أجمع المشاركون في اللقاء الدولي للنسيج والألبسة على ضرورة العمل على تجاوز المعوقات الأساسية التي يعرفها هذا الميدان، والاعتزاز بالمقومات المغربية الأصيلة والمؤهلات الاقتصادية دون أدنى مركب نقص اتجاه أي طرف... كما تميز هذا اللقاء، الذي نظم بمراكش الجمعة الماضي من طرف الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة (ءحةشب)، بالحضور القوي لممثلي قطاع النسيج والألبسة بالمغرب وفرنسا، وبحضور الوزير الأول إدريس جطو وعدة خبراء أجانب. وكان اللقاء فرصة لتعميق النقاش حول مسائل جوهرية، إذ اعتبر أغلب المشاركين أن إيجاد حلول لقطاع النسيج يتمثل أساسا في تخطي نقص المنتوج المصنع كليا في ظل غياب نماذج للألبسة خاصة بالمقاولات المغربية، وتطوير التجهيزات التقنية واعتماد على مواد أولية غير مستوردة، وتأهيل والرفع من كفاءة الشغيلة على صعيد الخلق والإبداع، كما تم التأكيد على أنه بات ضروريا التفكير في حل لجملة من الصعوبات، أبرزها: ضعف القدرات التسويقية وتمركز الصادرات المغربية في الأسواق الأوروبية، وغياب تكاملية القطاع بعدم التوفر على أثواب ذات جودة مناسبة، وقلة المواد التكميلية التي ترفع من جودة المواد المصنعة محليا، والمنافسة الحادة للبلدان الآسيوية التي تنتج بسعر أرخص، بالإضافة إلى الرفع من مستوى الإنتاجية على مستوى الأفراد، وتوفير التجهيزات الملائمة لإنتاج الأثواب، بيد أن ارتفاع أسعار الطاقة والنقل يبقى معوقا لا يستطيع أحد تجاوزه كما تدول في اللقاء. وحاول المتدخلون الإجابة عن أسئلة محرجة تهم تسارع وتيرة العولمة، خاصة في قطاع النسيج، نتيجة انهيار نظام الكوطا سنة 2005 ودخول الصين في عضوية المنظمة الدولية للتجارة، علما أن التنافسية الصناعية تعتمد أساسا على مؤهلات داخلية وعوامل خارجية لا يمكن إغفالها، وتطرق الحاضرون إلى مشاكل المناولة (*) وضرورة الانتقال إلى صنع المنتوج كاملا، أما موضوع الموضة والإبداع فلم يفت بعض المتدخلين الإشارة إلى ضرورة الاعتماد على تاريخ المغرب وثقافته مع الانفتاح على الآخر دون الذوبان فيه... وبخصوص أهم نقاط القوة في الاقتصاد الوطني في قطاع النسيج، يرى المهتمون أنها تتمثل في الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل 85 % من النسيج الصناعي، وتمتاز بمرونة كبيرة وكفاءة يدها العاملة، وتمكنها من التكيف وسرعة التأقلم لمواجهة تغيرات السوق الدائمة، وتستفيد من قربها من السوق الأوروبي، ومن بنية تحتية موجودة وبأسعار منافسة في تطور دائم نتيجة إنشاء صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورغم أن الاستهلاك الداخلي في ارتفاع مطرد بالإقبال على الألبسة الجاهزة فإن عددا من مهنيي القطاع ما زالوا يعتمدون فقط على أسواق خارجية لتسويق المنتجات عالية الجودة. وجدير بالذكر أن المغرب أقدم على سياسة تحرير رافقتها مجموعة من الإجراءات الموازية شملت تتميم الإصلاح المالي والإطار القانوني للأعمال، ولكن يخشى أن تكون ,2010 سنة إلغاء الحواجز الجمركية، في غير صالح المغرب إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذا التحدي، خاصة وأن المقاولة المغربية ما يزال أغلبها يعمل ضمن شركات عائلية تسير بشكل تقليدي، كما أن القطاع سيواجه تحديا خطيرا في حالة توقيع المغرب اتفاقية التبادل الحر وتطبيق مبدإ التبادلية على القطاع، وهو الأمر الذي ما يزال المغاربة يتحفظون بخصوصه، شأنه في ذلك شأن القطاع الفلاحي. من بين المفارقات العجيبة التي سجلها أحد المشاركين في تصريح ل التجديد تساؤله كيف يعقل أن الدول الأسيوية وخاصة الصين تصنع ملابس عربية ذات جودة عادية وتبيعها في السوق العربي، خاصة في دول الخليج بدون منافس تقريبا في حين أن الدول العربية ومن بينها المغرب تجاهد نفسها من أجل صنع موديلات غربية ذات جودة عالية بتكلفة عالية وبربح أقل نتيجة تمركز الصادرات في الأسواق الأوروبية. يشار إلى أن هذا اليوم الدولي المنظم بمراكش يأتي في إطار الأسبوع الدولي للألبسة والنسيج، الذي استمر من 13إلى 17 من الشهر الجاري، وشهد خلاله المغرب عقد أربع تظاهرات كان أولها معرض بالدار البيضاء ما بين 13و15 أكتوبر، وركز على تقديم عروض موسعة حول المواد وتقنيات الإنهاء وإكسسوارات خدمات النسيج ، قبل أن ينظم معرض آخر خاص بالألبسة الجاهزة المغربية جمع أزيد من 200 مصنِّع. عبد الغني بلوط (*) المناولة: تكليف شركة ما شركة أخرى بصنع منتوج من منتوجاتها أو أداء خدمة من خدماتها.