نفى الشيخ محمد عبد الوهاب رفيقي «أبو حفص» أن تكون مسألة العفو عن الشيوخ الثلاث بناء على صفقة تمت بينهم وبين الدولة، قائلا في حوار خص به «التجديد» أنه «طيلة تسع سنوات من الاعتقال، لم يدر أي حوار بيني وبين أي مسؤول بخصوص الملف، ولا سبق لي أن جالست أحدا في هذا الموضوع». وأكد «أبو حفص» أن فرحة الخروج من السجن كانت مبتورة بسبب بقاء المظلومين على خلفية هذا الملف بالسجون، مشددا أنه سيظل يناضل من أجل الحرية إلى أن يغادر آخر مظلوم تلك القضبان. ● هل تفاجأتم بقرار العفو عنكم ليلة ذكرى المولد النبوي؟ ●● الأمر كان مفاجئا، وغير مفاجئ، مفاجئ من حيث التوقيت وخلال هذه المناسبة بالضبط، وغير مفاجئ، لأن الأمر كان متوقعا بسبب الحراك الشعبي العربي بشكل عام، والمغربي بشكل خاص، كما توقعنا هذا الأمر بعد العفو الأخير الذي شمل بعض الشيوخ ضمن مجموعة من المعتقلين على ذمة الملف والسياسيين الخمسة الذين كانوا معتقلين على خلفية ملف «بلعريج»، تم تشكيل الحكومة... كل هاته الأمور كانت بمثابة مؤشرات إيجابية على أن الفرج قريب إن شاء الله عز وجل، ولهذا لم يكن مفاجئا قرار العفو عنا، سيما وأن مظلوميتنا واضحة ولم نرتكب جرما يبقينا ورء تلك الجدران. وبصفة عامة، يمكن القول إن التغيرات التي شملت العالم العربي ككل، والمغرب بشكل خاص، الدستور الجديد، وصعود الإسلاميين، جعل الأمر غير مستبعد، لكن أن يكون بمناسبة ذكرى المولد النبوي وبعد أيام فقط على تعيين الحكومة هي المفاجأة الحقيقية. ● وكيف تقرؤرون العفو عن الشيوخ الثلاثة؟ ●● كنت أعتقد أن العفو سيشمل مجموعة كبيرة من المعتقلين على خلفية هذا الملف، وفي تحليلي الخاص كنت أعتقد أن الحكومة الجديدة ستقدم كعربون ثقة في مجال الحقوق والحريات على الأقل دفعة أولية من الأسماء للعفو عنهم في انتظار دفعات أخرى، ريثما تصفى كل الملفات المتعلقة بهذا الملف الذي عمر لسنوات ظلما، وطبعا كان مفاجئا بالنسبة لنا أن يقتصر العفو على الشيوخ الثلاث دون سواهم. ● في كل مرة يتم فيها عفو تتحدث بعض الأوساط عن صفقة مع الدولة؟ ●● دعيني أخبرك أمرا، طيلة تسع سنوات من الاعتقال، لم يدر أي حوار بيني وبين أي مسؤول بخصوص الملف، ولا سبق لي أن جالست أحدا في هذا الموضوع ، ولم يطلب مني أحد شيئا، كثرت الإشاعات في هذا الباب واخترعت كثير من القصص والتحليلات والتأويلات، وأنا أؤكد اليوم أنني لم أتعرض طول هذه المدة لأي مساومة ولم أتلقى أي عرض، حتى الوقت الفاصل بين تلقي خبر الإفراج عني، ومغادرة أبواب السجن لم تتجاوز نصف ساعة، خلاصة الموضوع أن الدولة أخيرا اقتنعت بمظلوميتنا، فأطلقت صراحنا بدون قيد أو شرط ولله الحمد والمنة. ● نعود لوقت إبلاغكم بخبر العفو، كيف شعرت حين أبلغت بالأمر؟ ●● لا أستطيع وصف هذا الإحساس، أبلغنا بالأمر في آخر دقيقة، وكان شعورا مختلطا، بين فرحة الخروج إلى نور الأبناء والأهل و الأحباب وحزن الفراق مع من نحبهم هناك، هي فرحة غير مكتملة فقد تركنا أشخاصا أمضينا معهم الأفراح والأحزان نحن متأكدون أننا تركنا وراءنا أناسا مظلومين خلف القضبان. وأؤكد من خلال هذا المنبر أن نضالنا من أجل الحرية لم ينته بالإفراج عنا، سنناضل ونناضل بكل الأشكال الممكنة حتى يخرج آخر مظلوم لازال وراء القضبان، هم حملونا هذه المسؤولية، ونحن متحملين إياها دون أن يبادروا بطلبها منا، سندافع ونرفع أصواتنا بمظلوميتهم حتى يأتي الفرج الذي نبتغيه. ● بهذا الخصوص، هل تتوقعون أن تكون هذه المبادرة بداية لحل هذا الملف؟ ●● بصراحة اقتصار العفو على ثلاثة أشخاص، أمر يحز في نفسنا كثيرا، فبقدر ما فرحنا بزوال هذه المحنة بعد سنوات من المحنة بتلك السجون، وبهذا الفرج الذي أنعمنا به بحمد الله تعالى، بقدر ما نلمس بداخلنا حزنا عميقا على المظلومين الذين أمضوا معنا سنوات السجن، سواء من كنا نعرفهم قبل السجن، أو الذين عرفتنا بهم تلك الجدران. نؤكد أن ظلمهم واضح لا غبار عليه، وحقا نتأسف كثيرا على بقاءهم وراء تلك القضبان، لكننا في الوقت ذاته مستبشرون خيرا، على اعتبار أن هذا الملف يعرف طريقه إلى الحل إن شاء الله عما قريب. ● لا شك أنكم تلقيتم اتصالات نوعية بمناسبة خروجكم من السجن، هل تطلعونا عليها؟ ●● هي اتصالات كثيرة وغير منقطعة من شتى أنحاء الوطن، ومن أهمها اتصال السيد رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران الذي هنأني على الإفراج وتمنى لي مسيرة موفقة في الحياة، كما أنني شكرته على ما بدل من أجل إنهاء اعتقالنا، وأفصحت له عن استبشار كل المعتقلين، حتى غير الإسلاميين بتوليه للحكومة إيمانا منهم بنزاهة الإسلاميين وقدرتهم على إحقاق الحق، وكذا السيد مصطفى الرميد وزير العدل الذي هنأني بدوره على الفرج، وبدوري شكرته على كل ما بدل من أجلي طول هذه المدة حيث تطوع للمحاماة عني في وقت جد عصيب عليه وعلى حزبه وعلى حركته، إيمانا منه ببراءتي مما نسب إلي، وقد أتم واصل كفاحه من أجلي حتى وهو على رأس وزارة العدل ولم تمض إلا أيام معدودة على تعييينه، حتى استصدر قرارا بالإفراج عني، فله مني كل الشكر والتحية. كما أنني تلقيت اتصالات عديدة من كثير من أهل العلم والفضل من كل التيارات الإسلامية، مباركة ومهنئة وأعتز كثيرا بإتصال الشيخ محمد زحل الذي يعتبر من أجل مشايخي وأكبرهم دون أن أنسى اتصالات بعض أهل العلم المرموقين، الشيخ علي الريسوني والدكتور حماد القباج وغيرهم مما لا يتسع المقام لسرد أسمائهم، فلهم كل الشكر. كما أنني فوجئت برد الفعل الشعبي على صفحات الفايسبوك والأنترنت عموما وهالني ما اطلعت عليه من تعاليق التهنئة والمباركة وإظهار الفرح والسرور بهذا الخبر مما يعني أن كل محاولات التشويه من طرف بعض الإستئصاليين قد ذهبت أدراج الرياح ولله الحمد والمنة. ● ما هي مشاريعكم المستقبلية؟ ●● لم تمض على معانقتي الحرية سوى ساعات، ولا يمكن الآن الحديث في هذا الأمر. ● ماذا عن مبادرة «أنصفونا»الذي أطلقتموه منذ سنوات، هل ستواصلون النقاش في مضامينها؟ ●● لا يخفى عليك، مبادرة أنصفونا» جاءت في ظرفية معينة فالقضية متعلقة بالملف، ومتضمنة في نفس الوقت لأفكار غير مرتبطة بالملف.أي هي قضية طرحت من أجل الملف، لكنها تتضمن مجموعة من الأفكار العامة التي كنا نؤمن بها قبل الدخول السجن وأثناء ذلك، وهي نفس أفكارنا بعد الإفراج عنا، وبالتالي فاعتماد هذه المبادرة مستقبلا أو عدم اعتمادها بالنسبة لي غير مطروح، أما بالنسبة للإخوة الباقين داخل السجون فلا يمكنني التحدث في هذا الأمر بسبب مجموعة من التغيرات التي عرفها هذا الملف. ● (مقاطعة)أرجو مزيدا من التوضيح في هذه المسألة؟ ●● لاشك أن الخروج من السجن لدينا فرصة كبيرة لتوضيح مجموعة من الملابسات والإشكالات، خاصة وأن ما تضمنته المبادرة كما قلت وأكدت من قبل، ليس بأمر جديد، ولا يعني ما يطلق عليه إعلاميا ب»المراجعات»، ولو أني أؤكد دائما أن «المراجعات» ضرورية لكل مسلم وكل داعية كيفما كان شكله أو تياره، فلابد من نقد الذات، وإعادة الترشيد و التقويم لأي كان، لكن بالنسبة للبنود التي تضمنتها المبادرة كأرضية للتعامل مع هذا الملف، كل تلك المبادئ التي وضعناها مع الشيخ حسن الكتاني كنا نؤمن بها قبل وخلال وبعدا لاعتقال، وليس فيها أي تراجع، والذين انتقدوها توقفوا عند انتقاد التوقيت أو الظرفية التي أطلقت خلالها فقط-على حسب ما اطلعت عليه-، ولم يتعرض أحد لنقد المضامين، ولم أر أي رد عليها من حيث المضمون والمبادئ، وحتى من عرضت عليهم دون معرفة أنها مضامين المبادرة وافقوا عليها بدون انتقاد المضمون. إذن، ما أريد توضيحه، أنه كأرضية للملف هذا أمر يناقش، وكأفكار لاشك أن الساحة مفتوحة وسنعرض لأفكارنا تباعا في مناسبات قادمة، أو في حوار مفصل في المستقبل. ● ألا تفكرون في تأسيس جمعية أو الانتماء إلى حزب معين؟ ●● كما قلت لك أنا حديث العهد بالخروج من السجن وبالتالي أي حديث عن أي مشروع مستقبلي فهو مؤجل. ● ما تقييمكم لمستقبل المغرب في ظل حكومة العدالة و التنمية؟ ●● حين علمنا بفوز حزب العدالة و التنمية في الانتخابات ونحن داخل السجون، استبشرنا خيرا بترؤسه للحكومة، واعتبرنا الأمر تغيير كبير يعرفه البلد، قد لا يكون الأمر بالشكل الذي كنا نريده، لكن بوصول الإسلاميين صرنا نعيش على أمل انتشار العدل و الحرية و الكرامة وانتهاء زمن الظلم، ونعتبر أن هذا الإفراج يندرج ضمن تلك الآمال. أستبشر الجميع خيرا بوصول الإسلاميين إلى الحكم، وعلمنا أن حل هذا الملف صار وشيكا مادمنا مظلومين، وفعليا الأمر بدأ بهذا الإفراج وهو ما نعتبره مؤشرا إيجابيا، وبحكم التجربة نعتبر هؤلاء أصلح الناس، وأبعدهم عن الشبهة والفساد. ● لو طلبت تقييما للسجون خلال السنوات التسع، أين تضعون هذه الفترة؟ ●● يصعب علينا تقييم كل تلك السنوات خلال هذا الاستجواب، وعلى العموم مرت السجون بفترات رخاء نلنا خلالها كل حقوقنا المشروعة، كما مررنا بفترات سيئة جدا، عانينا خلالها الأمرين، ولاشك أن الشهور الأخيرة من أمرها والمعتقلون بغير السجن الذي كنت فيه، يعانون الكثير من الظلم و التعذيب، ونطالب بهذا الخصوص أن ينتبه المسؤولون على الأوضاع التي آلت إليها السجون و العمل على معالجة الأمر لحين يتمتع كل المظلومين بحريتهم. ● كيف ترون تعامل الصحافة معكم أثناء هذه المدة؟ ●● عند بداية الأحداث تكالبت علينا كثير من الصحف وشوهت صورتنا وقدمتنا نماذج للإرهاب والتطرف، وألبت وحرضت علينا واختلقت علينا الأكاذيب، ونسبت إلينا ما نتبرأ منه إلى الله دنيا وآخرة، وعمدت بعض هذه الصحف إلى التحريض على إعدامنا واستئصالنا دون خوف من الله أو حتى التزام بالمهنية الصحفية، بل إن بعضها كنا نمدها بالبيانات والتصريحات التي تؤكد على براءتنا فيرفضون نشرها ، لكن بالمقابل لا شك أن بعض الصحف وعلى رأسها جريدة التجديد وأقول هذا إحقاقا للحق وإثباتا للتاريخ لا مجاملة، وقد التزمت طيلة هذا الملف بالمهنية ودافعت عن براءتنا، ونشرت كل ما كانت تتوصل به من بيانات، تصب في إثبات الحق وبيان المظلومية، ولهذا لجريدة التجديد ولكل من حذا حذوها كل الشكر والتحية. ● ما هي استفاداتكم العلمية خلال هذه الفترة ؟ ●● لاشك أنها بحمد الله استفادات كثيرة، لقد كنا متفرغين طيلة تسع سنوات، إنكببنا فيها على كل صنوف العلم وألوانه، وتمكنت من مطالعة المصنفات المطولة التي لم تكن لي الفرصة الإطلاع عليها لو بقيت حياتي كلها خارج السجن، وخاصة كتب التاريخ والتراجم والسير، واطلعت على مصنفات أغلب الطوائف والفرق والتيارات والمدارس الإسلامية القديمة منها والمعاصرة، وأتاح لي السجن فرصة المدارسة والمذاكرة مع المشايخ وطلبة العلم، مما أنتج رؤية أرجو أن تكون واسعة الأفق، عميقة الإدراك، لأنها مبنية على اطلاع واسع، دون أن أنسى أن أشير إلى أن هذه الفترة مكنتني من الإنفتاح على العلوم الأخرى، وقد نلت الإجازة في القانون الدولي باللغة الفرنسية ودرست سنتين في علم الإجتماع، كما أنني قرأت كثيرا من الإنتاجات الأدبية خاصة في باب القصة والرواية، وهذه كلها نعم أحمد الله تعالى عليها وأشكره. ● ما هي الدروس التي استفدتموها من السجن؟ ●● هي دروس كثيرة ومتنوعة وغير منحصرة ولا يمكن الإلمام بها في مثل هذه الدردشة، لكل بإختصار أقول: السجن أكبر مدرسة في الحياة، والتعلم فيها متحتم ويجري على كل المجالات من المعرفي إلى التربوي إلى السلوكي إلى الأدبي إلى النفسي والخلقي، لقد فتح السجن عقولنا ووسع معارفنا وعمق نظرتنا وهذب أخلاقنا ورقق قلوبنا، في السجن يتربى على ما لا يمكن أن يتربى عليه خارجه ويجتاز من الإمتحانات والإختبارات ما يؤهله من ممارسة أكبر الأدوار في الحياة، ولذا لا عجب أن يمر الأنبياء والمفكرون والمصلحون عبر بوابة هذه المصلحة، صدقيني إذا قلت لك بأني في تسع سنوات من السجن، بدل أن أعاني من الفراغ وتثاقل الوقت عانيت من كثرة الشغل وازدحام الوقت ولقد خرجت بعد تسع سنوات من المشاريع ما لم أتمكن من تحقيقه، لكن لا أنسى الإشارة إلى أن السجن سلاح ذو حدين، فإما أن يكون على الشكل الذي ذكرته وإما أن يكون مضيعة للإنسان، مخربا لدينه وأخلاقه وقيمه، خاصة عندما تضعف المناعة ويقل العون وينفرد شياطين الإنس والجن بالسجين، فأحمد الله تعالى كثيرا وأشكره، على أنني من النوع الأول وأرجو أن تكون هذه المدرسة قد غيرت في كثيرا نحو الأصلح والأقوم والأنفع. ● ماذا تقولون لكل من ساندكم مرحلة الإعتقال ؟ ●● من لا يشكر الناس لا يشكر الله، وهذا أمر ليس على سبيل الإختيار بل هو على سبيل الحتم والإلزام،كل الشكر للشرفاء والأحرار من أبناء هذا البلد ممن دافع عن براءتنا وانتصر لمظلوميتنا، لكل الأحزاب والهيئات المدنية التي ساندتنا، وطالبت بالإفراج عنا لكل الجمعيات الحقوقية، التي ما فتئت تطالب بحقنا في الحرية، وأخص بالذكر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي رغم الإختلاف الجذري الذي يفرقنا في الإيديولوجية إلا أنهم التزموا بمبادئهم ولم ينقضوها، ومنتدى الكرامة الذي كانت له مساع مشكورة لبلوغ ما نحن فيه وجمعية النصير التي كان لها فضل السبق في هذا الباب، نصرة للمظلومين في هذا الملف وتنسيقية المعتقلين السابقين، التي أحدثت تغييرا في نوع التعامل مع هذا الملف، دون أن أنسى بعض الجمعيات الأخرى التي لها نصيب في هذا الباب، وكل التحية والشكر لكل الأقلام الشريفة والأصوات الكريمة التي كتبت أو نادت مطالبة بالإفراج عنا وإطلاق سراحنا لكل المنابر الصحفية التي التزمت الحياد، بل آمنت بمظلوميتنا، وبالمناسبة فقد آسفنا ألا يكون الصحفي القدير رشيد نيني بيننا يوم الإفراج وقد حزنا لذلك وتألمنا ولذلك نطالب بالإفراج عنه في أقرب وقت ممكن. ● كيف تابعتم الربيع العربي من داخل السجن ؟ ●● لا أخفيك أن هذه السنة الأخيرة من المحنة لم أعرف كيف مرت ولا كيف اجتزتها وقضيتها، لقد عشت الربيع العربي يوما بيوم لحظة بلحظة كأنني أمام في شارع الحبيب بورقيبة بتونس، أو ميدان التحرير بالقاهرة، أو ساحة التغيير بصنعاء، أو ساحة الشهداء بطرابلس، وكأنني في حمص أو حماه أو درعا ، كم سهرت من ليال وحرمت من لذة النوم لمتابعة آخر الأخبار، حتى أنني أحفظ أسماء السياسيين والأماكن والوقائع في هذه البلدان وكأنني أحد مواطنيها. لقد عشت الربيع العربي بكل أفراحه وأحزانه، تألمت كل يوم لكل شهيد سقط في هذه الثورات المباركة، تألمت لكل أم ثكلى وزوجة أرملة وطفل يتيم، وبالمقابل فرحت بسقوط الطواغيت وانهيار قواهم وانتهاء تجبرهم وتسلطهم ونهبهم لثروات الأمم، لن أنسى ما حييت يوم فرار ابن علي وتنحي مبارك وسقوط القذافي مدرجا في دمائه، كنت أتابع كل ما يجري في هذه البلدان بدقة وتفاعل واستفدت حتى من الناحية الفكرية والمنهجية من هذه الثورات الشيء الكثير، مما ليس مقام التفصيل فيه الآن إلا أنني لا أخفيكم أنني مستبشر كثيرا بمآل هذه الثورات وإمكانية انتهائها بتحقيق كل أنواع الكرامة والعدالة والحرية لهذه الشعوب التي عانت من القمع والإستبداد لعقود طويلة، ولقد عشت أيضا بكل حزن وأسى مجازر المجرم بشار، وتقتيله لأبناء أرض الشام، الأرض المباركة، أرض المحشر وأرض الأنبياء، إنه لمن العار أن يلوثها هذا السفاح بإجرامه ووحشيته التي ورثها عن أبيه، ولذلك لازالت قلوبنا تلهج بالتوجه إلى الله عز وجل ليسقط هذا الطاغية كما أسقط من قبله وليكون عبرة لأقرانه من السفاحين والقتلة. أبو حفص في سطور ولد بمدينة الدار البيضاء المغربية عام 1394 ه 1974 م حضر في صغره مجالس بعض كبار العلماء والدعاة كالدكتور تقي الدين الهلالي تلقى أولى مبادئ العلم على يد مشايخ الدارالبيضاء المعروفين كمحمد زحل والقاضي برهون وإدريس الجاي وعمر محسن وعبد الباري الزمزمي وغيرهم. انتقل إلى فاس فأعاد بها حفظ القرآن الكريم، ودرس علم التجويد علي يد بعض المشايخ ومن أبرزهم الشيخ المكي بنكيران المقرئ المعروف. نال شهادة الباكلوريا بالدار البيضاء شعبة العلوم التجريبية. درس سنة بكلية العلوم بالدار البيضاء شعبة الفيزياء والكيمياء. التحق بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة،وحصل بها على إجازة كلية الشريعة. اشتغل بفاس مدرسا وواعظا وخطيبا