أجمع المشاركون في الملتقى الثالث للسيرة النبوية، بمدينة الحاجب، خلال اليومين الماضيين، على أن «الإصلاح حاجة إنسانية مجتمعية ماسة»، و»رؤية الإصلاح يجب أن تتأسى بمنهج الاقتداء بفهم إبداعي يقوم على جوهر التأسي والعمل على تأصيل الرؤية الإصلاحية». الملتقى المنظم من طرف، المجلس العلمي المحلي لإقليم الحاجب، خصص له هذه السنة، موضوع الهدي النبوي وقيم الإصلاح، تحت شعار «مركزية الدين في عملية الإصلاح»، من خلال محورين، «معالم الرؤية الإصلاحية في السيرة النبوية»، ثم «الهدي النبوي واستلهام قيم الإصلاح».وفي عرض له حول إصلاح التصور العقدي من خلال الهدي النبوي، قال محمد العمراوي، رئيس المجلس العلمي لسيدي سليمان، إن «الفعل النبوي منصبا بالدرجة الأولى على تصحيح التصور، عن خالق الكون وحقيقة الوجود وغاية الوجود».من جهة أخرى، تحدث يوسف العلوي، من خلال مداخلة له بعنوان «نظرات في الهدي التربوي النبوي»، عن «دعامة التربية النبوية»، وقال إنها تتمثل في تصحيح الإيمان وترسيخ التعبد وتكميل الأخلاق وتوضيح الجهاد، واعتبر ذات المتحدث، أن مراحل التربية النبوية تقوم على إصلاح القلوب وإصلاح الأحوال وإصلاح الأعمال، والبدئ بالفرد فالأسرة ثم الجماعة، كما أكد على وسائل التربية النبوية، ومنها القدوة والمباشرة والموعظة والسؤال والرحمة والرفق، ويرى العلوي، أن أهداف التربية النبوية يجب أن تقوم على أساس تخريج عبد الله الفقيه الحكيم المجاهد. وتطرق مصطفى فوضيل، إلى خصائص المنهج النبوي في الإصلاح مطلع البعثة، معتبرا أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يعرف مقدار ما يواجهه من التحديات والتكاليف ليقابلها بما يناسبها من الوسائل والأدوات، ويرى فوضيل، أن الدعوة الإصلاحية للنبي صلى الله عليه وسلم، ردود أفعال مختلفة، أبرزها «استنكار طبقة المفسدين والمستكبرين، فكان بذلك بداية لسلسلة من المواجهات الفكرية والميدانية مع مختلف طبقات المجتمع ومكوناته سعيا إلى إصلاحه وانتشاله من الجاهلية، إلى أن جاء نصر الله ودخل الناس في دين الله أفواجا». أما الناجي الأمجد، فاعتبر أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم في التواصل مدرسة قائمة، ونظرية متكاملة بكل المقاييس، وحاول النجي في مداخلته تقديم نماذج بنوية في التواصل السلوكي والتذوق الإنساني، من أجل استجلابها وتقريبها من الدارس والسالك درب الهدي النبوي. وأخيرا، ركز عبد الواحد الحسيني، في مداخلة له حول معالم المنهج الإصلاحي في العهد النبوي، على أولى الدعائم التي اعتمدها الرسول صلى الله عليه وسلم في برنامجه الإصلاحي، والتنظيم للأمة وللدولة والحكم، ومن بينها «الاستمرار في الدعوة إلى التوحيد والمنهج القرآني»، و»بناء الأسس الاجتماعية والاقتصادية والإعلامية»، منها الاستقبال الكريم الذي خص به الأنصار المهاجرين، والتسابق إلى الإيواء واحتمال الأعباء، ومحاربة الاحتكار والتحكم في الأسعار والسلع، واستغلال حاجة الناس، ونشر آداب الإسلام في عالم التجارة.