قال مهدي لحلو أستاذ في المعهد الوطني للاقتصاد والإحصاء التطبيقي بالرباط إن المغرب يتوفر على مجموع من المؤشرات الضعيفة على مستوى مناخ الاستثمار مقارنة مع الدول العربية ومع المحيط الأوروبي والعالمي، مؤكدا أنه بالإضافة إلى الضرائب والوعاء الضريبي فإن هناك إشكالية العدل والنظام القضائي غير المستقل على السلطة التنفيذية، فضلا عن الرشوة والفساد. واعتبر لحلو في اتصال ل»التجديد» أن ضمان حقوق الشركات والحقوق التجارية والمرتبطة بحق التملك يتطلب نظام قضائي مستقل وفاعل، مشيرا في الوقت نفسه أن الرشوة ما تزال مستفحلة في الوسط الاقتصادي، فالمستثمرون يتخوفون من الاستثمار لأن الرشوة تشكل لهم عائقا، وتسهم في رفع كلفة الإنتاج وبالتالي التأثير على الإنتاجية والتنافسية. وأثار لحلو أيضا موضوع اليد العاملة المؤهلة التي تعتبر من مكونات المناخ الاستثماري، منتقدا النظام التعليمي والتكوين المهني بالمغرب الذي لا يسمح بتطوير اليد العاملة فضلا عن نسبة الأمية الكبيرة، موضحا أنه لا يمكن جلب المستثمرين في ظل غياب اليد العاملة المكونة. وأوضح لحلو أن المستثمر لا يبحث عن الربح فقط، ولكن يبحث عن ضمان الملكية مستقبلا، وإذا فقد الثقة في القضاء، فإنه يفقد الثقة في الاقتصاد. مؤسسات كشف المجلس الأعلى للحسابات عن اختلالات كبيرة على مستوى مراكز الجهوية للاستثمار التي من المفروض أن تسهل عملية الاستثمار، فضلا عن الاختلالات الكبيرة التي تطبع عمل الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات. وينتظر الفاعلون الاقتصاديون التغييرات الجديدة التي ستعرفها القوانين المنظمة لكل من الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ومجلس المنافسة، على اعتبار أن دورهما الاستشاري الحالي يحد من فعاليتهما. وكشف المجلس الأعلى للحسابات عن مشاكل ب5 مراكز، ويتعلق الأمر بالمركز الجهوي لجهة الدارالبيضاء الكبرى، وجهة الرباطسلا زمور زعير، وجهة سوس ماسة درعة، وجهة الشرق، وجهة مراكش تانسيفت الحوز. ورصد تقرير 2009 الصادر في منتصف أبريل الماضي عدة خروقات مثل المركز الجهوي لجهة مراكش تانسيفت الحوز الذي استفاد من امتيازات غير مبررة لفائدة المدير السابق للمركز الجهوي تتمثل في مصاريف كراء سكن المدير السابق تحملها المركز الجهوي بما قيمته 168ألف درهم سنويا أي ما مجموعه 108 ألف درهم عن الفترة الممتدة من 2004 إلى 2009 واعتبر المجلس بأن تحمل هذه المصاريف يعتبر عملا غير مطابق للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل. وأظهر المصدر ذاته خروقات تتعلق بتشييد المقر الجديد للمركز الجهوي للاستثمار بجهة سوس ماسة درعة فوق عقار ذي وضعية غير مسواة. وبين أيضا خروقات في مجلس الاستثمار الجهوي لجهة الرباطسلا زمور زعير إذ تحمل المركز نفقات كراء المقر رغم أن المركز لا يستغله إلا جزئيا وحسب المجلس الأعلى فمقر المركز يقع في بناية مكونة من طابق أرضي و 5 خمسة طوابق كل واحد منها يتكون من شقتين وقد تم اكتراء هذه البناية منذ فاتح يوليوز 2002 بمبلغ شهري قدره 35 ألف درهم أي ما يعادل 420 ألف درهم سنويا بعقد قابل للمراجعة كل ثلاث سنوات. الرشوة العائق الأكبر تبين من خلال تقرير سابق لترانسبرانسي الدولية أن جهاز القضاء بالمغرب هو القطاع الأكثر ارتشاء من بين كل القطاعات، حيث نال تنقيط 6, 3 يليه كل من الشرطة ثم الأحزاب السياسية والجمارك وميدان الرخص والتراخيص. ورأى ثلثي رجال الأعمال (67 %) أن عمل الحكومة لمحاربة الرشوة غير فعالة البتة، ولم يقل إنه فعال أو فعال جدا إلا 30 %. وأكدت ترانسبرانسي المغرب أن النظام الضريبي يساهم في امتلاك الثروات لصالح أقلية وإفقار أغلبية السكان، فضلا على أنه يعاني من ضعف المساواة والتي تتناقض مع التصريحات الرسمية في العديد من المناسبات. وأضافت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، أن الإدارة الضريبية تعتبر من بين القطاعات الأكثر تعرضا للرشوة. وأوضحت الجمعية أنه رغم التخفيض من الضريبة على الشركات، فإن 60 في المائة من الشركات تعلن عن عجز مالي، بالإضافة إلى أن 20 في المائة من الشركات تشكل 80 في المائة من مداخيل الضريبة على الشركات.