انضمت فرنسا وبريطانيا إلى حلفاء عرب في السعي لحث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على مساندة دعوة الجامعة العربية للرئيس السوري بشار الأسد للتنحي، وهو ما يمهد السبيل إلى مواجهة مع روسيا حليفة دمشق التي ترفض أي محاولات دولية لإدانة عمليات القتل اليومي في حق المدنيين، فيما أعلن دبلوماسيون في مجلس الأمن الدولي، أول أمس، أن المجلس قد يجري تصويتا الأسبوع القادم على مشروع قرار للدول الغربية والعربية يؤيد مبادرة الجامعة الغربية الخاصة بدعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى نقل السلطة لنائبه، في وقت «يدك» فيه الجيش السوري مدينة حماة باستخدام الأسلحة الثقيلة في مسعى يائس لإجهاض «الثورة» المشتعلة منذ بداية الاحتجاجات المناهضة لنظام حكم بشار الأسد. وقال برنار فاليرو، المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية: «يجب أن يدعم مجلس الأمن الدولي القرارات الجريئة للجامعة العربية التي تسعى لإنهاء القمع والعنف في سوريا وإيجاد حل للأزمة السياسية». وأوضح دبلوماسيون في مجلس الأمن الدولي أن المجلس قد يجري تصويتا الأسبوع القادم على مشروع قرار جديد يعكف على صوغه مندوبون من بريطانيا وفرنسا بالتشاور مع مبعوثي قطر والمغرب والولاياتالمتحدة وألمانيا والبرتغال. وقال دبلوماسي غربي رفيع ل»رويترز»: «نأمل أن نمضي بهذا قدما في مجلس الأمن على وجه السرعة». وسيحل المشروع الجديد محل نص روسي يقول دبلوماسيون غربيون: إنه أضعف مما ينبغي ولم يعد واردًا بعد دعوة الجامعة العربية الأسد إلى تسليم السلطة لنائبه. وقال الدبلوماسيون: إنهم يودون طرح مشروع القرار للتصويت الأسبوع القادم. ولم يتبين أيضا موعد حضور الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ورئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الذي يرأس اللجنة العربية المعنية بسوريا إلى المجلس لإطلاعه على تفاصيل الخطة العربية كما طلبا في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون». وتدعو تلك الرسالة أيضا إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن على المستوى الوزاري بشأن سوريا. وقال دبلوماسي في المجلس: إن الجامعة العربية اقترحت عقد هذا الاجتماع في الثامن من فبراير، لكن الوفود الغربية تود عقده في موعد أقرب حتى لو اقتضى الأمر استخدام تقنية الدوائر التلفزيونية. وقال الدبلوماسي الغربي تضيف «رويترز» : «ما لا نريد أن نفعله هو الاكتفاء بالانتظار في مجلس الأمن حتى الثامن من فبراير». وأضاف آخر أن المجلس سيناقش توقيت جلسة الإطلاع على تفاصيل المبادرة العربية في جلسة مغلقة، أول أمس، بعد مشاورات بشأن ليبيا. وأشار الدبلوماسيون إلى أن مسودة القرار الجديد تدعم خطة الجامعة العربية التي تتضمن تنحي الأسد عن السلطة وإفساح المجال لتشكيل حكومة وحدة وطنية من أجل وقف إراقة الدماء. ولم يتبين ما إذا كانت روسيا مستعدة لاستخدام حق النقض «الفيتو» من جديد لعرقلة أي تحرك من المجلس بشأن سوريا بعد أن استخدمته مع الصين في أكتوبر الماضي لمنع اعتماد مشروع قرار أوروبي كان من شأنه أن يدين سوريا ويهددها بعقوبات بسبب قمع المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية. ويدين المشروع النظام السوري ويهدد بفرض عقوبات عليه بسبب حملته العنيفة والدموية على المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية والحرية وإنهاء الحكم الاستبدادي الذي طال أمده بعد أربعة عقود. وقال مبعوث للأمم المتحدة: «نأمل ألا تستخدم روسيا حقها في النقض لإحباط مسعى الجامعة العربية». من جهته، دعا المندوب الألمانِي «بيتر فيتيج» المجلس المؤلف من 15 دولة إلى إصدار «إشارة واضحة» تدعم المبادرة العربية لإنهاء الاضطرابات التي أسفرت عن مقتل آلاف الأشخاص في سوريا. بدورها، قالت المندوبة الأمريكية «سوزان رايس» ونظيرها البريطاني «مارك ليال جرانت»: إنّهما يدعمان قرارًا قويًا بشأن سوريا، وانتقدا الدول التي منحت دمشق شحنات أسلحة «أسهمت في نشر العنف». وكانت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة «رايس» قد طالبت، أول أمس، مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار قوي بشأن سوريا. وذكرت «رايس» أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد يتجاهل التزاماته تجاه خطة الجامعة العربية بما في ذلك فشله في إنهاء جميع أعمال العنف وفي حماية المدنيين. وقالت أمام جلسة مجلس الأمن الدولي حول الأوضاع في المنطقة العربية: «حان الوقت منذ فترة طويلة لأن يصدر هذا المجلس قراراً قوياً يدعم جهود الجامعة العربية لإنهاء الأزمة واستعادة السلام في سوريا». ودعت رايس «مجدداً الحكومة السورية إلى السماح بدخول لجنة التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان في غشت الماضي»، مشددة على أن «الولاياتالمتحدة تدعم بشكل كامل مطالب الشعب السوري الداعية إلى وجود حكومة ديمقراطية وجامعة وممثلة له تحترم حقوق الإنسان وتوفر حماية متساوية وفق القانون لجميع المواطنين بغض النظر عن الطائفة أو العرق أو الجنس». وجددت السفيرة الأمريكية دعوة المعارضة السورية إلى الامتناع عن ارتكاب أعمال العنف، ولكنها أقرت ب»صعوبة ممارسة ضبط النفس» أمام تصعيد النظام لعمليات القمع. روسيا «خارج السرب» في المقابل، جددت روسيا، الحليف الداعم والقوي لنظام بشار الأسد في جرائمه ضد الشعب السوري، أول أمس، رفضها استخدام القوة ضد سوريا أو الموافقة على قرار من مجلس الأمن يبرر فرض عقوبات من جانب واحد عليها. وقال لافروف في مؤتمر صحفي رفقة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو : إن بلاده «منفتحة على أي مقترحات بناءة» بشأن سوريا، إلا أنها لا تزال تعارض أي خطوة في الأممالمتحدة تؤيد العقوبات الأحادية التي جرى التصديق عليها سابقا، أو استخدام القوة ضد دمشق. واعتبر لافروف أنّ أي مبادرة جديدة من الأممالمتحدة لا يمكن أن تبرر استخدام القوة أو «عقوبات أقرّت دون أي مشاورات مع روسيا أو الصين». وجاءت تصريحات لافروف عقب الدعوة التي وجّهها الأعضاء الغربيون في مجلس الأمن الدولي إلى المنظمة الدولية لإصدار إشارة «قوية» لدعم جهود الجامعة العربية الرامية إلى إنهاء إراقة الدماء في سوريا. وكان مسؤولون روس وأمريكيون قد أجروا محادثات حول كيفية «إنهاء العنف» في سوريا، حيث قدرت الأممالمتحدة أن أكثر من 5400 شخص قتلوا نتيجته. الجيش «يُنَكل» بحماة في غضون ذلك، أفاد ناشطون أن القوات السورية توغلت في مدينة حماة واستخدمت فيها الرشاشات الثقيلة مما أسفر عن سقوط ضحايا وهدم لبعض المنازل. وشهدت المدينة المنكوبة مواجهات عنيفة بين القوات السورية والجيش السوري الحر الذي يسيطر عناصره على عدد من أحيائها. وذكرت لجان التنسيق المحلية أن قوات الأمن بدأت حملة واسعة في حماة منذ ليل الثلاثاء الماضي طاولت أحياء عدة، خصوصاً باب قبلي والحميدية والملعب والجراجمة.» وأوضحت «كان من الصعب إخلاء الجرحى من الشوارع لنقلهم إلى المستشفيات بسبب القصف العشوائي المتواصل في المدينة التي ينتشر نحو 4 آلاف جندي داخلها». وأشارت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطات أن «الجهات المختصة قررت حسم الموقف كليا ونهائيا لتريح حماة من المسلحين وشرورهم، وتعيدها إلى الحياة الطبيعية»، بحسب زعمها. وذكرت المعارضة السورية أن الجيش يقصف أحياء حماة مستخدماً أسلحة ثقيلة من مدرعات «بي إم بي» ويستخدم قاذفات «آر بي جي» وسلاح «بي كي سي»، الأمر الذي أسفر عن مقتل 21 شخصاً. وقتل في حماة 953 شخصاً منذ بداية الاحتجاجات في منتصف مارس الماضي، بينهم 21 سيدة و69 طفلاً.