وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع، أول أمس، على إرسال مراقبين عسكريين غير مسلحين إلى سوريا، وذلك في إطار تطبيق خطة مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية كوفي عنان لوقف العنف في سوريا، فيما لا يزال الجيش السوري، مدعوما بالشبيحة، يواصل استهدافه للسوريين بالقتل وتدمير ممتلكاتهم. ووافقت روسيا والصين على مشروع القرار الذي تقدمت به الولاياتالمتحدة بعدما أدخلت واشنطن والقوى الغربية والعربية التي تقدمت به تعديلات عليه لتجنب الفيتو الروسي الصيني كما حصل في مشروعي قرارين سابقين فشلا في مجلس الأمن. ويجيز القرار إرسال ما يصل إلى 30 مراقبا غير مسلح إلى سوريا كخطوة أولى يمكن أن تتبعها خطوة أخرى بنشر 250 مراقبا بعد التأكد من وقف إطلاق النار. وطالب القرار سوريا بتسهيل نشر فريق المراقبين وضمان حرية حركتهم دون عوائق، كما طالب جميع الأطراف بضمان سلامة البعثة، واعتبر أن المسؤولية الأكبر عن ذلك تقع على عاتق الحكومة. وندد القرار بالانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان على أيدي السلطات السورية، وكذلك بأي انتهاكات لحقوق الإنسان على أيدي جماعات مسلحة، مذكرا بأن أولئك المسؤولين عن الانتهاكات سيحاسبون. كما دعا القرار «جميع الأطراف بما في ذلك المعارضة إلى وقف فوري للعنف المسلح بكل أشكاله». وتضمن تحذيرا غامضا لدمشق بقوله إن المجلس «سيجري تقييما لتنفيذ هذا القرار، وينظر في اتخاذ خطوات أخرى إذا اقتضت الضرورة». وقالت مندوبة الولاياتالمتحدة التي ترأس الدورة الحالية لمجلس الأمن سوزان رايس إن مجلس الأمن سيحكم من الآن على النظام السوري عبر الأفعال لا الأقوال. وأضافت أن القرار الذي تمّ التصويت عليه يتضمن تنفيذ كل بنود خطة عنان، وليس الانتقاء منها بما في ذلك قيام عملية سياسية تستجيب لتطلعات الشعب السوري. واعتبرت رايس أن عودة العنف إلى سوريا وخصوصا قصف حمص، أول أمس، «يطرح من جديد شكوكا جدية حول رغبة النظام» السوري في الالتزام بوقف إطلاق النار. المعارضة ترحب من جهتها، رحب المجلس الوطني السوري المعارض بالقرار، وجاء في بيان صادر عن رئيسه برهان غليون وزع عبر البريد الإلكتروني، «نعبر عن ترحيبنا بالقرار واستعدادنا لتنفيذه وإنجاح خطة أنان بأمانة». وأضاف غليون في بيانه «يشكل هذا القرار الذي تأخر صدوره، أول ثمرة سياسية دولية لكفاح السوريين وتضحياتهم، وخطوة أولى مهمة في طريق تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه الشعب السوري». غير أن غليون أضاف بعد ترحيبه بالقرار «نحذر المجتمع الدولي من سياسة المراوغة والتلاعب وتزييف الحقائق التي دأب النظام السوري على انتهاجها، ونؤكد أن النظام لم يسحب آلياته الثقيلة من المدن ولم يسمح بالتظاهر السلمي، ولم يوقف قتل المدنيين وارتكاب المجازر بحقهم». قتلى جدد وعلى الأرض، قتل 27 شخصا، أول أمس، برصاص قوات «ميليشيات الموت» السورية التابعة لنظام الرئيس بشار الأسد معظمهم في حمص وحلب، وقال ناشطون وحقوقيون إن خمسة من بين القتلى قضوا في إطلاق نار على مظاهرة خرجت في حلب لتشييع شاب قتل أثناء مظاهرات الجمعة. وذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن معظم القتلى من حمص وحلب، مشيرة إلى أن خمسة من بين القتلى قضوا في إطلاق نار على مظاهرة خرجت في حي الإذاعة بحلب لتشييع شاب قتل أثناء مشاركته في مظاهرات الجمعة. وقالت الشبكة إن ثلاثة أشخاص قتلوا في ريف دمشق، و12 في حمص وأربعة في حلب، بينما قتل اثنان في درعا وثلاثة في درعا وواحد في حماة. من جهتها، ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن قوات الأمن والجيش أطلقت النار بشكل كثيف على مظاهرات مسائية خرجت في كل من طفس والصنمين في درعا. وتحدثت الهيئة عن إطلاق نار كثيف من قبل قوات الأمن والجيش على مظاهرة خرجت في منطقة المعضمية بريف دمشق وملاحقة المتظاهرين بالشوارع والأزقة وسط انتشار أمني كثيف. أسلحة إيرانية في سياق منفص، كشَفَت تقارير صحفية، أول أمس، عن إحباط محاولة لتهريب أسلحة إيرانية إلى سوريا على متن سفينة شحن ألمانيّة كانت في طريقها إلى ميناء طرطوس السوري في البحر المتوسط. وقالت مجلة «دير شبيجل» الألمانيّة: إنه تم تحميل سفينة الشحن أتلانتيك كروزر التابعة لشركة بوكشتيجل الألمانية للملاحة قبل أيام في ميناء جيبوتي بأسلحة ثقيلة وذخيرة من سفينة شحن إيرانيّة. وأضافت المجلة، وفق ما نقلت عنها وكالة «يونايتد برس إنترناشيونال»: إن السفينة كان تنتظر تفريغ حمولتها في ميناء طرطوس السوري أمس الجمعة، لكن منشقين داخل الجهاز الحكومي السوري كانوا وراء الكشف عن هذه الشحنة. وغيرت «أتلانتيك كروزر» وجهتها فجأة بعد ظهر الجمعة الماضية ليصبح ميناء إسكندرونة التركي، لكنها توقفت بعد ذلك على مسافة 80 كلم جنوب غرب طرطوس، وظلت تسير في هذه المنطقة ساعات في مسارات دائريّة. يُذكر أن الاتحاد الأوروبي فرض عددًا من العقوبات بحق النظام السوري، ومنها حظر توريد الأسلحة إليه بسبب قمع المظاهرات المنادية بالإصلاح وإسقاط النظام.