في الجمعة الماضية ألقى فضيلة الخطيب قاسم حسني بالمسجد العتيق لمدينة مشرع بلقصيري، خطبة قصيرة جامعة، جعل موضوعها للتدليل على واجب نصرة المسلمين في فلسطين ومجاهدة الصهاينة المغتصبين، انطلاقا من أن الله جعلنا إخوة ، هذه الأخوة التي لها أساسين الأول : خلقنا من ذكر وأنثى وهي الأخوة الإنسانية، والأساس الثاني أننا مؤمنون( إنما المومنون إخوة) وهي أخوة الإيمان. الأخوة الإنسانية والأخوة الإيمانية وموضوع الخطبة يتبين من مقدمتها التي استهلها الخطيب بقوله : الحمد لله حمدا كثيرا، أمرنا بالاعتصام بحبله، وألف بين قلوبنا بفضله، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أفضل أنبيائه وخاتم رسله، جمع الناس على التقوى وبنى أمته على الرخاء صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أما بعد: يقول الله تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) وانطلاقا من المودة والرحمة التي جعلها الله بين الزوجين أسس لمفهوم الجماعة والتي بناها الرسل جميعا على الأخوة الإنسانية والأخوة الإيمانية : بدأت الحياة من فرد واحد وهو آدم عليه السلام، ثم خلق الله له زوجا (يعني زوجته حواء) وجعل بينهما مودة ورحمة وهذه المودة وهذه الرحمة هي رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التي لا زلنا نستظل بظلها ونستروح نسائمها، هذه المودة التي جمعت بين الذكر والأنثى والتي نتج عنها عمران هذه الأرض بتلك الأعداد الهائلة من البشر ذوو الأجناس والألوان والعقائد المختلفة، والتي دعا الإسلام والرسل كلهم إلى المودة والأخوة بين بني الإنسان عامة وبين المؤمنين خاصة. ويضيف قائلا: فكثير من آيات القرآن الكريم تشير إلى أن الإنسان خلق من امرأة ورجل، وقد شاءت إرادة الله أن تكون هذه المودة أساس بناء الجماعة الإسلامية وأساس علاقة الأفراد مع بعضهم البعض من أجل حياة مشتركة، الرسالات التي جاء بها الرسل كلها أكدت على الأخوة بين بني الإنسان وعلى الأخوة بين المؤمنين. أصلحوا ذات بينكم كما أشار فضيلته إلى أن هذه الأخوة كما دعا الله عز وجل في القرآن إلى إقامتها وإنشائها فإنه سبحانه وتعالى شرع أحكاما للحفاظ عليها، وهكذا نبهت آيات القرآن الكريمة إلى ما من شأنه أن يوهن من هذه الأخوة أو يقطعها. وحذرت - أي آيات الفرآن الكريم - من كل ما يضعف هذا الرباط الذي ربط به بين عباده المؤمنين، وهو رباط الأخوة، ودعت إلى الإصلاح بين المتخاصمين والمتنافرين والمختلفين وهو ما تشير إليه الآية: (إنما المومنون إخوة فأصلحوا ذات بينكم) أي أصلحوا بين المتخاصمين. غاية الأخوة مقاومة الغطرسة الصهيونية ثم يجعل الخطيب غاية هاته الأخوة سواء الإنسانية والإيمانية، هي مقاومة الغطرسة الصهيونية، ويبين أن خيار المقاومة هو السبيل الوحيد لتحرير الأقصى، كما أسقط دعوى ضعف التسلح من جهة العرب والمسلمين، وهون من تسلح اليهود المغتصبين، أمام السلاح الذي انتصر به الرسول صلى الله عليه وسلم على أعظم قوتين في زمانه، الفرس والروم، الذي كان هو الإيمان، الإيمان الذي تمتلكه هاته الأمة: هاته الأخوة التي أمر الله بها في هذه الآية الكريمة نزلت لتتقوى جاذبية الإيمان وتقوى القلوب، وتدعوهم إلى التقارب فيما بينهم بتوحيد كلمتهم وجمع شملهم، لينهضوا جميعا لمقاومة الغطرسة الصهيونية وردع القتلة والمجرمين والتحدي إليهم بكل ما يملكون، والمسلمون يملكون قوة عظيمة لا تملكها أية أمة، وهاته القوة هي الإيمان، هذا الإيمان الذي يدعو إلى التآزر والتعاطف والتعاون، هذا الإيمان الذي انتصر به المسلمون الأولون على أعدائهم وسادوا الدنيا وملؤوها عدلا ورفاء، هذا الإيمان الذي انتصر الرسول صلى الله عليه وسلم به على قطبي الكرة الأرضية، فارس والروم، قطبي الكرة في عصره، وكتب إليهم بلهجة قوية " أسلموا تسلموا "، مع أنه لا يملك الدبابات ولا الطائرات ولا الصواريخ إنما يملك الإيمان، هذا الإيمان الذي معه المؤمنون، ولقد امتن الله تعالى على نبيه إذ قال: (هو الذي أيدك بنصره وبالمومنين). النصر بالمؤمنين بهذه الآية يعود من جديد ليشدد على أن الأخوة الإيمانية كانت عاملا أساسا في استحقاق النصر. " فاتقوا الله أيها المومنون وتمسكوا بحبال الأخوة وقوموا بواجباتها من أجل الدين ومن أجل إخوانكم ومن أجل فلسطين ومن أجل إرضاء الله أولا وآخرا". الدفاع عن الأقصى واجب على الأمة وفي الخطبة الثانية، ساق أدلة أخرى غلى أن واجب الدفاع عن الأقصى وفلسطين، هو واجب على كل مسلم أينما كان وأينما حل. "جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: طعينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله"، وقال صلى الله عليه وسلم: طلا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصىط. هذا الربط الذي ربط به الرسول صلى الله عليه وسلم بين المساجد الثلاثة يعني أن التفريط في واحد منها تفريط في الجميع، المسجد الأقصى مسجد مبارك، بارك الله حوله، ومن واجب المسلمين أن يدافعوا عن هذا المسجد، أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومن أحب المساجد للمؤمنين، أمَّ فيه نبينا عليه الصلاة والسلام جميع المرسلين ليلة الإسراء. والمسجد الأقصى ليس للفلسطينيين وحدهم، هو لأكثر من مليار مسلم في العالم، ومسؤولية حمايته من واجب جميع المسلمين أينما كانوا وحيث كانوا ". طبيعة اليهود وفي الأخير ختم الخطبة بذكر طبيعة اليهود التي هي القتل وسيمتهم التي هي الغدر والخيانة. " هذا وأصبح الآن هدفا للمؤامرات يعبث الصهاينة في أرضه فرادى وجماعات ينتهكون الحرمات ويقتلون النساء والرجال والشيوخ والأطفال، لقد زاغ اليهود عن الحق، نقضوا وغدروا وقتلوا وشيمتهم الغدر وطبيعتهم القتل، قتلوا أنبيائهم وانتهكوا حرمات البيت ". اللهم عليك باليهود ثم انبرى للدعاء على اليهود الظالمين بالسحق والدمار. اللهم عليك بالمعتدين القتلة الظالمين الصهاينة المعتدين اللهم خذ اليهود أخذ عزيز مقتدر، اللهم حقق رجاء العرب والمسلمين في تحرير المسجد الأقصى، الله أعن العرب والمسلمين على الشرذمة الظالمة، وعجل يا رب بتحرير القدس.