هل تستطيع الحكومة من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2012، إيجاد حلول عملية لمختلف القطاعات التي تعرف صعوبات، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي؟ سؤال مطروح بقوة، خصوصا في وضعية صعبة تتميز بالجفاف، والتحديات على المستوى العجز المالي وعجز الميزان التجاري، والصعوبات على مستوى مناخ الأعمال. وتنضاف هذه المشاكل إلى المشاكل السوسيواقتصادية. وقال عبد العزيز افتاتي برلماني العدالة والتنمية خلال مناقشة قانون المالية لسنة 2012، إنه على الرغم من الظرفية العالمية والجفاف إلا أنه يجب أن تخضع الحكومة لمراقبة البرلمان، وأن تكون الإدارة تحت مراقبة الحكومة، وحذر من استمرار اللوبيات في حالة عدم وجود ذلك. وطالب بتشديد المراقبة على الشركات التي تقدم تصريحات كاذبة حتى تتهرب من الضرائب، متسائلا على أن مشروع القانون المالي يتوقع ارتفاع المداخيل. وأكد على ضرورة معرفة صحة الأنباء عن كون مدراء الوزارات يتقاضون تعويضات كبيرة، مطالبا الحكومة بالكشف عن هذه التعويضات حتى يتسنى للبرلمانيين معرفة الحقيقة. بل وطالب أيضا بمعرفة تعويضات الوزراء. وبمقابل ذلك حذر أفتاتي من الوضعية الصعبة بالوسط القروي الذي يفتقد إلى المدرسة والمستشفى والخدمات العمومية، ومن أن تتأجج الأوضاع بهذا الوسط، لأن الوضعية كارثية. وقال إنه يجب أن نقدم إشارات إيجابية لهذه الساكنة، وأن نرفع من ميزانية هذا الوسط لأن مليار درهم المرصودة لها غير كافية، على حد قوله. وانتقد أفتاتي الأبناك التي تقدم فوائد بنكية للأسر المندرجين ضمن إعادة الإسكان أكبر من الفوائد الممنوحة لرجال التعليم مثلا. وأضاف بالقول:»لا أفهم كيف تفرض الأبناك نسب فائدة مرتفعة على الشرائح المجتمعية الضعيفة، ويجب إيجاد حل لهذا الموضوع». وبخصوص التشغيل، أكد أفتاتي ضرورة إصلاح مدونة الشغل، على اعتبار أن بعض المؤقتين يعملون أزيد من 18 سنة ولا تسوى وضعيته، منتقدا بعض المقاولات التي تربح على حساب العمال. وطالب برفع معاشات التقاعد لبعض الشرائح المجتمعية، إذ في الوقت الذي يستفيد فيه الوزراء والبرلمانيون من تقاعد كبير على الرغم من عملهم لمدة 5 سنوات، فإن بعض الشرائح لا تستفيد إلا من 40درهم كتعويض عن سنة من العمل، وأن هناك من عمل 25 سنة ولكنه يتقاضى معاش ضعيف. صعوبات على الرغم من صعوبات الظرفية الاقتصادية عالميا ووطنيا، فإن الحكومة رصدت بالمشروع المالي مجموعة من التدابير الجديدة. والتزمت الحكومة الجديدة بتسريع وتعزيز تنفيذ مختلف البرامج القطاعية والتي من شأنها إحداث تغييرات هيكلية في الاقتصاد المغربي. ويهدف هذا الالتزام الحكومي إلى مواصلة بناء اقتصاد وطني قوي متنوع الروافد القطاعية والجهوية وتنافسي ومنتج للثروة وللشغل اللائق وضامن للتوزيع العادل لثمار النمو. وتندرج هذه الرؤية الطموحة في إطار الدينامية القوية للإصلاحات والتوزيع القطاعي للسياسات العمومية، مبنية على مرجعية منفتحة على التحديات والفرص على الصعيد الجهوي والوطني والدولي والتي مكنت من تحول هيكلي لبنية الاقتصاد المغرب، حسب وزارة المالية والاقتصاد. وحسب مشروع القانون المالي، فقد أقدم المغرب على تسريع وتيرة تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية القائمة على استهداف طموح للقطاعات الموجهة نحو التصدير، والتي يتوفر فيها على إمكانيات تنافسية، وذلك لتحفيز النمو، وإعادة تموقع القطاعات المهيكلة ذات الإمكانات العالية، والحد من تدهور العجز التجاري. خارطة طريق اعتمدت الحكومة على إجراءات جديدة في القانون المالي لسنة 2012، مثل صندوق دعم التماسك الاجتماعي، ومجموعة من الإجراءات الضريبية المحفزة سواء في مجال السكن أو التصدير أو التجارة أو الصناعة. وقال نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية في رده على مداخلات النواب خلال المناقشة العامة للقانون المالي لسنة 2012 أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، إن الحكومة حرصت على التسريع من تقديم مشروع القانون المالي على أنظار المؤسسة التشريعية، مضيفا إلى أن عدم وجود قانون المالية، لم يمنع الحكومة من فتح ،بموجب مرسوم، الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية، والقيام بالمهام المنوطة بها (في التسيير والاستثمار والحسابات الخصوصية والدين العمومي... باستثناء التوظيف). وذكر بركة وفق تقارير اعلامية، بإعطاء انطلاقة تعميم برنامج المساعدة الطبية للمعوزين.كما ذكر بركة بمنشور رئيس الحكومة من أجل تفعيل ميثاق الممارسات الجيدة لحكامة المنشآت والمؤسسات العامة، وذلك في أفق إصلاح آليات تدبير ومراقبة هذه المؤسسات وبإبرام اتفاقية مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب من أجل توضيح الرؤية وترسيخ الشراكة والتعاون وبناء الثقة بين الفاعلين في القطاعين العام والخاصوبمواصلة تعبئة التمويلات لإنجاز الأوراش والمشاريع الاستراتيجية، فضلا عن الشروع في تفعيل القطب المالي للدار البيضاء وبالإسراع ابتداء من هذا الأسبوع في عملية استرجاع الضريبة على القيمة المضافة من قبل الشركات، مع إعطاء الأسبقية للمقاولات الصغرى والمتوسطة. وأكد أن الحكومة حرصت من خلال مشروع قانون المالية، عن وعي ومسؤولية ،» على عدم المس بالأغلفة المبرمجة باستثناء بعض الاعتمادات الجديدة والتحويلات حتى لا نعمل على إيقاف الدينامية الاقتصادية، خاصة في إطار الأوراش والمشاريع الاستراتيجية». وحول ربط الميزانيات القطاعية بمستوى تنفيذ النفقات، قال نزار بركة إن « القطاعات الاجتماعية ستكون الخاسر الكبير في هذه العملية، وخاصة في قطاعي التعليم والصحة (نسبة التنفيذ لا تتجاوز 50 في المائة)» موضحا أن تجربة الأكاديميات الجهوية في التدبير المالي لا زالت في بدايتها وينبغي تأهيلها وتأطيرها، باعتبارها ركيزة أساسية من مراكز ورش اللاتركيز الذي سيواكب مشروع الجهوية المتقدمة. من جهة أخرى أبرز بركة أن القانون التنظيمي للمالية الجديد الجاري الاشتغال عليه من شأنه أن يعيد النظر في هيكلة الميزانية في ضوء الأولويات والأهداف وربط النفقات بالنتائج.