مفهوم الإيمان باليوم الآخر الإيمان باليوم الآخر ركن من أركان الإيمان، وهو جزء من أجزاء العقيدة الإسلامية، بل قد يكون هو العنصر الهام الذي يلي الإيمان بالله مباشرة؛ ذلك بأن الإيمان بالله يحقق المعرفة بالمصدر الأول الذي صدر عنه الكون، والإيمان باليوم الآخر يحقق المعرفة بالمصير الذي ينتهي إليه هذا الوجود مفهوم اليوم الآخر هو الإيمان بكل ما أخبر به الله جل وعلا في كتابه، واخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم، مما يكون بعد الموت، من فتنة القبر ونعيمه وعذابه، والبعث والحشر والصعق والحساب والميزان والحوض والصراط، والشفاعة والجنة والنار، وما أعد الله تعالى لأهلهما جميعا. وسمي باليوم الآخر لتأخره عن الدنيا فلا يوم بعده، وهو اليوم الذي يُبْعَثُ الناس فيه للحساب والجزاء، حيث يستقرُ أهل الجنة في منازلهم، وأهل النار في منازلهم. وقد دل عليه العقل والفطرة كما صرحت به جميع الكتب السماوية ونادى به الأنبياء والمرسلون. مسميات اليوم الآخر يسمى بيوم القيامة، قال تعالى:»ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين» سورة الزمر: 60. ويوم البعث، قال تعالى: «وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون»سورة الروم: 56. ويسمى الساعة، قال تعالى: «اقتربت الساعة وانشق القمر»سورة القمر:01، وقال أيضا عز وجل: «يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم»سورة الحج01. ويسمى الآخرة: قال تعالى: «بل توثرون الحياة الدنيا، والآخرة خير وأبقى»سورة الأعلى16-17. ويسمى يوم الدين: قال تعالى: «ملك يوم الدين»سورة الفاتحة: 03، أي يوم الجزاء. ويسمى يوم الحساب: قال تعالى:»وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يومن بيوم الحساب»سورة غافر: 27. وهو يوم الفتح، ويوم التلاقي، ويوم الخلود، ويوم الخروج، ويوم الحسرة، ويوم التنادي إلى غير ذلك. اهتمام القرآن بتقرير الإيمان بهذا اليوم اهتم القرآن اهتماما بالغا بتقرير الإيمان باليوم الآخر، ويبدو هذا الاهتمام فيما يلي: أولا: ربطه بالإيمان بالله ، قال تعالى: «ولكن البر من آمن بالله واليوم الاخر»سورة البقرة: 177، وقال أيضا عز وجل: «ان الذين ءامنوا والذين هادوا والنصارى والصابين من ءامن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون»سورة البقرة:62. ثانيا: يكثر القرآن من ذكره له، فلا تكاد سورة تخلو من الحديث عنه، مع تقريبه للأذهان تارة بالحجة والبرهان، وتارة بضرب الأمثال. ثالثا: أن المتتبع لآيات القرآن يجد أنه وضع لهذا اليوم أسماء كثيرة، وكل اسم يدل على ما سيحدث من أهوال القيامة. أسباب اهتمام القرآن باليوم الآخر: أولا: إن المشركين من العرب أنكروه أشد الإنكار، قال الله تعالى:»وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر، وما لهم بذلك من علم، ان هم الا يظنون»سورة الجاثية: 24. ثانيا: إن أهل الكتاب وإن كانوا يؤمنون باليوم الآخر إلا أن تصورهم له قد بلغ منتهى الفساد. فالنصارى مثلا يعتمدون فيه على وجود «يسوع الفادي المخلص، الذي يفدى الناس بنفسه، ويخلصهم من عقوبة الخطايا. وعقيدة اليهود في الله وفي اليوم الآخر لا تقل في فسادها وضلالها عن عقيدة النصارى. من جهة يعتبرون أنفسهم أنهم أبناء الله وأحباؤه وأنه حتى إذا كان العذاب لبعضهم فلن يكون إلا لأيام معدودة «وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة، قل اتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده، أم تقولون على الله ما لا تعلمون»سورة البقرة: 80. ثالثا: أن الإيمان باليوم الآخر يجعل لحياتنا غاية سامية وهدفا أعلى، وهذه الغاية هي فعل الخيرات، وترك المنكرات، والتحلي بالفضائل، والتخلي عن الرذائل...