حذرت الحكومة السودانية معارضيها من تجاوز خطوط حمراء في ما يتعلق بمسألة الحريات العامة والانفراج الذي ساد في اعقاب اطلاق سراح الزعيم الاسلامي حسن الترابي الذي طالب بإجراء انتخابات مبكرة في البلاد، في وقت تجري احزاب المعارضة ترتيبا مشتركا لتنظيم اكبر مسيرة من نوعها خلال الاعوام الاربعة عشر الاخيرة غداً الثلاثاء احتفاء بمناسبة ذكرى ثورة اكتوبر/تشرين الاول التي اطاحت بالحكم العسكري الاول بقيادة ابراهيم عبود في العام 1964. وأكد الرئيس عمر حسن البشير حرص حكومته على كفالة الحريات لجميع القوى السياسية في البلاد، لكنه قال ان الحرية لا تعني الفوضى “ولا تعني تجاوز الخطوط الحمراء” بما يؤثر على أمن البلاد واستقرارها. وقال البشير في تصريحات نشرتها صحيفة “الخرطوم” السودانية المستقلة امس ان مسؤولية الحكومة ان تحافظ على الأمن مع بسط الحريات، داعيا المعارضة الى الالتزام بالقانون ونبذ العنف. واعتبر البشير ان لبلاده ظروفا خاصة، وأن تأمين مناخ الحريات يحتاج لالتزام من جانبي الحكومة والمعارضة، وأوضح ان واجب حكومته ان تصبر على الممارسة وأن تتيح حرية التنطيم والتعبي،ر ومن واجبها ايضا ان تدرأ الفتن وتوقف الاختراقات الامنية وكل ما من شأنه زعزعة الاستقرار والتحريض على العنف، مشددا على ان واجب القوى السياسية المعارضة ان تكف عن كل ما يهدد أمن البلاد. ودعا البشير اجهزة الاعلام السودانية الى الاضطلاع بواجبها بعيدا عن الاثارة والفتنة. وكان الترابي قد دعا الى اجراء انتخابات مبكرة في جميع انحاء البلاد لتأمين أي اتفاق سلام يجري حاليا اعداده مع حركة التمرد الجنوبية. وقال الترابي الذي يترأس حزب المؤتمر الوطني الشعبي والذي كان في السابق منظراً لحكومة البشير ان الانتخابات اساسية لمنع انفصال الجنوب. وأضاف الترابي البالغ من العمر 70 عاما ل “رويترز” وصحيفة “الخرطوم” السودانية الليلة قبل الماضية في منزله بالخرطوم انه يتعين ان تكون الانتخابات في اسرع وقت ممكن. وأوضح انه يتعين ألا يكون الحكم مركزيا في السودان اكبر دولة افريقية من حيث المساحة والذي توجد فيه جماعات عرقية عديدة. وأضاف ان السودان اضخم من ان يحكم من مركز واحد. وتابع ان حكومة البشير شوهت افكاره بشأن تطبيق الشريعة. وقال انه يتعين ان يقوم افراد وليس الحكومة بتحديد معظم القوانين، بما في ذلك ما يتعلق بحرية العبادة وشرب الخمر التي تحرمها الشريعة. وقال الترابي انه يريد الحرية للجميع حتى لأولئك الذين يهاجمون الاسلام ما دام هجوما شفويا او كتابة ثم الديمقراطية لكل الناس. الى ذلك شرعت قوى المعارضة مجتمعة في تحضيرات واسعة ومكثفة لقيام احتفالية كبيرة غدا الثلاثاء في الميدان الشرقي لجامعة الخرطوم احياء لذكرى ثورة اكتوبر/تشرين الاول التي اطاحت بحكم الرئيس السوداني الاسبق ابراهيم عبود في العام 1964 وهي الاحتفالية التي وصفها معارضون بأنها ستكون من اكثر أمسيات المعارضة السياسية التهابا. وقال معارضون ان الاحتفال المنتظر سيضع حكومة البشير أمام اختبار حقيقي بعد اعلانها اطلاق الحريات العامة مؤخرا وكشفوا عن اجتماعات متواصلة للمعارضة منذ ايام من اجل التحضير للحدث. وتوقعت المصادر ان تنتهي الاحتفالية المرتقبة بإعلان مشترك يضع مسألة السلام كمحور استراتيجي بجانب الاتفاق على خطاب موحد لأمهات القضايا على ان يقرر صندوق الانتخابات في المسائل الخلافية كل حسب طرحه، وينتظر ان تتبنى المعارضة طبقا للمصادر الدعوة لمؤتمر دستوري جامع يعقب ابرام اتفاق السلام النهائي. وأكد القيادي في الحزب “الاتحادي الديمقراطي” المعارض محمد سيد احمد سر الختم ل “الخليج” ان الاحتفال سيخاطبه لأول مرة عبر الهاتف زعيم حركة التمرد الجنوبية جون قرنق من نيفاشا الى جانب رئيس التجمع المعارض محمد عثمان الميرغني ورئيس الوزراء الصادق المهدي والزعيم الاسلامي الدكتور حسن عبدالله الترابي. وتوقعت مصادر في “حزب الامة” المعارض ان يحضر المهدي خصيصا الى الخرطوم من اجل المشاركة في الاحتفال، فيما نادى معارضون بأهمية خروج زعيم الحزب الشيوعي المختفي محمد ابراهيم نقد ليكون ضمن الرموز الحزبية التي ستحيي ليلة اكتوبر/تشرين الاول. صحيفة الخليح" الإماراتية، عدد الاثنين، 20 تشرين الاول، 2003