نفس الخطاب تروجه المعارضة تحت قبة البرلمان وخارجه في الحوارات والتصريحات الإعلامية والبرامج الحوارية والسياسية ،بتاكيدها ان حكومة الاستاذ عبد الاله بنكيران محظوظة بماتضمنه دستور يوليو 2011 من توسيع صلاحيات رئيس الحكومة والمسؤولية المباشرة على لسلطة التنفيذية وماإلى ذلك، وبالتالي فهي مطالبة بالعمل اكثر واظهار ثمار ذلك بشكل اسرع، وكانها تتعامل مع آلات تكتفي بالضغط على الازرار لحصول التغيير المطلوب، وليس مع طاقم إداري بشري تنفيذي يحتاج لوقت وتدرج لاستيعاب التحولات الكبيرة التي حصلت ، وتغير العقليات وربما النفسيات ايضا، ومع قضايا واشكالات موروثة من الفترة السابقة وسكتت هذه المعارضة بالمقابل على حقيقة انها هي الاخرى محظوظة، وربما اكثر من الحكومة في هذه الظرفية بان وفر لها الدستور الجديد امكانيات للعمل والقيام بدورها بشكل حرمت منه المعارضة السابقة التي كانت الحكومة لاتهتم لامرها ولاتعبا بمقترحاتها ولا تعديلاتها ممهما كانت وجيهة وصائبة، ولاتسمع لصوتها . كم هو جميل ان يحدد المبدأ والقواعد الديمقراطية تصرفات السياسي سواء داخل الحكومة والاغلبية او المعارضة والاقلية ، وليست المصلحة الحزبية، لان في ذلك تربية ولنقل تنمية سياسية للمجتمع وبناء ثقافة سياسية مؤسسية جديدة تؤطر ها مصلحة المجتمع والوطن العليا وليس مصلحة الحزب والاشخاص. وكم هو جميل ايضا حوكمة ( من الحكمة والحكامة معا) خطاب المعارضة وجعله صادقا ينبه لتقصير واخطاء الحكومة ويقر في الوقت نفسه بخطواتها الموفقة وانجازاتها بكل جرأة سياسية . وسياق ورود هذا الكلام هو مطالبة المعارضة حكومة الاستاذ بنكيران والاغلبية يتقاسم الوقت لمسائلة رئيس الحكومة في الجلسة الشهرية بالبرلمان التي انطلقت الاثنين الماضي، ومطالبتها كذلك بالمنهجية التشاركية في صياغة القوانين وعدم اتباع منطق الاغلبية العددية وماشابه من هذا الكلام، الذي يخالف قواعد الديمقراطية المتعارف عليها في العالم وهي ان منطق الاغلبية والمعارضة قائم على حسم الخلافات بينهما بالاصوات والعدد، وإلا لما كانت الاغلبية اغلبية والاقلية اقلية و لوجب تغيير القاموس السياسي في هذا الشأن واعادة النظر في مفاهيمه المتعارف عليها عالميا. ولاداعي للدخول في سياق ولادة مفهوم الديمقراطية التشاركية في الغرب، التي جاءت كبديل لمعالجة مساوئ دكتاتورية الاغلبية واستضعاف المعارضة او الاقلية وهضم حقوقها، لانه ظل مفهوم نظري مجرد عصي على التطبيق، لانه لايستطيع من جهة الحسم في الخلافات بين المعارضة والاغلبية وربح الوقت في القضايا المستعجلة، ومن جهة ثانية لانه لم يتحول لقناعة وسلوك لدى الاحزاب السياسية التي قامت على منطق سياسي مهيمن منذ عقود يجعل من كانو ا في الحكومة لايشعرون بحجم الاجحاف والاستخفاف بالمعارضة إلا بعد ان يجلسوا على مقاعدها ويأخذوا مكانها. ولذلك لاعجب من ان يجد حزب العدالة والتنمية نفسه اليوم وهو يقود الحكومة امام ارقام صادمة وحقائق لم يتمكن من معرفتها على وجه الدقة، وهو في المعارضة لان الحكومة السابقة لم تمكن المعارضة بشكل عام من الاطلاع عليها بشكل شفاف وواضح، وقدمتها على العكس من ذلك صورة ايجابية ، فلم تقل مثلا ان نسبة عجز الميزانية وصل لادنى مستوى له 50 مليار ردهم، وعجز ميزان الاداءات وصل ل64 مليار درهم و... باختصار من حسنات دستور يوليوز 2011 انه رفع الظلم والحيف الذي عانت منه المعارضة ومكنها من سبل القيام بدروها المهم، وجعل معارضة حكومة بنكيران معارضة محظوظة كما سلفت الاشارة ، وعليها ان تتحمل مسؤوليتها بما يدعم الاصلاح والتغيير ،وينجح التحول الديمقراطي و يقوي النموذج المغربي ويكسبه الحصانة المطلوبة تحول دون الردة للوراء. أما الحكومة فيبدو انها ومن خلال مؤشرات اولية - رغم انه من السابق لاونه الحكم على ادائها بشكل موضوعي- ورغم الظروف الصعبة اقتصاديا واجتماعيا تبلي بلاء حسنا وخاصة على مستوى سعة الصدر و" القشابة الواسعة "في تقبل النقد و الراي الأخر ، ومن شك في ذلك فيكفيه مثالان الاول؛ قرار اغلبيتها باقتسام الوقت مع المعارضة في مسائلة رئيس الحكومة، والثاني خروج موظفين إداريين للاعلام لانتقاد الوزير المسؤول عن قطاعهم بشكل غير مسبوق ربما في العالم والله اعلم