اختتمت أشغال الندوة الأولى للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة مساء يوم الثلاثاء بالرباط، بالتداول بشأن عدد من القضايا المرتبطة بالنجاعة القضائية والولوج إلى العدالة والوساطة. ودعا المشاركون إلى إنشاء أقسام للوساطة بمحاكم الأسرة لإعمال مسطرة الصلح في قضايا الأسرة تعمل بشراكة مع المجالس العلمية المحلية وجمعيات المجتمع المدني، موضحين أن اللجوء إلى الوساطة في مثل هذه الحالات من شأنه أن يقود إلى تحقيق النجاعة القضائية وأن يخفف العبء على المحاكم، وذلك في أفق إبداع صيغ وبدائل قبل اللجوء إلى التقاضي. اليوم، وبعد الارتفاع الذي تعرفه نسب التطليق للشقاق بالخصوص(ولو بشكل طفيف) فمن الضروري أن تحضى الوساطة القضائية لإصلاح ذات البين في محاكم الأسرة باهتمام كبير على اعتبار أنها تمثل آلية مهمة من شأنها تدبير الخلافات الأسرية، والحد من التفكك الأسري، لاسيما وأن التطليق للشقاق صار من أكثر المساطر القانونية التي يتم اللجوء إليها من أجل إنهاء العلاقة الزوجية كونه مسطرة سهلة وسريعة. وإن كانت مدونة الأسرة قد نصت عليه (التطليق للشقاق)من أجل إنصاف بعض النساء من جبروت بعض الأزواج، فقد تحول اليوم -للأسف- إلى قنبلة موقوتة تهدد استقرار الأسر، فقد كشفت معطيات رسمية لوزارة العدل والحريات أن عدد رسوم الطلاق بلغ 23 ألفا و 546 بارتفاع طفيف سنة 2011 مقارنة مع السنة التي قبلها حيث بلغ 22 ألفا و 452. نصت مدونة الأسرة منذ سنة 2004 في المادة 94 وما بعدها، على هذا النوع من التطليق تسهيلا لإجراءات التطليق، حيث تحيل المحكمة بعد الجلسة الأولى الملف على مكتب القاضي المقرر لإجراء محاولات الصلح بين الطرفين بحضور مجلس العائلة، إلا أن التطبيق العملي للمدونة-حسب مهنيي القطاع- أثبت أنه من الصعب على هذا القاضي، أن يوازي بين تطبيق القانون، وممارسة عملية الوساطة والصلح التي تحتاج إلى خبرة واسعة، ونفس طويل في غياب هيئة خاصة تؤدي هذه المهمة، هذا بالإضافة إلى الصعوبات المتعلقة بتراكم ملفات الطلاق، وضعف الموارد البشرية وغياب الفضاءات الملائمة...، مما يجعل مسطرة الصلح مسألة شكلية غالبا ما تنتهي إلى الفشل. أوضحت تسع سنوات من تفعيل مقتضيات مدونة الأسرة الجديدة، ارتفاع الإقبال على مسطرة التطليق للشقاق من طرف الزوجات بنسبة تفوق 87 في المائة، عوض اللجوء إلى باقي مساطر الطلاق الأخرى، وبالتالي فالنص القانوني وحده ليس بقادر على أن يؤلف بين أطراف العلاقة الأسرية، مما يفرض على الوزارة المعنية التعجيل بإشراك المجالس العلمية المحلية وجمعيات المجتمع المدني للحد من التفكك الأسري.