أكدت بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، على أن النص الدستوري يؤطر عملها داخل الوزارة في مقاربة موضوع الأسرة، دون أن يلغي ذلك أو يتناقض مع النصوص الدستورية الأخرى التي تعطي أهمية لمكونات الأسرة خارج هذا الإطار، ومنها التمكين للمرأة سياسيا بتحقيق المناصفة، واجتماعيا بتجديد هيئة لتكافؤ الفرص وبالتمكين للمرأة على وجه العموم، وكذلك بالنسبة للطفولة وفئة ذوي الاحتياجات الخاصة. وقالت الوزيرة بأنها ستأخذ الوقت الكافي وبالإيقاع الضروري غير المتسرع وغير البطيء، في التعاطي مع ملفات بقضايا مجتمعية مصيرية تستلزم النفس الطويل من أجل مقاربتها ومعالجتها..مشددة على أن تحقيق النتائج المرجوة رهين بإعادة هيكلة الوزارة وتخصيص ميزانية كافية تساعد على تفعيل طموحاتها ومقترحاتها للقطاع الذي أُسند إليها، وكذا بالقيام بمبادرات لتقنين العلاقات بين الوزارة وباقي القطاعات وتوضيحها. وبخصوص انطلاق قرارات إجرائية في بعض الملفات ذات الأولوية، قالت الحقاوي، بأنها الوزارة ستعمل على استحداث صندوق خاص بالأشخاص المعاقين، وأنها اتخذت قرارا بتحيين القانون الخاص بهاته الفئة، وتفعيل بعض الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب تنزيلا ومتابعة..، وفيما يتعلق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، ذكرت الحقاوي بالعمل على تصحيح مجموعة من الوضعيات في جانبها القانوني والتنظيمي و الخدماتي، وأوضحت أن استحداث المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة هو من اختصاص الوزارة الوصية، التي ستبدأ قريبا في الاشتغال على مستوى مسودة مشروع قانون تنظيمي لهذه الغاية. ❍ حكومة المرأة الواحدة كانت عنوانا بارزا لجدل كانت لغته أكثر حدة، ومدخلا لردود أفعال تربط جميعها بين الواقع والمستقبل عبر هذه الحكومة، مند الإعلان عن الهوية النهائية لتشكيلتها، كيف تقيمين كل ما حصل في هذا الموضوع؟ ● إذا كان المقصود بالسؤال ما يتعلق بالتفاعل مع ما كتب على صفحات الإعلام. أؤكد لك بأنني كنت منشغلة بتنظيم لقاءات تفقدية واستكشافية من أجل تشخيص الوضع الداخلي للقطاع الذي تحملت مسؤوليته، قبل أن أباشر أعمالي بشكل رسمي بعد مصادقة البرلمان على البرنامج الحكومي. وما كان يكتب من تعليقات على شخصي بشكل خاص لم يكن يهمني في أي شيء، إلا ما تعلق بالتمثيلية النسائية التي جاءت مقلصة في هذه الحكومة. وكنت قد عبرت عن موقفي الشخصي في الموضوع، مباشرة بعد تعييني من لدن جلالة الملك، وأكدت فيه على انزعاجي من هذا الحضور الضيق جدا للمرأة داخل الحكومة، وعلى أن هناك كفاءات نسائية كان بإمكانها أن تتحمل المسؤولية في هذه الحكومة. وأوضح إخواني من داخل الحزب الذي أنتمي إليه، بشأن هذا الأمر أن وجودي داخل الحكومة لم يؤخذ فيه بعين الاعتبار معيار الجنس، وأن الديمقراطية الداخلية لحزبي وعبر انتخابات سرية، هي التي أفرزت اسمي، وقادتني إلى الاستوزار.بل إن الصورة الرسمية التي أخذت لتشكيلة الحكومة عند التعيين وهي أيضا لم يعار فيها لهذا الاعتبار أي انتباه؟ حتى من باب تبييض وجه الحكومة بخصوص النقص الحاصل وموقعي فيها هو الموقع المخصص لوزير التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية، رجلا كان أو امرأة. إذ لم يكن هناك أي تمييز لا من حيث تشكيل الحكومة، ولا من حيث الصورة المعبرة عن هذه التشكيلة. وكوني انضممت إلى النساء البرلمانيات وهن يرفعن لافتات للتذكير بالمقتضى الدستوري المادة 19 من أجل تحقيق المناصفة، فذلك لاعتبارين:الأول يخص قناعتي الدفينة بأحقيتهن في هذا النضال، والثاني يتأسس على كوني أشرف اليوم على القطاع الوصي على الشأن النسائي .أما سفاسف الأمور من التركيز على بعض الجوانب السطحية والجزئية والمفتعلة أحيانا على شخصي، فلم أسقط يوما في مثل هاته الهفوات التي لا يجب أن تصدر لا على السياسيين ولا على مناضلين حزبيين كانوا أم جمعويين أو إعلاميين.فقط أؤكد أنني أصيلة بالفطرة و حداثية الى النخاع ولن أغير هويتي الوطنية ولا هويتي الشخصية. ❍ في إطار هذا الجدل، رسمت بعض التعليقات صورة لوزيرة عينت في قطاع "التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية"، "معادية لحقوق المرأة"...، ما مدى صدقية هذه الصورة ؟ ● أعتقد بأنني لست بحاجة إلى التعريف بشخصي، كوني غيورة على وطني و الدال على ذلك انخراطي في الأوراش التي تمكن بلدي من تحقيق التنمية والتطور والتقدم للمجتمع بأسره، ويضاف إلى ذلك نضالي من أجل المرأة، إذ إنني لسنوات طوال ترأست منظمة نسائية لها مكانتها في الساحة الجمعوية، وانتخبت على رأس منظمة نساء العدالة والتنمية منذ أشهر، وأدائي داخل البرلمان كان فيه الكثير مما يصحح صورة المرأة. ويبقى أن لكل شخص بصمته ولي بصمتي الخاصة، أدائي وعملي وما يمكن أن يصدر عني وأيضا شكلي وطريقتي في تمظهري هو جزء من هويتي لا يمكن أن أنكرها ... وأحد مكونات هويتي، يخص جانب الوضوح في تعاملي، وفي تعبيري عن مواقفي، وعن جرأتي التي أشار إليها البعض، وهي داعمة وأساس للشخصية المناضلة، التي لا تحابي أحدا فيما يتعلق بالحقوق، ولا تتنازل عندما يتعلق الأمر بالمبادئ، ولا تتزايد عندما يتعلق الأمر بالمصالح العليا، ولا تساير حماية لنفسها، ولا تتبع بما يلغي العقل. ❍ استندت بعض التعليقات على فكرة الرجوع إلى الماضي لفهم الحاضر، وهي تطرح مسألة المخاوف من مواقفك السابقة، فيما يخص مثلا الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية "السيداو"، كيف توضحين الأمر؟ ● صراحة أنا لا أنزعج من طرح مثل هذه الأمور، وهذه فرصة لتوضيح مجموعة من الأشياء، منها موقفي فيما يخص التزامات المغرب في إطار الاتفاقيات الدولية. وقد عبرت أكثر من مرة أن التزامات المغرب منذ أن أصبحت مسؤولة داخل هذه الحكومة أصبحت التزاماتي بشكل مسؤول لضرورة انخراطي في كل ما أصبح ملزما للمغرب. فالمغرب دولة مستقرة لها مرجعية تحصنها من أي انزلاق، و ذات سيادة لا تسمح بأي تجاوز أو انحراف يزعزع أمنها واستقرارها، وبالنسبة لي هذا هو المطلوب، وهو ما كنت أناضل من أجله دائما. فيما يتعلق باتفاقية "السيداو"، والتي تنص على مكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، هي اتفاقية صادق عليها المغرب وكان له عليها بعض التحفظات، رفع بعضها بموجب مستجدات قانون مدونة الأسرة وتعديل قانون الجنسية، ولم يبق إلا بعض الاحتياطات التي كانت تتخذها المملكة المغربية لنفسها وتترجمها إلى تحفظات. وكون المغرب رفع بعضها وكان لي موقف من ذلك، لاعتبارين اثنين:أولهما أن العملية مرت في ظروف غير واضحة، ومن حقي وقتها كبرلمانية أن أقوم بوظيفتي الرقابية للاستفسار. ثم إن وزير الخارجية آنذاك تقدم بالأجوبة، وقال بأن هذا الأمر لا يمس سيادة المغرب ومقدساته، والذي زادني اطمئنانا أن التحفظ لم يرفع على المادة 29. وثاني هذه الاعتبارات أنه يمكن مزيدا من الاحتياط لازالت الفرصة سانحة لكي نرفق رفع التحفظ ببيان تفسيري وهذا من حق المغرب. ❍ وعلى مستوى معالجة ملف الإجهاض؟ ● أما فيما يخص الإجهاض، فأعتقد أن الموضوع ليس ذي راهنية، وأن الجهات التي تدافع عنه من حقها أن تطالب بما شاءت لأن بلدنا بلد حرية التعبير، وحرية الفكر ، وحرية النضال وحسن تنويع أشكاله. لكن بالمقابل الدولة هي دولة حكيمة وراشدة، وتوجهاتها تأخذ بعين الاعتبار هوية الشعب في إطار الدستور الجديد الذي يتحدث عن الديمقراطية التشاركية ولا يمكنها أن تتخذ أي توجه مغاير للخط العام للدولة إلا باستفتاء الشعب.فحماية الحقوق الذاتية لأي مطالب بأي حق تحتاج من الدولة أن تنتصب حامية لحقوق من لا قدرة لهم على الدفاع على أنفسهم. ❍ ما مدى التجاوب داخل الوزارة مع تلك الطبيعة وتقبلها؟ ● لله المنة في هذا الأمر، جئت لهذا القطاع ولي بعض الخبرة فيه، باعتبار اختصاصي الأكاديمي، وباعتبار انشغالي الجمعوي، وباعتبار وظيفتي النيابية داخل مجلس النواب. وقد اشتغلت لمدة 9 سنوات داخل لجنة القطاعات الاجتماعية، ولي تجربتين في رئاستها، بما سمح لي أن أعرف هذا القطاع عن قرب، ويعرفني المسؤولون والأطر من ذي قبل، بحكم حضورهم لاجتماعات اللجنة مع مجموع الوزارء الذين تعاقبوا على تسيير هذا القطاع. وأعتقد أن 9 سنوات كانت كافية لكي أفهم بعض الشئ هذا القطاع، ويكون للجانب العلائقي نصيب مما يسر التعامل، بحيث أننا في فترة لا تتعدى 3 أسابيع، يمكني القول بأنه تحقق شيئا أساسيا، وهو الإجماع على التشخيص انطلاقا من وجودنا جميعا في كل الزيارات والاجتماعات لرصد واقع الوضع داخل الوزارة في مختلف المديريات والمؤسسات الموجودة تحت الوصاية. اليوم كل المسؤولين تقريبا على نفس المستوى من التمكن من المعلومة، ومن الاطلاع على مختلف مجالات العمل وأيضا يساهمون في إنضاج القرارات التي يبنى على أساسها عمل وتحدد بها طريقة الانطلاقة، بالمعنى الذي سيجعل هذه الأجهزة العاملة داخل الوزارة أكثر فاعلية ونجاعة، وأكثر مبادرة في أجواء سليمة وداخل هيكلة ناظمة للأعمال والصلاحيات، وأيضا متجانسة ومتفاعلة فيما بينها، الشيء الذي لم يكن من ذي قبل، حيث عبروا على أنهم كانوا يشتغلون في جزر مستقلة بعض الشيء عن بعضها البعض، وأنا مستبشرة من وجود هاته الكفاءات داخل الوزارة واستعدادها للعمل. من أجل اقلاع جديد. ❍ أفرد البرنامج الحكومي محورا خاصا في مجال العناية بالأسرة والمرأة والطفولة، على ماذا استندتم في وضع التوجهات الكبرى التي تؤطر عملكم داخل القطاع؟ ● المحدد الأساسي اليوم في أية مبادرة حكومية أو مدنية أو غيرها من المبادرات هو الدستور الجديد، والدستور فيما يتعلق بالقطاعات التي نحن معنيون بها، جعل للأسرة موقعا خاصا وحدد ماهيتها ومعالم العمل لخدمتها. هذا النص الدستوري من شأنه أن يؤطر عملنا داخل الوزارة، وأن نموقع الأسرة الموقع الذي يليق بها انطلاقا من موقعها في الدستور. طبعا، هذا لا يلغي ولا يتناقض مع النصوص الدستورية الأخرى التي تعطي أهمية لمكونات الأسرة خارج هذا الإطار، ومنها التمكين للمرأة سياسيا بتحقيق المناصفة، واجتماعيا بتجديد هيئة لتكافؤ الفرص وبالتمكين للمرأة على وجه العموم، وكذلك بالنسبة للطفولة وفئة ذوي الاحتياجات الخاصة. وهذه الفئات تستحق منا أن ننمي العمل ونركزه، وأن نعطي دفعة جديدة لكل الأوراش التي فتحها المغرب وأصبح فيها رياديا ونموذجيا، خصوصا فيما يتعلق بالمرأة. وللجمع بين هاته الأوراش دون أن نفرط في أي منها، سنتبنى سياسة مندمجة، لأن حقوق الأسرة هي حقوق إضافية، وليست حقوقا تتحقق بتحقيق مطالب كل مكون على حدى، وإنما هي حقوق خاصة بالأسرة ككيان، وهذا هو الجديد في الدستور، وفي مبادرة هاته الوزارة من خلال ترجمة المضمون الدستوري إلى برامج وإلى إنجازات خاصة ❍ وردت فئات الطفولة والأشخاص المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة ضمن توجهات البرنامج الكبرى في مجال تعزيز مكانة المجتمع المدني، مع العلم أنكم القطاع المعني بهذه الفئات، ما تفسير ذلك؟ ● صياغة البرنامج الحكومي مرت بمرحلة ما قبل تشكيل الحكومة وهي البرامج الانتخابية لكل حزب داخل الائتلاف الحكومي، ومرحلة تهيئ وتحضير مشروع برنامج حكومي من قبل الأحزاب المشكلة للحكومة، وفي مرحلة ثالثة بعد تشكيل لجنة منبثقة عن المجلس الحكومي، تمت مراسلة القطاعات لتقدم مقترحاتها وتبدي رأيها في المسودة الخاصة بمشروع البرنامج. وبصفتنا القطاع المعني بكل الفئات التي جاء ذكرها في محور القطاعا ت الاجتماعية قدمنا مقترحاتنا الخاصة، وتعديلات عن المضمون الذي يهمنا. والصياغة الحكومية للبرنامج اعتمدت التصنيف حسب المواضيع وليس حسب القطاعات، فكل ما يتعلق بما هو اجتماعي تم تصنيفه موضوعاتيا، وما يتعلق بالفئات صنف على أساس ترتيب النمو الارتقائي مثلا الشباب بعده الطفولة وهكذا...، وهذه هي لمسة اللجنة الوزارية لأنها قامت باستحضار المعطى القطاعي عموما، ومعطى الترتيب حسب الفئات العمرية. ❍ هل التدابير التي تعهد بتحقيقها البرنامج الحكومي في مجال العناية بالأسرة والمرأة والطفولة، مرتبة حسب الأولويات في التنزيل؟ ● لا، أبدا، فما تعهد به البرنامج الحكومي من تدابير، غير منبثق عن النظرة المحكومة بترتيب الأولويات، فكل المواضيع ذات أولوية بالنسبة لنا وسيبدأ العمل فيها تزامنيا بالتدرج، وقد تعطى الأولوية لكل موضوع انطلاقا من الإستراتيجية التي نرسمها داخل الوزارة. فعلى سبيل المثال، قد نعطي في السنة الأولى ، الألوية لإخراج القوانين، وفي السنة الثانية ستعطى الأولوية لإصلاح المنظومة الجمعوية في علاقتها بالقطاع، بالنظر مسألة الدعم وتكييفها حسب الحاجة...وأي تقديم أو تأخير لمجال من المجالات، رهين بإستراتيجية وبرنامج العمل الذي سيسطر لتحقيق الأهداف. ❍ النقط التي لا يمكن لأية حكومة أن لا تشتغل عليها في المجال واضحة، ما الذي يلزم في اعتقادكم لإقامة التغييرات المنشودة؟ ● أعتقد بأنني في مرحلة "شحذ المنشار"، وبقرار جماعي داخل هذه الوزارة التي أسند إلي تسييرها، أجمعنا على ضرورة اتخاذ الوقت الكافي لمعرفة أين يكمن داء هذا القطاع وما هي مكامن ضعفه، كما نطرح السؤال على مكامن قوته وإمكاناته لكي تقلع إقلاعا جيدا. طبعا، سنأخذ الوقت الكافي وبالإيقاع الضروري غير المتسرع وغير البطيء. فالظرفية الحالية تحتاج منا أن نوضح الرؤية بخصوص وظيفة "وزارة التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية"، إذ ليس كافيا أن تقوم هذه الوزارة، بدور تنسيقي وبشكل "أفقي وعرضاني" مع باقي القطاعات. فلكي تقوم أولا بوظائفها ولكي تملأ اختصاصاتها، وتحقق الأهداف من وجودها، لا بد أن يتم التداول على المستوى الحكومي في هذا الباب، وتخصيص ميزانية كافية لها، وأن نقوم بمبادرات لتقنين العلاقات وتوضيحها. أما على المستوى الداخلي للوزارة، فعندنا مجموعة من الأوراش تطرح نفسها اليوم، تتعلق بالهيكلة وتنظيم الاختصاصات، وطريقة العمل ومنهجية الاشتغال..، وهذا كله بدأنا نرسم ملاح العمل فيه. ❍ هناك مسؤوليات جسيمة تنتظركم في إدارة هذا القطاع الاجتماعي، لكن بالنظر إلى واقع الأمور يبدو أن الإمكانيات المتاحة جد محدودة، ما رأيكم إذن في هذه المفارقة؟ ● هناك مشكل تصوري عند تأسيس وزارة التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية، ومؤشرات ذلك لا زالت مستمرة، فالأحزاب عندما تتحدث عن القطاعات الاجتماعية تدخل ملاحظاتها في قطاع التعليم والتشغيل والسكن والصحة، وتهمل المجال الاجتماعي الذي يتعلق بالفقر والهشاشة...، ويحيل أيضا على فئات من المجتمع لم تمكن من حقوقها ومن وضعية تتلاءم مع الوضع التنموي العام للمغرب، ومنها فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، الطفولة المشردة والمهملة، والنساء في وضعية صعبة ... كذلك هيكليا، نجد أن وزارة التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية، مرتبة بعد هاته القطاعات الوزارية المشار إليها، والواقع أنها يجب أن تكون قاطرة في المجال الاجتماعي تتقاطع فيها القطاعات الاجتماعية الأخرى، لا أن تقوم بدور تنسيقي وأفقي عرضاني، بل الوزارات الأخرى في قطاعاتها تقوم بأعمالها في إطار هاته العلاقة، وهذا يجب أن يصحح هيكليا وعمليا، وأن ننجح في أن يكون لوزارة "التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية" الموقع الذي يليق بها، يجب أن نعمل على رفع شأنها وأن نقوي صلاحياتها، وأن نضخ فيها الميزانية التي تمكنها من الفعل الذي يبرز موقعها في الشأن الاجتماعي، وأن تكون لها الإمكانيات الضرورية لترجمة استراتيجيها في الميدان. ❍ يبدو لك هذا الأفق ممكنا في ظل هذه الحكومة ؟ ● نعم، يبدو لي ممكنا، إذا توفرت النيات الصالحة، و تجندت باقي القطاعات للتعاون على هذا الورش الكبير. بالنسبة لي هذه قناعتي من قبل مجيئي للوزارة ، وقناعتي هذه تأكدت مع المسؤولين داخلها. فقط يجب أن نعد لهذا ونحضر ونعمل على أساسه، وأن نجد التعاون الكبير على مستوى رئاسة الحكومة، وأيضا مع باقي مكونات الحكومة. ❍ في الواجهة فئات اجتماعية متعددة، تريد إجابات مباشرة حول ماذا سيكون من تدابير استعجالية لأوضاعها ؟ ● مثل من ؟ ❍ الأطر العليا المعطلة في فئة ذوي الاحتياجات الخاصة مثلا ؟ ● نحسم شيئا قبل الإجابة عن هذا السؤال.. فوزارة "التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية"، لا يدخل في اختصاصاتها تشغيل المعطلين كيفما كانت الفئة التي ينتمون إليها. ملف هاته الفئة من أهم الملفات التي تشتغل عليها الوزارة، في إطار الدعم وتقديم الخدمات لها، وكذا مساعدتها على الاندماج المجتمعي من أجل الانخراط في الورش الكبير المتعلق بالتنمية المستديمة.لا مناص إذن، هذه الفئة يجب أن تدمج وتمكن من حقوقها لكي ننجح هذا الورش. ❍ ماذا تقترحون من تدابير أولية في سبيل ذلك؟ ● ستعمل الوزارة على استحداث صندوق خاص بالأشخاص المعاقين، الشيء الذي سيقدم حلولا معتبرة لمشاكلهم. وقد اتخذنا كذلك قرارا بتحيين القانون الخاص بهاته الفئة، وتفعيل بعض الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب تنزيلا ومتابعة وإحياء بعض المراسيم في هذا الباب، وكذا المعايير التي وضعت لتسهيل ولوج هذه الفئة للخدمات... ❍ في أي حيز زمني تتوقعون خروج الصندوق إلى حيز الوجود؟ ● اتخذنا القرار، واستحداثه يتطلب منا الاجتهاد في توفير الموارد وكيفية الاستعمال وطريقة الاستفادة. ❍ بالنسبة للأشخاص المسنين، ما هي مقاربتكم للموضوع؟ ● باعتبار المعطى الدستوري الذي يعطي أهمية للأسرة، يجب أن نقارب الموضوع أسريا، وأن يدمج المسن في الأسرة،وبالتالي فمساعدة المسن واحتضانه من موجبات مساعدة الأسرة الحاضنة. هذا دون أن نغفل البنية التحتية المستقبلة للذين يتعذر عليهم العيش وسط أسرهم، ولا يخفى أن هذه البنية وضعيتها مهترئة جدا، و تحتاج إلى إصلاح كبير، وإلى مبادرة خاصة ننهي فيها مع مؤسسات الإيواء والاستقبال لهاته الفئة، التي لا تتوفر على أدنى خدمة تحفظ الكرامة. وأعتقد، أن عدة خدمات ضرورية يجب أن تقدم للأشخاص المسنين، معلقة بسبب عدم تأهيل البنية التحتية المستقبلة وهذا أشرنا إليه في البرنامج الحكومي. ❍ في هذا السياق، ماذا تقترحون على مستوى معالجة ملف مؤسسات الرعاية الاجتماعية؟ ● فيما يتعلق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، أعتقد أن الأمر يتعلق بموضوع شائك جدا، لازال يعتبر من بؤر الفساد. وسنعمل على تصحيح مجموعة من الوضعيات في جانبها القانوني والتنظيمي و الخدماتي. لذا فمراجعة القانون المؤطر لدور الرعاية الاجتماعية رهان أولي. نحتاج إلى جهد كبير في ظل توجهنا الإصلاحي، ووقت معتبر ونفس جديد يجب أن ينخرط فيه كل المعنيون القيمون على هاته المؤسسات، وآثار عملنا ستظهر تدريجيا بعد الاطلاع على الملفات وتفحصها بدقة. ❍ ينتظر أن تخرج الحكومة المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة الذي نص عليه الدستور الجديد، إلى حيز الوجود قريبا، في أي سياق تتموقع الندوة الدولية التي نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان الأسبوع الماضي في هذا الموضوع؟ ● أعتقد أن الندوة الدولية التي نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حول المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، تدخل في إطار النقاش الفكري والثقافي الذي له بالتأكيد أهمية خلق مناخ التداول القبلي لمجموعة من المبادرات التي ستقوم بها الجهات المختصة.واستحداث المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة هو من اختصاص الوزارة الوصية، التي ستبدأ قريبا في الاشتغال على مستوى مسودة مشروع قانون تنظيمي لهذه الغاية. فالحكومة ستبدأ بالأوراش الملحة التي ينص عليها الدستور، والتي تحكم مستقبل العمل ومجال الاشتغال الجديد وفق المحددات الدستورية، وهذا له مسطرته وله محطاته حسب ما هو معلوم ومعروف للقيام بأية مبادرة تشريعية. ❍ ما هي الصيغة التي ستحكم العلاقة بين الوزارة وباقي الشركاء، لإخراج هذا الإطار القانوني على ضوء الدستور؟ ● وزارة التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية، يجب أن تكون منفتحة على جميع المكونات الحكومية والمؤسساتية، التي قد تلتقي معها في جانب من جوانب القطاعات التي تشرف عليها. ويجب أن تستأنس بها وأن تعمل معها بمفهوم التضامن الذي هو عنوان لهذه الوزارة، حتى ننتج أعمالا نضجت وأحيانا اختبرت، لكي تكون ناجعة وهذا هو نهجنا.