لا ينحصر دور المراكز الجهوية للاستثمار في القيام بمهام «الشباك الوحيد» بل تتعداه إلى أدوار أخرى كتسهيل المعلومات ووضعها رهن إشارة الفاعلين الاقتصاديين، والمساهمة في التعريف بالإمكانات الاقتصادية للجهات التي تتمركز فيها. فما هي حصيلة هذه المراكز سنة 2011، وما هي طبيعة النواقص التي تعرقل تطور هذه المراكز وبالتالي تعرقل الاستثمار؟ المراكز الجهوية للاستثمار أول خطوة للمستثمر تكون على مستوى المركز الجهوي للاستثمار. وتتكون هذه المراكز على مستوى بنيتها الإدارية من شباك المساعدة على خلق المقاولات، والذي يشكل المخاطب الوحيد بالنسبة لكل شخص يرغب في خلق مقاولة.وتتحدد مهمته في تمكين المستثمرين من وثيقة موحدة تتضمن جميع المعلومات (القانونية والتشريعية)الخاصة بإحداث مقاولة، كما يعمل على إعداد الوثائق الضرورية من خلال التدخل لدى الإدارات المختصة. بالإضافة إلى شباك مساعدة المستثمرين، والذي تتحدد مهمته في تمكين المستثمرين من كل المعلومات الضرورية لإحداث المقاولة على الصعيد الجهوي، وكذلك دراسة طلبات الترخيص وإعداد العقود الإدارية الضرورية لإنجاز مشاريع استثمارية في القطاعات الصناعية والغدائية والمعدنية والسياحية، وإحالتها على المصادقة من طرف والي الجهة إذا كانت قيمة الاستثمار تقل عن 200 مليون درهم أو إعداد مشاريع عقود أو اتفاقيات مع الدولة بالنسبة للاستثمارات التي تتعدى 200 مليون درهم. وتعمل المراكز الجهوية كذلك على التدخل من أجل حل الخلافات بشكل حبي بين المستثمرين والإدارة. ويرجع تاريخ إحداث هذه المراكز إلى سنة 2002، وتعد هذه المراكز من بين الوسائل التي اعتمدتها السلطات العمومية من أجل تشجيع الاستثمار على الصعيدين الوطني والجهوي. حصيلة تؤكد آخر الإحصاءات أنه فيما يتعلق بشباك المساعدة على إنشاء المقاولة (شباك الأول).تميز نشاط هذا الشباك، خلال سنة 2011 بارتفاع نسبي من حيث عدد الشواهد السلبية المسلمة(1,8 )في المائة، وذلك بتسليم 35 ألف و280 شهادة سلبية مقابل 34 ألف و644 شهادة سلمت خلال سنة 2010. وتجدر الإشارة إلى أن الشهادة السلبية تسلم لكل فرد أراد إنشاء مشروع، وهي تحمل اسم المشروع وتعتبر الخطوة الأولى في الإجراءات الإدارية. ويتبين من خلال التوزيع الجهوي لعدد المقاولات المنشأة تمركز أزيد من 64 في المائة منها على مستوى خمس جهات، جهات الدارالبيضاء الكبرى(28 في المائة) جهة الرباطسلا زمور زعير (14 في المائة) جهة الغرب الشراردة بني حسن(8 في المائة) وجهتي مكناس تافيلالت وسوس ماسة درعة 7 في المائة. وبخصوص شباك مساعدة المستثمرين (الشباك الثاني) بلغ عدد المشاريع المصادق عليها، خلال سنة 2011، ما مجموعه 2928 مشروعا بمبلغ استثمار إجمالي يقدر ب147 مليار درهم، مقابل 2444 مشروعا بمبلغ إجمالي يصل إلى 188 مليار درهم، خلال سنة 2010، أي بنسبة زيادة تقدر ب19 في المائة فيما يخص عدد المشاريع المصادق عليها ونسبة انخفاض تقدر ب21,7 في المائة فيما يخص مبلغ الاستثمار. القطاعات يمثل قطاع البناء 50 في المائة من المبلغ الإجمالي للمشاريع الاستثمارية المصادق عليها، يليه قطاع السياحة بنسبة 20 في المائة وقطاع الصناعة بنسبة 12 في المائة. ويبين التوزيع الجهوي لمبالغ المشاريع المصادق عليها تمركز أزيد من 71 في المائة منها على مستوى ست جهات. ويتعلق الأمر بجهة الغرب الشراردة بني حسن 17 في المائة وجهة مراكش تناسيفت الحوز 16 في المائة وجهة الدارالبيضاء الكبرى 9,8 في المائة وجهة طنجة تطوان 9,8 في المائة وجهة الشاوية ورديغة 9,6 في المائة وجهة الرباطسلا زمور زعير 9,1 في المائة. اختلالات رصد تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2009 الصادر السنة الماضية عدة خروقات في المراكز الجهوية للإستثمار وحول خروقات عامة تتساوى فيها كل مراكز الاستثمار الجهوية التي تم تفتيشها. أكد المجلس أنها تتمثل في غياب تتبع المشاريع التي تقل قيمتها عن 200 مليون درهم والتي سجلت قيمة الاستثمارات المصادق عليها من قبل المراكز الجهوية من جهة وكذا فرص الشغل المتوقعة، تطورا مهما ما بين سنتي 2003 و2009 لكنه نبه إلى أن هذه المعطيات ليست سوى معطيات توقعية يتم الإدلاء بها من قبل المستثمرين عند وضعهم لملفات الاستثمار لدى المراكز الجهوية؛ ذلك أن المراكز لا تتوفر في حقيقة الأمر على أية معطيات ملموسة تهم الإنجاز الحقيقي لمشاريع الاستثمار، وكذلك غياب المخطط الإستراتيجي ومؤشرات الأداء باستثناء المركز الجهوي للاستثمار لجهة الدارالبيضاء الكبرى، إضافة إلى اختلالات أخرى تتعلق بغياب مركزة أداء الرسوم والضرائب، وغياب الربط المعلوماتي مع باقي الشركاء، وعدم تتبع المقاولات المنشأة، وغياب النص القانوني المنظم لعمل اللجنة الجهوية للاستثمار، وغياب مساطر موحدة ومضبوطة لتقييم ملفات الاستثمار. وأظهر المجلس اختلالات عدة على مستوى بعض المراكز الجهوية للاستثمار والتي تكلف ميزانية تجهيزاتها ما يفوق بكثير الاستثمار ذاته. المجلس الأعلى للحسابات أكد بمناسبة حديثه عن المركز الجهوي لجهة مراكش تانسيفت الحوز عن امتيازات غير مبررة لفائدة المدير السابق للمركز الجهوي تتمثل في مصاريف كراء سكن المدير السابق تحملها المركز الجهوي بما قيمته 168ألف درهم سنويا أي ما مجموعه 108 ألف درهم عن الفترة الممتدة من 2004 إلى 2009 واعتبر المجلس بأن تحمل هذه المصاريف يعتبر عملا غير مطابق للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل. وأضاف التقرير بأن مصاريف إصلاح مسكن المدير السابق لذات المركز كلفت من المركز ما قيمته 82 ألف درهم شملت الفترة الممتدة من 2006 إلى 2008 تقرير المجلس الأعلى كشف كذلك خروقات تتعلق بتشييد المقر الجديد للمركز الجهوي للاستثمار بجهة سوس ماسة درعة فوق عقار ذي وضعية غير مسواة معللا ذلك بأنه بتاريخ 8 مارس2006 حصل المركز من قبل المجلس البلدي لأكادير على رخصة البناء رقم 369 (قرار رقم 134/PF/05)وذلك بهدف تشييد المقر الجديد للمركز على مساحة تبلغ 600 متر مربع.لكن تبين أن وضعية العقار لم تتم تسويته بعد، إذ أن العقار المذكور لا يزال باسم شركة (صونابا)بالرغم من منحه للمركز منذ 23 أكتوبر 2002. وأظهر تقرير المجلس الأعلى خروقات في مجلس الاستثمار الجهوي لجهة الرباطسلا زمور زعير إذ تحمل المركز نفقات كراء المقر رغم أن المركز لا يستغله إلا جزئيا وحسب المجلس الأعلى فمقر المركز يقع في بناية مكونة من طابق أرضي و 5 خمسة طوابق كل واحد منها يتكون من شقتين وقد تم اكتراء هذه البناية منذ فاتح يوليوز 2002 بمبلغ شهري قدره35 ألف درهم أي ما يعادل 420ألف درهم سنويا بعقد قابل للمراجعة كل ثلاث سنوات.كراء هذه البناية كلف المركز من 2004 إلى 2009 ما يعادل2 مليون و778 ألف درهم، وبالعودة إلى العدد المحدود لموظفي ومستخدمي المركز( 29 بكل أصنافهم )فاللافت للانتباه حسب التقرير أن حجم البناية الكبير يتجاوز بكثير الحاجة لفضاء عمل يؤوي مكاتب موظفي المركز ومصالح أخرى.ويقدم التقرير على سبيل المثال لا الحصر رقم 407 ألف درهم كمبلغ استهلاك الماء والكهرباء المسجل على حساب المقر في السنوات الست الأخيرة أي بمعدل سنوي قدره 68ألف درهم.