يؤكد صفوت حجازي بحزم متناهي أنه لم يكن هناك أي مخطط لثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 أو أي ترتيبات مسبقة، كما قال في حواره مع التجديد أنه لم يكن هناك أي تنظيم أو ترتيب لهذا الأمر، وأردف بالقول - من يزعم أنه كان مخططا أو هو المشرف أو المنظم لهذه الثورة، فليس على صواب- وقال أحد أبرز الزعماء الميدانيين لثورة 25 يناير - نعم فقد كانت هناك ممهدات كثيرة لحالة غضب أو انفجار معين لكن لا أحد كان يتوقع أن يتحول الأمر إلى ثورة ... وتسائلنا حول إمكانية عودتنا للبيوت أو القبض علينا، لكن وبشكل قطعي لم نكن نتوقع سقوط الرئيس حسني مبارك بهذه الطريقة-، الداعية والسياسي صفوت الذي حاروته التجديد على متن سيارته وهو في الطريق بين تجمع انتخابي بمنطقة عين شمس والسد العالي وقناة –الناس- لتسجيل إحدى حلقاته الدعوية، قال إنه لا فصل بين الدعوي والسياسي وأن من يقول بذلك إنما يريد تحييد العلماء عن الحياة العامة. في هذا الحوار الحصري لتجديد يناول صفوت حجازي ما تعرفه الفتاوي من موضوة في الآونة الاخيرة كما يعلق على النماذج المختلفة من الدعاة ويحدد ما يعتبره معايير أساسية للداعية والعالم كما يشير إلى رؤيته لموضوع نهضة الأمة وضرورة تعدد وتكامل مدخلاتها كما لم تفته الإشارة إلى تاكيد دعمه للمرشح الغخواني محمد مرسي. ● نزلت قبل قليل من منصة مهرجان للدعاية الانتخابية لمرشح الإخوان المسلمين بمصر وقد عرفت قبل أحداث غزة 2009 و ثورة 25 يناير بالرجل الداعية فكيف تنظر إلى ثنائية العمل السياسي والدعوي بين من يطالب بالتمايز ومن يرى بالتماهي ومن يدفع في اتجاه الفصل التم بين المجالين؟ ❍ ليس هناك فرق بين الدعوة والسياسة، فهما وجهان لعملة واحدة وهي المتجسدة في المسلم المتكامل الذي يعنيه أمر وطنه وأمر دينه وكذلك أمور المسلمين كلها، وهنا يقول عز وجل =قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين = وبالتالي فأعتقد أنه لا فرق بين الدعوة والسياسة، بشرط أن لا نتكلم إلا في ما نعلم ونعرف، فمجال الدعوة واسع جدا ولا يصح إطلاقا أن يتكلم أي شخص ويقول أنا داعية ولا يصح للداعية أن يتكلم في كل فروع العلم إلا إذا تكلم في ما يعلم، وكذلك السياسة فهي مجال واسع جدا، فلا يجوز لأحد أن يتكلم في أمور السياسة إلا في حدود ما علم وفهم وجرب، وهذا هو رأيي في موضوع الدعوي والسياسي، وأوأكد بهذا الخصوص أن من يقف وراء الدعوة إلى فصل الدعوي عن السياسي إنما يروم تحييد دور العلماء من الحياة السياسية وأن لا يكون لهم دور قوي في صفوف القواعد الشعبية أو لا يكون لهم تأثير في المجتمع حتى لا يميل الناس معهم إلى آرائهم السياسية، وبالتالي فأنا أظن أن تحييد العلماء والدعاة من معارك المجتمع الكبرى هو الهدف الواقف وراء مثل هذه الدعوات إلى فصل الدعوي عن السياسي. ● في موضوع نهضة الأمة وإصلاح أوضاعها طرحت مشاريع مختلفة منذ أن طرح سؤال لماذا تقدم الغرب وتأخرنا؟ فهناك من قال بالعمل التربوي الوعظي كمدخل للتغيير والإصلاح وبين من قال بالمدخل السياسي وغيره، لا أدري ما رؤيتكم على هذا المستوى؟ ❍على هذا المستوى أقول أن هذا هو الجديد عند الإخوان في مصر وهذا تحديدا ما يحمله الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين لرئاسة مصر إن شاء الله، والأمر هنا يتعلق بمشروع النهضة الذي يجمع بين كل هذه الأمور والمداخل التي ذكرتها من عمل تربوي وسياسي وغيرهما، فلا يمكن للنهضة أن تكون هي فقط مجرد عمل سياسي أو إصلاح دعوي أو إصلاح تربوي فمن المستحيل من وجهة نظري أن تتم النهضة بالاعتماد على واحد فقط من هذه الأبواب والمداخل، فلابد أن تجتمع كل هذه الأدوات والوسائل التي الهدف منها أساسا هو الإصلاح، وبالتالي فالنهضة تقوم على أن تجتمع كل هذه الأبعاد في معركة كبيرة للإصلاح والنهضة، ويكفينا في هذا الباب دليلا أن العديد من المشاريع السابقة والتي اعتمدت فقط على مدخل واحد من هذه المداخل لم تنجح في الوصول بالأمة إلى النهضة التي تنشدها والتي تتطلع إليها، فالنبي عليه الصلاة والسلام وصحابته رضوان الله عليهم والخلافة الإسلامية الراشدة كانت تقوم على كل هذه الأمور مجتمعة دون تفريق بينها. ● على ذكر للإسلام والعصور الأولى، يطرح السؤال كذلك اليوم حول السبب في عدم نجاح المسلمين والكثير من حركات النهضة والإصلاح من تمثل المبادئ التي يدعوا لها الإسلام على أرض الواقع، فإلى متى سيظل الإسلام مجرد عقيدة في القلوب وتعاليم على مستوى الأذهان مع استمرار هذه الفجوة بين الفكر والواقع؟ ❍ السبب في رأيي يكمن في غياب أي قوة أو حكومة تتبنى هذا المنهج الذي يروم ربط سلوك واعمال هذه الأمة بفكرها وبعقديتها، ومن أجل حصول هذا الأمر لا بد له من قوة تبنيه ودولة تحميه وسلطة تحافظ عليه. ❍ يعرف مجال الفتوى والإفتاء في الوطن العربي والإسلامي مرة أخرى نوعا من الفوضى إن صح القول بالوقوف على العديد من الفتاوى الغريبة وبين من يريد قصر موضوع الفتوى على هيئة رسمية دون غيرها، فما ذا ترون حيال هذه التطورات؟ ● بخصوص الشق الأخير من السوؤال أعتقد أنه قد لا يتحقق، أو لن يتحقق، فإنشاء مجالس للإفتاء في ظل هذه السماوات المفتوحة وفي ظل عالم الانترنيت الذي دخل كل بيت ولا يعترف بالحدود السياسية، وما تتيحه الفضائيات التلفزيونية من مساحات..., لا يمكن أبدا أن يتحقق هذا الأمر المتعلق برسمية الفتوى أو جعلها تابعة لجهة حكومية، وحتى إن تم هذا الأمر فما الذي سيمنع العلماء وأهل الاختصاص من أن يفتوا في المواضيع المطروحة عليهم ومن سيحاسبهم على هذا الأمر، وبالتالي فهذا أمر لن يتم، ولكن العلاج الوحيد لهذا الأمر وإن جاز أن نسميه فوضى الفتوى، فأقترح أولا إصلاح دار الفتوى وأهل الفتوى في البلدان الإسلامية، وأول عناصر هذا الإصلاح هو أن يكون المفتي ودار الفتوى مستقلا تمام الاستقلال عن الحكومات والسلطة، حتى تكون فتواه محل ثقة، وثانيا لابد أن تكون هناك جهات لها مرجعيات لمحاسبة من يفتي في كل دولة على حدى، ففي مصر مثلا إذا خرج صفوت حجازي، وأفتى بفتوى معينة وكانت خاطئة أو ظن البعض أنها خاطئة فينبغي أن تكون هناك جهة علمية وليست أمنية تأتي للمعني بالأمر فتحاسبه وتراجعه وتناقشه وعلى صاحب الفتوى أن يدافع ويقدم الأدلة على صحية فتواه وحجيتها، وإذا ثبت خطؤها فعليه أن يخرج إلى الناس ويقول إن فتواه خاطئة ويقر بقصوره. ● طيب، ما تعليقك على بعض الفتوى الغريبة التي تطلع بين الفينة والأخرى هنا وهناك وحول الإعلام اللاهت وراء هذا النوع من الفتاوى والمطبل له؟ ❍ طبعا هناك فتاوى غريبة جدا، لكنني اعتبرها من التفاهات والإعلام الذي يدندن عليها إعلام تافه واللذين يبحثون ورائها هم من التفاهة بما كان، ففي القوت الذي يبحث فيه العلماء ويناقشون في الفتاوى التي تهم الحكم والدولة وبناء المجتمعات وحمايتها وتهم البلاد، وحتى إن افترضنا أن شخصا ما ذهب لدى شخص معيين واستفتاه في أمر خاص غريب أو غير غريب ففيما يهم ذلك الأمة والمجتمع ككل. ● شبكة الأنتيرنيت والقنوات العديدة والمفتوحة اليوم جعلت المواطنين في الوطن العربي أمام دعاة على درجة كبيرة من الاختلاف حد التناقض أحيانا، فهذا سلفي والآخر وسطي ومعتدل وذاك ينعت بالحداثي فهل يمكن الحديث عن معايير نموذجية للداعية مثلا؟ ❍ أقول على هذا المستوى أن ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل، فكم من الدعاة ظهرو كوهيج النار ثم خبو وخفت صوتهم بعد ذلك وانطفأت جذوتهم، وأتصور أن هذه القنوات المفتتوحة والإعلام المفتوح بكل أنواعه عموما لا يستطيع أحد أن يمنعها من إظهار أو تبريز فلان أو علان لكن يمكن الحديث على حيازة مستوى معين من العلم المعقول وليس كل العلم طبعا، لكن من الضروري حسب ما أرى أن يكون هذا الداعية على مستوى من العلم المعقول وأن يكون على درجة من الإخلاص المعقول وأن يكون على درجة من الصدق والقبول لدى الناس، بالإضافة إلى مستوى من الفهم والإدراك، وبالتالي أظن أن هذه المعايير الخمسة يمكن أن تكون أساسا لأي عالم أو داعية ناجح، فدرجة من العلم والإخلاص والقبول لدى الناس والفهم والصدق يمكن ان تكون معايير كافية للحديث عن داعية أو عالم في المستوى. ● كثرت التعليقات في الأشهر الأخيرة حول الثورات الديمقراطية عموما والمصرية على وجه الخصوص من كونها سرقت أو هربت أو أنها في حالة انتكاسة ومحاولات للالتفاف وتفويت الفرص على المصلحين، بوصفكم أحد فرسان ميدان التحرير ماذا تقول حول ما يحدث اليوم في مصر لثورة 25 يناير 2011؟ ❍ الثورة تحقق أهدافها وستحقق الباقي منها بإذن الله ولن تنتكس ولن تسرق، بالفعل هناك محاولات للإجهاض ومحاولات للسرقة وللانتكاس لكن هذا كله لن يؤتي ثماره، فثورة 25 يناير 2011 إن شاء الله رب العالمين، ستكتمل ثمارها بأن يكون عندنا في مصر رئيسا منتخبا بطريقة حرة ونزيهة وديمقراطية وبأن يكون لدينا دستور في المستوى، وبالتالي فالثورة ستأتي ثمارها على الرغم من وجود العقبات والأعداء والمتربصون وهم كثر. ● بخصوص ثورة 25 يناير 2011 أيضا هناك من يقول بفجائيتها وهناك من يقول بأنها جائت وفق ترتيب معين ونتيجة لألاوضاع معينة وهناك من يضيف دور الأنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي إلى جانب كل هذا، بوصفكم أحد من ثبتوا في الميدان طيلة أيام الثورة ما هي روايتكم على هذا المستوى؟ ❍ لم يكن هناك مخطط لهذه الثورة ولم يكن هناك أي تخطيط مسبق في الموضوع كما لم يكن هناك أي تنظيم أو ترتيب لهذا الأمر ومن يزعم أنه كان مخططا أو هو المشرف أو المنظم فأنا أظن أنه ليس على صواب على الإطلاق، نعم فقد كانت هناك ممهدات كثيرة لحالة غضب أو انفجار معين لكن لا أحد كان يتوقع أن يتحول الأمر إلى ثورة، فقد خرجنا جميعا من أجل التظاهر والمظاهرات والتعبير على غضب واحتقان، وتسائلنا حول إمكانية عودتنا للبيوت أو القبض علينا، لكن وبشكل قطعي لم نكن نتوقع سقوط الرئيس حسني مبارك بهذه الطريقة، وأقول لك أننا جميعنا كنا ننتظر موته أو أن يصدر بعض الإصلاحات في نهاية حياته أو نتيجة لما قد يحدث من الضغط الشعبي، لكن لم نكن نتوقع أن تكون ثورة شعبية بهذا الشكل وبهذا الحجم و أو على الأقل أنا لم أكن أتوقع ذلك، ولذلك أقول إن هذه ثورة صنعها الله عز وجل. ● أستاذ صفوت، تابعتم أيضا التجربة المغربية ومستوى تفاعلها مع الربيع العربي الديمقراطي وما أعقب ذلك من نتائج على المستوى الدستوري والانتخابي، لا أدري ما هو تعليقك على هذه التجربة وقراءتك لها؟ ❍ أتوقع للتجربة المغربية إن شاء الله نجاحا كبيرا، وأنا أظن أن التجربة ستأتي بثمارها إن شاء الله.