اعتبر محمد بوزلافة أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس، أن الريع الاقتصادي أحد أهم أشكال الفساد الذي يواجهه الاقتصاد المغربي، وتساءل المتحدث خلال ندوة علمية حول «الحماية القانونية للمال العام»، نظمها المكتب الجهوي لودادية موظفي العدل بفاس، مساء الجمعة الماضية، -تساءل-، «هل من الممكن في ظل الأزمة العالمية والظروف الوطنية الصعبة، الحديث عن هدر المال العام عن طريق توزيع امتيازات دون القيام بأي مجهود، علما أن المال صعب المنال انطلاقا من العمل؟»، وفي تعريفه لاقتصاد الريع، قال بوزلافة، «هو دخل ناتج عن مرجعية دون مرجعية العمل، أي أنه دخل بدون مجهود، وهو غير مشروع انطلاقا من كل المرجعيات الدينية والقانونية ومرجعية المواثيق الدولية»، واعتبر مرجعية الدستور الجديد، إعلانا صريحا للقطيعة مع اقتصاد الريع، انطلاقا من اعتماده على مبادئ الحكامة الجيدة، والمساواة بين المواطنين خاصة في المجال الاقتصادي. ونوه المتدخل ب»الرغبة الحكومية في القضاء على هذا الريع». وفي تقديمه للحلول والمناهج والأدوات الممكنة للقضاء على الظاهرة والتفكير في المستقبل بجدية، قدم المتدخل مجموعة من الإجراءات حددها في ثمانية، من بينها، أجرأت الرغبة الحكومية في محاربة اقتصاد الريع بتخليق المدخل الاقتصادي، ثم «ضرورة تقديم الدولة لجرد مفصل لجميع القطاعات التي من خلالها يتم الاستفادة دون ضوابط قانونية»، واعتبر أن التصريح بالممتلكات في جميع المؤسسات والقطاعات مدخلا ضروريا للإصلاح، وقال «لا يمكننا تفعيل الديمقراطية والتعددية دون أن تكون هناك شفافية واضحة في الممارسة الاقتصادية، فما تم القيام به اليوم من إشارات أولى مهمة، يجب أن تتبعه برامج واضحة ودالة على رغبة الدولة في التخليق من خلال مدخلي المحاسبة وعدم التسامح مع المفسدين»، وأضاف قائلا، «لا يمكن إصلاح الاقتصاد والقضاء على اقتصاد الريع دون إصلاح العدالة». وفي سياق متصل، ذكر عبد القادر قرموش، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس، بكرونولوجيا نظام الملكية بالمغرب منذ الحماية إلى الآن، وتحدث أيضا عن الحماية المدنية للمال العام والتي تتمثل في مجموعة من الموانع والقيود القانونية التي تطال الأيادي المتطاولة عليه، ثم الحماية الجنائية التي حددها في مجموعة من القواعد، كعدم قابلية المال العام للحجز، واعتبار المال العام يحوز ولا يحاز عليه. بينما اعتبر عدنان متفوق، قاض بالمحكمة الابتدائية بتاونات، أن «القضاء هو المسؤول الأول والأخير عن حماية المال العام، باعتباره الدعامة الأساسية لكل سلطة تنفيذية»، ويرى المتحدث أن المجلس الأعلى للحسابات يلعب دورا مهما في هذا المجال، وحدد مهامه في نشر أعماله وتقاريره ليتمكن المواطنون من التتبع، وليكون الرأي العام قوة ضاغطة لتنفيذ توصياته، وتحدث أيضا عن مهمة المراقبة والمتابعة للتصريح بالممتلكات ومتابعة مصاريف الحملات الانتخابية للأحزاب، ثم رفع تقارير سنوية إلى الملك ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان. في ما رأت حليمة أعزاز، عن اللجنة التنظيمية للندوة، أن هذه الندوة جاءت في سياق دستور جديد يربط المسؤولية بالمحاسبة للحفاظ عن المال العام وحمايته، وفتح نقاش علمي وجدي في الموضوع الذي يعرف راهنيه الآن على المستوى الوطني.