تحمل معاني الحب والتقدير، لها طعم عذب، وتأثير ساحر، هي رسالة يوجهها الزوج لزوجته أو الصديق لصديقه أو الإبن لوالديه مفادها « أنا أحبك وأهتم بك وأرجو لك السعادة»، إنها رسالة غير مكتوبة لكنها مقروءة ومفهومة وواضحة وضوح الشمس في يومي صيفي، كل ذلك يمكن أن يحققه تقديم هدية بسيطة لشخص عزيز عليك، وكل مشاعرك المدفونة يمكن أن تعبر عنها بتخصيص وقت قصير من يومك لتختار هديه لمن يهمك أمر فرحه وسعادته. يختلف تعاطي المغاربة مع الهدية رغم وعيهم بدورها في تمتين أواصر المحبة وتقوية التواصل الاجتماعي، فكيف ينظر المغاربة للهدية، وهل يتهادون فيما بينهم وهل يعطون الأولوية للهدية الرمزية أم يحرصون على أن تكون مرتفعة الثمن؟ زهرة ربة بيت وسيدة في الستينات من العمر وأم لسبعة أبناء تقول إنها تشعر بالسعادة عندما تتلقى هدية من أحد أبنائها وتضيف « كيفما كانت الهدية فإنها تشعرني باهتمام أبنائي» وحول الهدايا التي يقدمها أبناؤها قالت زهرة « في المناسبات والأعياد يشترون لي ملابس وقد يعطوني مالا أو يشترون لي بعض الفواكه التي أحبها، هذه الهدايا تفرحني واحس بأنهم يحبونني ويهتمون بي ولم ينسوني في زحمة الحياة» وتضيف « أحيانا عندما لا يتذكرني بعضهم في المناسبات، ورغم انني اختلق لهم الاعذار إلا انني بشيئ يؤلمني من جهتهم». من جهتها تقول لمياء موظفة وأم لطفلين إن زوجها لا يعطي أهمية للهدايا في العلاقة الزوجية ولا يرى لها همية في تمتين هذه العلاقة وتشرح ذلك بالقول « أسعى في كل مرة إلى تقديم هدايا له قد يكون بحاجة إليها، لكن رد فعله لا يكون مشجعا، وعندما ألمح له بأن يشتري لي هدية لا يعطي للامر أهمية» وتضيف لمياء» سافر زوجي في إحدى المرات إلى الخارج وأحضر هدايا لأبنائنا ولم يحضر لي أي شيء وعندما سألته رد علي بالقول لم أعرف ماذا سأشتري» ولأنه لا يعرف تقول «لمياء» يعطيني المال ويطلب مني أن أشتري ما أريد، لكن «لمياء» ترى أن الهدية وإن كانت بسيطة تعني «أن زوجي فكر في وخصص وقتا ليختار لي هدية وليفاجئني». ثمينة أو رمزية «نورة» وهي طالبة في العشرينات من العمر، ترى أن الهدية لها دور في تقوية العلاقة مع الصديقات وتقول «أتبادل الهدايا مع صديقاتي بدون مناسبات، قد تهديني صديقتي كتابا وقد أهديها قلما وهكذا هي أمور بسيطة وليست غالية لكن لها دور في تمتين هذه العلاقات» لكن «نورة» تتأسف على بعض الأشخاص الذين لا يرون في الهدية سوى قيمتها المادية وكلما كانت غالية كانت مقبولة ونالت الرضا. أما نجية 35 سنة فتقول « غالبا أشتري هدايا غالية لمن احبهم من العائلة او الأصدقاء ولا أحب الهدايات التي يكون ثمنها منخفضا» وتشرح رأيها بالقول «أعتقد أن الهدية تعبر عني وعن قيمتي، لذلك أفضل الهدايا الغالية»، أما محمد موظف 32 سنة فيقول « الهدايا التي تترك أثرا في الطرف الآخر لا تقدر بثمن واللفتة الرمزية يكون لها تأثير كبير أكثر من اللفتات المادية». الناس يحبون تلقي الهدايا سمير التلمساني خبير في التنمية الأسرية يقول إن الهدايا ينبغي أن تكون حاضرة في خمس مناسبات أساسية، وهي الاعتذار أو جلب المحبة أو فرحة أو ذكرى، ويؤكد التلمساني على أن الناس بحكم طبيعتهم الاجتماعية يحبون تلقي الهدايا. ويشرح الخبير ل»التجديد» أن الهدية عموما تؤكد على معاني كثيرة، ففي العلاقات الزوجية تؤكد الهدية على الحب بين الطرفين وعلى قيمة شريك الحياة، كما أنها تعطي رسالة إيجابية قوية على ما يسمى «الاطمئنان الاجتماعي»، فالزوجة حينما تتلقى هدية من زوجها فإنها تحس بالاهتمام وكذلك بالاطمئنان في علاقتها بزوجها. وبشكل عام الهدية كما يعرفها التلمساني هي « لمسة إنسانية جميلة وهي تعبير حقيقي عن المحبة والتقدير وكذلك تعبير على الامتنان والشكر ولذلك فإن تقديم أي هدية كيفما كانت قيمتها يظهر بشكل أساسي دفء المشاعر وكذلك رقة الإحساس». ويؤكد التلمساني على أن قيمة الهدية تكمن في رمزيتها وليس في ثمنها المرتفع أو حجمها، مشيرا إلى أن البعض يجد صعوبة في التعبير عن مشاعره بالكلام لذلك يترجمها بتقديم هدية أو لمسات تعبر عن دفء المشاعر أو عمق المحبة. ويضيف أنالإسلام ركز عبى قيمة الهدية إذ جاء في الحديث النبوية «تهادوا تحابوا» بمعنى أن الهدية تثير المشاعر ثم تعطي نتيجة في الأخير وهي المحبة بين الزوجين أو الأقارب أو الأصدقاء. تدريب الأطفال على معناها يقول الخبير في التنمية الأسرية إن المغاربة منقسمون في موضوع الهدية إلى قسمين، قسم لا يهتم بمثل هذه اللمسات بشكل عام ولا يلقي لها بالا ولا يعتبرها ذات أهمية، لكن بالمقابل هناك من يرى أن لها دور مهم وتأثير ملحوظ في تقوية العلاقات الاجتماعية سواء بين الأبناء وآبائهم أو بين الزوجين . ويقول التلمساني إن هذا الأمر يدخل في باب الذوق، داعيا إلى تعويد الأطفال منذ الصغر على أهمية الهدية ومعناها، وذلك بأن يقدم الآباء لأطفالهم الصغار هدايا بمناسبة النجاح أو في مناسبات أخرى لأن من شأن ذلك أن يدربهم على الذوق الرفيع وعلى اهمية الهدية وتأثيرها. لكن الخبير يرى أن الهدية في المجتمع المغربي أصبحت تخرج عن معناها الحقيقي وأهدافها وخاصة هدايا الزواج إذ يبالغ البعض في اختيار هدية ثمينة وغالية تبهر الناس، ولا تترجم المحبة بقدر ما تهدف إلى التفاخر بين العائلات، وبذلك خرجت الهدية من معناها الرمزي وقيمتها الإنسانية إلى معنى آخر يخالفه تماما. ويؤكد التلمساني على اختيار الهدية المناسبة للشخص المناسب، فهدية الزوجة ليست هي هدية الأم وليست هي هدية الصديق، وينصح بتقديم الهدية التي قد يكون الطرف الآخر بحاجة إليها لأنها تحقق المحبة المرجوة من الهدية وكذلك المنفعة. *** كيف نختار الهدية المناسبة؟ كثيرة هي أنواع الهدايا المتوفرة في الأسواق وقد يقف البعض منا حائرا ويتساءل ماذا سأختار من بين هذا الخضم الهائل من الهدايا. الموضوع أبسط بكثير مما نتوقع وذلك عند اتباعنا لبعض الإرشادات... ● حيث كون البداية بأن نفكر في طبيعة الشخص الذي سنقدم له الهدية ونحاول أن نستشف الطريقة التي يفكر بها. ولكي نقوم بذلك يجب أن نسأل أنفسنا بعض الأسئلة عن هوايات ذلك الشخص، والأشياء التي يفضلها والمواضيع التي يركز عليها أثناء الحديث. ● أن تحمل الهدية السرور للشخص المهدى إليه. ● تعلم الاستماع إلى شريكتك. المرأة غالباً ما تتحدث عن الأشياء التي تحبها وبشكل متكرر. كما أن النساء بشكل عام يتحدثن مطولاً عن الأشياء التي تهمهن في الوقت الحالي. تعلم أن تستمع إليها في بعض الأحيان بدلاً من النظر إليها والتفكير بأشياء أخرى بينما هي تتحدث. ● لاتختر الهدية حسب ذوقك الشخصي، لكن اهتم بميول المرسل إليه، وهواياته وأرسل له شيئا يحبه لا شيئا تحبه أنت. ● رجّح دوماً البعد العاطفي الانساني في الهدية. والبعد العاطفي يعطي الهدية قيمة مضاعفة. ● لاتقدم هدية فورية أو في اليوم التالي لشخص أسدى إليك معروفا في اليوم الذي قبله لأن هذا لايدل على شكر صنيعه بل كأنك تفيه حقه وهذا لا يليق. ● لا تهدي عطورا إن لم تتاكد من العطر الذي يحبه المهدى إليه لأن العطور اختيار شخصي جدا. ● لا تنس محو ثمن الهدية، ولا تتحدث عن ثمنها أو جمالها وعراقتها أمام المهدى إليه . ● من المفضل أن يضع الشخص نفسه مكان المتلقي ويستشف ما يمكن أن يسعده ويفاجئه بشكل إيجابي. ● تجنب الهدايا العملية مثل أدوات المطبخ أو إكسسوارات البيت، لأنها تفتقر إلى الخصوصية، باستثناء الشموع المعطرة. فهي تسعد المتلقي مثل العطور تماما.