نحو 2,5 مليون من المغاربة المقيمين بالخارج يعودون إلى الوطن خلال العطلة الصيفية، وهو ما يسهم في تحريك العجلة الاقتصادية بالبلد، لاسيما أن تحويلات المغاربة تشكل المصدر الأول للعملة الصعبة بالمغرب خلال السنة الماضية حيث بلغت 58 مليار درهم. وبلغت تحويلات الجالية خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة 2012 حوالي 22,4 مليار درهم بارتفاع ناهز 2 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية.لكن دراسة سجلت أن 75,5 من المهاجرين غير رادين على الجانب المالي والبنكي بالمغرب، مقابل 2,7 أظهروا العكس، وأن 87 في المائة منهم أعربوا عن عدم ارتياحهم بخصوص الإدارة المغربية. جالية تضاعف عدد المغاربة المقيمين بالخارج منذ سنة 1998 من مليون و662 ألف إلى 3 مليون و716 ألف اليوم، مع العلم أن إحصائيات دول الإقامة تفوق إحصائيات القنصليات المغربية (مثلا بإسبانيا تشير إحصائيات القنصليات إلى 612 ألف مغربي وإحصائيات الدولة الإسبانية إلى ما يفوق 800 ألف مغربي)، حسب ما أكدته مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية التابعة لوزارة الخارجية. وتشكل تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج المصدر للعملة الصعبة بالمغرب خلال السنة الماضية، حيث بلغت 58 مليار درهم، و 54 مليار درهم خلال سنة 2010، 70 في المائة من هذه التحويلات موجهة لاستهلاك الأسر. وبلغت تحويلات الجالية خلال الخمسة أشهر من سنة 2012 حوالي 22,4 مليار درهم بارتفاع ناهز 2 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. وتلعب الجالية المغربية دورا كبيرا على المستوى الاقتصادي سواء فيما يتعلق بالتحويلات المالية أو دورها التنموي داخل البلد الأصلي على صعيد الاستثمارات والحركة التجارية. وتبرز أهمية الدور الاقتصادي للجالية على المستوى البنكي أو العقاري أو التجاري، حيث أن 15% من زبناء العمران هم مغاربة العالم. كما تبرز تلك الأهمية في إنعاش الحركة التجارية بعدد من المدن المغربية خلال موسم قدوم الجالية. وكشف استطلاع للرأي أنجزه مجلس الجالية المغربية بالخارج أن عدد المغاربة المقيمين بالخارج الذين يمتلكون عقارا أو هم في طور اقتنائه بأوروبا وفي المغرب متواز حاليا (37 في المائة تقريبا). كما أن 13 في المائة منهم صرحوا أن لديهم مشاريع تجارية خاصة بهم أو أسهما في نشاط اقتصادي في بلد الإقامة مقابل 6 في المائة فقط يتوفرون على مشاريع أو أسهم في المغرب. ويحاول العديد من أفراد الجالية الاستثمار بالمغرب على الرغم من الصعوبات التي تعترضهم، وهو ما يقتضي الحد من هذه الصعوبات حتى يتسنى للمغرب استقطاب رؤوس أموال مواطنيه. مشاكل كشفت دراسة لمركز الدراسات الاجتماعية والاقتصادية والتدبيرية أن 75,5 من المهاجرين غير رادون على الجانب المالي والبنكي بالمغرب، مقابل 2,7 أظهروا العكس، و87 في المائة أعربوا عن عدم ارتياحهم بخصوص الإدارة المغربية. ويجد المهاجرون العديد من العراقيل عندما يريدون الاستثمار بالمغرب، وتتعلق هذه الصعوبات بالجانب الإداري أو القانوني أو المالي. وحسب كمال رحموني، رئيس جمعية العمال والمهاجرين المغاربة بالخارج، فإن هناك غياب رؤية شاملة لموضوع التحفيزات المقدمة للجالية المغربية المقيمة بالخارج من أجل الاستثمار بالمغرب، مضيفا أن الأمر يقتصر على النوايا والتصريحات، وليس هناك مساطر واقعية. وأوضح الرحموني أن الأزمة المالية جعلت من الصعب على المهاجرين بإسبانيا الاستثمار بالمغرب خلال السنة الحالية والقادمة، فضلا عن أن عددا من تجارب المهاجرين الذين استثمروا بالمغرب فشلوا في ذلك، وآخرين نجحوا. وأرجع الرحموني فشل المهاجرين إلى غياب التسهيلات لأن المهاجر يعتبر مثل الأجنبي، وأحيانا التحفيزات التي تقدم إلى الأجنبي أكبر من التي تقدم إلى المهاجر. وأضاف أن هناك العديد من التعقيدات؛ بسبب تداخل الاختصاصات بين العديد من الوزارات، وتتمثل في وزارات الجالية والمالية والخارجية. مخطط أكدت الوزارة المكلفة بالجالية المغربية بالخارج أنه من بين محاور مخطط عمل الوزارة برسم سنة 2012، عقلنة التسيير وتحديث أساليب العمل وتحسين الحكامة في مجال التدبير العمومي لشؤون المغاربة المقيمين في الخارج. واعتبرت الوزارة أن المخطط يهدف إلى إدماج محور مغاربة الخارج في مختلف السياسات القطاعية. وبخصوص تعبئة مغاربة العالم للمشاركة في أوراش التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، فإن الوزارة سوف تطلق عملية مواكبة للمستثمرين المغاربة المقيمين في فرنسا، في إطار برنامج دعم إنشاء مقاولات صغرى ومتوسطة، وعقد شراكة إستراتيجية مع مؤسسة إنشاء المقاولات التابعة للبنك الشعبي لتقديم كل الدعم والمساندة لحاملي المشاريع من مغاربة العالم في كل مناطق المملكة، والعمل على التخفيض من تكلفة التحويلات المالية لمواطني المهجر إلى المغرب. وقال عبد اللطيف معزوز الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج، إن مغاربة المهجر يساهمون بشكل كبير في جميع الأوراش (السياسية والاقتصادية والاجتماعية) التنموية بالمغرب، مبرزا أن الحكومة تعتبر أن الكفاءات المغربية بالخارج مساهم أساسي في هذه الجهود. وقال معزوز، في تصريحات صحفية «إننا نرغب في الاستفادة من مختلف التجارب ومحاولة توسيع نطاقها، دون إغفال المشاركة السياسية. نرغب في أن يتعبأ المغاربة المقيمون بالخارج أيضا في إطار هذه الدينامية الخاصة بالتمثيلية والمساهمة في تدبير الشأن العام في المغرب».وفي ما يتعلق بالقضايا التي تشغل بال المغاربة المقيمين بالخارج، تطرق معزوز إلى خمس محاور تتطلب عملا عميقا، وعلى الخصوص الحفاظ على حقوق المغاربة المقيمين بالخارج في الدول التي يقيمون فيها وفي المغرب، والعمل على جعل المغاربة يندمجون بشكل جيد في بلدان الاستقبال، وذلك بدون الانسلاخ عن بلدهم الأصلي، وكذا مشاركتهم في جميع أوراش التنمية والحكامة. وفي ما يخص الأزمة الاقتصادية الحالية، أكد الوزير الإرادة الراسخة للتعاون مع المسؤولين الحكوميين لبلدان الاستقبال بهدف الحد من الآثار السلبية لتلك الأزمة. وحسب معزوز، الذي أكد أنه تمت برمجة 60 رحلة يومية من أجل ضمان نقل المغاربة المقيمين بالخارج بين جنوباسبانيا وشمال المغرب، فإن المملكة تستعد، وعلى مدى خمسة أشهر من بداية ماي الماضي وإلى نهاية شتنبر المقبل، لاستقبال نحو 2,5 مليون من المغاربة المقيمين بالخارج.