في صبيحة أول أيام شهر رمضان المبارك ضربت المقاومة بقوة، بتنفيذها 7 انفجارات ضخمة هزت العاصمة العراقية بغداد وأسفرت عن مقتل وجرح العشرات. وقد تسارعت حصيلة المقاومة نهاية الأسبوع الماضي على الميدان في العراق، فيما توالت الاحتجاجات والتطورات ذات الارتباط بالوضع بالعراق داخل أمريكا وخارجها، مضيفة بذلك إلى المأزق الأمريكي في المنطقة الكثير من التحديات. زيارة بول ولفيتز والبحث عن المخرج تسارعت حصيلة الأحداث نهاية الأسبوع الماضي على الميدان في العراق. فقد أفادت الأنباء الواردة أنه في حدود الساعة 30,8 بالتوقيت المحلي هزت 3 انفجارات ضخمة مبنى لجنة الصليب الأحمر العراقي، ونتج عن انفجار سيارة إسعاف مفخخة، مما أدى إلى إشعال النار في عدد من السيارات القريبة. وبعد ربع ساعة من هذا الانفجار هز انفجار ثان مجمع الوزارات وسط بغداد قرب وزارة الصناعة العراقية في منطقة الكرادة. وبعد نصف ساعة سمع دوي انفجار قوي جدا في منطقة الغزالية الواقعة على بعد 30 و40 مترا من وسط بغداد. إضافة إلى ذلك استهدفت مجموعة من الانفجارات مراكز الشرطة العراقية في عدة مناطق في الكرخ والخضراء، وأخيرا هز انفجار ضخم مركز شرطة السيدية في حي الإعلام في الشطر الغربي من بغداد، ونتج الانفجار عن سيارة مفخخة. وفي آخر إحصائية لقتلى هذه الانفجارات أفادت الأنباء أن الحصيلة بلغت الآن 19 قتيلا وأكثر من 20 جريحا، ومن المتوقع أن ترتفع هذه الحصيلة. وقد نجا بول ولفويتز نائب وزير الدفاع الأمريكي من محاولة اغتيال في بغداد، التي يزورها حاليا، وذلك إثر هجوم صاروخي استهدف فندق الرشيد الذي ينزل فيه. وعلى إثر الحدث، كان رد فعل نائب وزير الدفاع الأمريكي الأولي أن أكد استمرار ما دعاها المخاطر في العراق، لكنه تعهد في الوقت نفسه بألا تتخلى الولاياتالمتحدة عن جهودها لتحقيق الاستقرار، قائلا إن معظم المشاكل تأتي ممن سماهم بالموالين للنظام العراقي السابق. تأتي زيارة ولفويتز هذه للعراق للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، وسط تزايد الحديث عن انهيار معنويات الجنود الأمريكيين وهروبهم من الخدمة وانتشار ظاهرة الانتحار في صفوفهم، بالإضافة إلى تنامي موجة التنديد داخل الولاياتالمتحدة وخارجها بالحرب على العراق. وبحثا عن مخرج للقوات الأمريكية، التي تتلقى الضربات الموجعة وتغرق يوما بعد يوم فيما يشبه فيتنام الثانية، يلاحظ أن المسؤولين الأمريكيين في الدفاع أصبحوا يتحدثون عن إعادة توظيف أفراد الجيش المنحل، في إطار جيش جديد. فقد أكد ولفويتز أثناء هذه الزيارة على الحاجة للإسراع بتشكيل جيش عراقي جديد وقوة للشرطة وحرس حدود وفيالق للدفاع المدني للمساعدة في إرساء الأمن في البلاد. أنصار الإسلام: العدوالرئيسي لرامسفيلد وعلى صعيد آخر، وفي تناقض صارخ مع ما يصرح به المسؤولون الأمريكيون في الجيش والدفاع، وما صرح به بول ولفويتز إثر استهدافه، قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن جماعة أنصار الإسلام العراقية التي دمرت القوات الأمريكية والكردية قاعدتها الأساسية قبل بدء حرب العراق أصبحت العدو الإرهابي الرئيسي للقوات الأمريكية في البلاد. وكشفا للتناقض الحاصل في الموقف الأمريكي الذي يشير بين الحين والآخر إلى ارتباطات المقاومة بتنظيم المقاومة، قال اللفتنانت جنرال نورتون شفارتز بالقوات الجوية الأمريكية للصحافيين، حسب ما تناقلته الوكالات الإخبارية، أنه لا يوجد دليل على أن أفرادا من هذه الجماعة الإسلامية التي يشتبه بأن لها روابط بأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الهارب شاركوا في التفجيرات الرئيسية في بغداد. إلا أنه أكد ما قاله مسؤولون أمريكيون آخرون من أن جماعة أنصار الإسلام استقرت الآن في بغداد وقال إن الجماعة أصبحت هدفا أساسيا للقوات الأمريكية. وقال شفارتز وهو مدير العمليات بهيأة الأركان المشتركة أعتقد أن انصار الاسلام... هي عدونا الارهابي المنظم الرئيسي في العراق الآن ونحن نركز مواردنا لذلك. وقال وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد في مذكرة الى مسؤولين كبار في وزارة الدفاع نشرها البنتاغون هذا الاسبوع اننا بدأنا لتونا الحرب ضد جماعة انصار الاسلام. وسئل شفارتز عما اذا كانت انصار الاسلام تعمل منفردة ام تنسق مع الموالين للرئيس السابق صدام حسين الذين تتهمهم واشنطن بشن هجمات متكررة على القوات الامريكية فقال هناك... بعض المؤشرات الى وجود بعض الصلات بين الموالين للنظام السابق وبعض الشخصيات البارزة في جماعة انصار الاسلام لكن بشكل عام يمكن القول انهم يعملون بشكل مستقل. تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية وموازاة مع التطورات على الأرض في العراق، تتصاعد الضغوط من الداخل على إدارة بوش لسحب القوات الأمريكية. فحسب ما ذكر موقع البي بي سي، خرج أكثر من 20 ألف مواطن أمريكي في تظاهرة نظمها وشارك فيها المعارضون للحرب على العراق، وطالب المتظاهرون الذين جابوا شوارع واشنطن وسان فرانسيسكو بإعادة الجنود الأمريكيين إلى ذويهم. وحمل المتظاهرون الذين قدموا من شتى أرجاء الولايات والمدن الأمريكية لافتات تطالب الرئيس جورج بوش بإعادة القوات الأمريكية من العراق. واتهم الخطباء الرئيس بالكذب واختلاق مبررات الحرب لغزو العراق، وأشاروا إلى أن الحرب توقع يوميا قتلى في الجانبين. كما دعت التظاهرة لوقف الحرب وإنهاء العنصرية، وسحب قانون الإرهاب، باتريوتك آكت، الذي جاء ردا على أحداث 11 شتنبر. واختار المنظمون موعد الخامس والعشرين من اكتوبر في ذكري مرور سنتين علي صدور القانون الوطني (باتريوت آكت) قانون مكافحة الارهاب الذي اقرته الولاياتالمتحدة بعد اعتداءات 11 شتنبر.2001 وافادت دراسة نشر معهد بيو نتائجها الثلاثاء ان 39% من الامريكيين يأملون في سحب القوات الامريكية من العراق في اسرع وقت في مقابل 32% في شتنبر. ولم يقتصر أمر الاحتجاجات على استمرارالاحتلال الأمريكي في العراق على أمريكا، فقد تجمع أكثر من 2000 متظاهر في العاصمة الكورية الجنوبية سول للاحتجاج على قرار الحكومة إرسال مزيد من القوات للمشاركة في ما يسمى إعادة إعمار العراق، وردد المتظاهرون هتافات تندد بالحرب وبالرئيس بوش. وفي البرتغال أيضا، احتشد مئات من دعاة السلام وسط العاصمة لشبونة للاحتجاج على قرار الحكومة البرتغالية إرسال سرية من الحرس الوطني إلى العراق. وقد دعت إلى التظاهرة 30 مجموعة منها أكبر نقابة للمعلمين وعدد من منظمات الدفاع عن حقوق المهاجرين التي سبق أن تظاهرت ضد التدخل الأمريكي في العراق. وخرج عشرة آلاف متظاهر في مسيرة سلمية في وسط مدريد الخميس احتجاجا علي مؤتمر للمانحين الدوليين لتمويل اعمار العراق منعقد في العاصمة الاسبانية. وردد كثير من المتظاهرين هتافات تصف الرأسماليين بأنهم اللصوص الحقيقيون وهتف آخرون مانحون لا.. بل لصوص . بل واعتبر البعض ممن تظاهروا أن انعقاد مؤتمر الدول المانحة بإسبانيا هو مصدر حرج لبلدهم أمام المنتظم الدولي وباقي الشعوب. في الوقت ذاته، أفادت صحيفة واشنطن بوست الجمعة الماضي ان لجنة مهمة في مجلس الشيوخ الامريكي ستوجه اتهاما الى اجهزة وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي آي ايه) مفاده انها بالغت في تصوير التهديد الذي تمثله اسلحة الدمار الشامل العراقية من اجل تبرير الحرب على العراق. وينتقد التقرير الذي هو قيد الاعداد، مدير المخابرات المركزية جورج تينيت، وبأنه ومسؤولي المخابرات بالغوا في تقديم المعلومات الامنية حول التهديد العراقي. ويشير التقرير الى استغراب اللجنة الامنية في مجلس الشيوخ من الطريقة التي تمت فيها صياغة الادلة عن التهديد العراقي، ويلاحظ ان تقرير الكونغرس الجديد يحاول صرف الانتباه عن البيت الابيض وتركيزه على المخابرات المركزية. ويبدو ان التقرير يتوافق مع موسم الانتخابات الرئاسية، وحسب مصدر في اللجنة فسؤال من يتحمل المسؤولية حالة الفشل بالعثور على الاسلحة العراقية المزعومة اصبح ملحا في الوضع الحالي، وفيما اذا كان الرئيس ام مدير مخابراته؟ ويتهم المكتب الذي أشرف عليه عدد من نواب دونالد رامسفيلد، بالانتقائية بالمعلومات الامنية، واستخدام المعلومات التي عززت موقف الحكومة الامريكية ودفعتها لغزو العراق. ونفى مدير المكتب ويليام لوتي هذه الاتهامات. ويتعرض روبرتس الجمهوري لضغوط كبيرة من الديمقراطيين اعضاء اللجنة، والذين يريدونه التركيز ايضا علي دور المسؤولين الامريكيين من جورج بوش، الي نائبه، ديك تشيني، ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد وغيرهم من الذين بالغوا بالحديث عن التهديد العراقي، بدلا من التركيز علي الاطراف البيروقراطية في الاجهزة الامنية. ع. الهرتازي