لم يجد عنصريو فرنسا مرة أخرى غير قبور المسلمين الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية لأجل التعبير عن حقدهم للإسلام والمسلمين الموجودين في أوروبا وفي فرنسا ، حيث اكتشف ليلة الجمعة الماضية خمسة عشر قبرا لمسلمين موشومة بعلامات عنصرية عبارة عن صلبان معكوفة وعلامات SS مكتوبة بمداد بني،و تم ذلك بمقبرة عسكرية بكرونبورغ ضاحية مدينة ستراسبورغ .وليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها قبور جنود مسلمين في منطقة الألزاس شرقي فرنسا، إذ استهدف "نازون جدد" خمسين قبرا لجنود مسلمين في نفس المقبرة يونيو الماضي وحطموا شواهد سبعه منها. وذكرت مصادر صحفية فرنسية متعددة نقلت الخبر أن العلامات المكتوبة على القبور وعبارة HVE JUNIOR تدل على منفذيها "النازين الجدد" وهو شعار مجموعة عنصرية تفككت منذ 1993بسبب علاقاتها بمنظمات النازية الجديدة الأوروبية خاصة في ألمانيا. وقد عبر الوزير المنتدب المكلف بشؤون قدماء المحاربين عن سخطه تجاه هذا الشكل من أشكال الكراهية، قائلا إنه لا يمكن تحمله خاصة أنه يمس جنودا قدموا أغلى التضحيات للدفاع عن حرية فرنسا، في إشارة إلى مساهمة هؤلاء الجنود إلى جانب فرنسا في الحرب العالمية الثانية، و مشيرا إلى تضامنه مع المسلمين وجمعيات قدماء المحاربين،كما أدانت وزارة الداخلية الحادث بشدة في بلاغ لها على لسان الوزير دومينيك دو فيليبان، وأوضح الوزير أن وسائل أمنية سوف تستعمل من أجل تحديد هوية المجرمين ومتابعتهم قضائيا، معبرا عن تضامنه كذلك مع الجالية المسلمة في فرنسا وجمعيات قدامى المحاربين الذين تأثروا بهذه الحادثة التخريبية. وأبان المجلس الجهوي للدين الإسلامي بمنطقة الألزاس عن استنكاره الشديد لهذه الحادثة الخطيرة ،مذكرا أن رد الفعل الحكومي يجب أن يكوم حازما ، حيث عبر عبد اله بوسوف نائب رئيس المجلس وإمام مسجد ستراسبوغ عن استيائه من الحادث وناشد السلطات الفرنسية اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من ظاهرة العداء للمسلمين أو ما أصبح يعرف بالإسلاموفيبيا، كما نادى بوسوف الرئيس الفرنسي جاك شيراك شخصيا والوزير الأول العمل من أجل وضع حد لما يتعرض له المسلمون في فرنسا، مضيفا أن الأمر لا يقتضي إدانة عابرة فقط ، وإنما فعلا ملموسا لأن الحادثة ليست معزولة أو نادرة ،بل إن الأمر مدبر مع سيق الإصرار والترصد ضد الجالية المسلمة في فرنسا. وتأتي هذه الحادثة لتذكر الحكومة الفرنسية أن المسلمين والعرب ليس من يجب اتهامهم مجانيا في أعمال عنصرية ، وليعرف الجميع أنهم هم المستهدفون الأكثر من مثل هذه الأعمال من أي ديانة أخرى وإن كان صوتهم لا يصل دائما إلى وسائل الإعلام إلا عندما يتعلق الأمر بحادثة خطيرة مثل هده ، خاصة وأن حوادث مماثلة كثيرة وقعت طيلة السنة الجارية استهدفت مواقع إسلامية ،سواء بالقيام بعمليات تخريب وتدنيس المقابر من قبل جهات مجهولة، ففي بداية إبريل 2004 قام عدد من "العنصريين" بتدنيس مقابر للمسلمين في المقبرة العسكرية ب"كرونومبورج" باستراسبورغ، حيث رسموا على 4 مقابر للمسلمين صلبانًا معقوفة أو بتعرض المساجد لكتابات عنصرية كمسجد "السلطان أيوب" بمنطقة مينو باستراسبورغ الذي تعرض في إبريل 2004 إلى اعتداءات عنصرية، حيث كتب مجهولون على واجهته عبارة "الموت للعرب". كما نذكر جميعا الأحداث الإجرامية ضد المسلمين في جزيرة كورسيكا الفرنسية التي تطالبهم بالرحيل فورا. من جهة أخرى ، وفيما لم تستطع السلطات في استراسبورغ حتى الآن التوصل إلى مرتكبي الانتهاكات المتكررة ضد المسلمين، ظهرت أصوات متأخرة تنادي بتطبيق قانون يقضي تعوض العدالة والشرطة كل من تعاون معها من أجل تقديم معلومات عن المجرمين في قضايا عنصرية مثل هذه ،و اقترح أدريان زيلير رئيس المجلس الجهوي لمنطقة الألزاس مبالغ مالية على كل من قدم معلومات حول منفذي هذه العمليات ، مشيرا إلى ضرورة تفعيل هذا القانون الفرنسي غير المطبق إلى حد الآن والذي صوت عليه مارس الماضي. عبد الغني بلوط/التجديد/فرنسا