤثر أثناء تلاوة القرآن وتدبره والتعامل معه، بكافة المشاعر والأحاسيس والانفعالات، فلا يكون هدف قارئ القرآن مجرد الأجر والثواب فحسب، فهذا وارد وسيحصل عليه إذا أخلص النية بإذن الله، كما لا يكون هدفه حشو ذهنه بالعلم والثقافة وزيادة رصيده من العلوم والمعارف لأن الوقوف عند الثقافة وحدها لا يولد عملا ولا التزاماً ولا سلوكا، كما لا يكون هدفه الرياء ولا يبتغي من تلاوته عرضا من الدنيا أو غير ذلك. على قارئ القرآن أن يتلقاه بجميع مشاعره، وأن يكون القرآن دليلاً عملياً لحياته في يومه ونهاره. عليه أن يتلقاه بجميع أجهزة التلقي في جسمه، وأن يربط بينها ويحولها إلى برنامج يومي وسلوك عملي، وحقائق معاشه، وأن يكون قدوته في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقول عائشة رضي الله عنه:كان خلقه القرآن، وكذلك يقتدي بالصحابة رضي الله عنهم الذين يتلقون القرآن تلقيا للتنفيذ فور سماعه. وعلى قارئ القرآن أن لا يخلط بين الوسائل والغايات، وأن لا يجعل من الوسائل غايات، لأن كل ما يستخدمه أثناء التلاوة لا يعدو أن يكون وسائل توصله إلى غاية واحدة محددة. فالتلاوة والتدبر والنظر، وما يحصل عليه من حقائق ومعلومات وتقريرات والاطلاع على التفاسير والحياة مع القرآن لحظات أو ساعات كل هذا لا يجوز أن تكون إلا وسائل لغاية، فإن وقف عندها واكتفى بها فلن يحيى به، ولن يعيش معه ولن يدرك كيفية التعامل والتأثر بالقرآن. إن الثمار التي يريدها قارئ القرآن لن تكون إلا في تحقيق الغاية التي حددها القرآن الكريم للمؤمن المتدبر،يقول الله تعالى: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين. الله نزل أحسن الحديث كتابا مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ..} الزمر ,23/22 إن الغاية المحددة هنا هي الهدى باعتبارها وردت خاتمة للآيتين اللتين تحددان كيفية التلاوة وتصفان أحوال الذين يقومون بها وتسجل مظاهر التأثر والتغير والانفعال عليهم، ثم تبين الثمرة لهذه التلاوة وتحدد الغاية منها وتدعو المؤمن إلى أن يلحظها ويسعى إلى تحقيقها. وهناك آية أخرى تقرر غاية أخرى للتلاوة وهي قوله تعالى: {أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها} الأنعام ,122 فالحياة العزيزة الكريمة التي تليق بالمؤمن وتبارك عمره وترفعه وتزكيه، لا بد أن يجعلها غاية له من تلاوة القرآن الكريم وثمرة له يجنيها من رحلته فيه، ونتيجة عمله يحققها من تعامله معه. هذه غاية التلاوة وثمرة التعامل مع القرآن ونتيجة التدبر وكل ما سواها وسائل لتحقيقها.