يوثق المخرج السوري المهند كلثوم في فيلمه التسجيلي البرزخ لشجاعة شبان سوريين وفلسطينيين تحدوا حواجز العدو الإسرائيلي في ذكرى النكبة من شهر أيار الماضي داخلا معهم بكاميرته إلى قرية مجدل شمس في الجولان العربي السوري المحتل من خلال قصة بطلة الفيلم الفتاة الفلسطينية رشا فياض التي تشارك مع رفاقها في تقطيع الأسلاك الحديدية ومواجهة آلة القتل الصهيونية بجرأة عالية. ويروي الفيلم الذي امتد قرابة 40 دقيقة رحلة الفتاة الفلسطينية بعد أن تنجح في تجاوز حقول الألغام الإسرائيلية لتصل بعدها إلى منطقة صفد في فلسطينالمحتلة ليلقى عليها القبض بعد ذلك من قبل سلطة الاحتلال إلا أنها تصر على هويتها العربية وعلى العودة إلى أرض أبيها وأمها صارخةً في وجه المحقق الإسرائيلي بإيمانها المطلق بقداسة قضيتها. ويركز البرزخ على لغة تسجيلية مؤثرة نجحت في توثيق مشاهد عالية في ملامستها لحلم شباب سوري وفلسطيني تضافر في لحظة اقتحامه لكل تحصينات الاحتلال متحدياً غطرسة العدو بصدور عارية واجهت الموت بكل بسالة فمن مجدل شمس إلى صفد استطاع كلثوم مقاربة مادته التسجيلية مع حكاية بطلة فيلمه التي عاشت حياتها تحلم بتحقيق رغبة والديها في العودة إلى مدينتها الفلسطينية حيفا. وقال مخرج الفيلم في حديث خاص ل"سانا" السورية: أردت من خلال هذه التجربة أن أقدم وثيقة بصرية عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ولاسيما عندما أقدم على إطلاق النار نحو العابرين إلى أرض الجولان وفلسطين حيث اخترت ما يقارب أربعين دقيقة من زمن التصوير الأصلي الذي بلغ حوالي ثلاث ساعات قمت من خلالها برصد إرادة الأجيال الجديدة في استعادة الأرض وتحريرها كحلم يريده اليوم الأبناء حقيقة واقعة لما لم يحققه الآباء طوال العقود الماضية. وأضاف كلثوم إنه ركز على رموز عديدة في الفيلم أردتها تعبيراً صادقاً عن رغبة الشباب العربي في كل من سورية وفلسطين لتخليص آخر ذرة تراب من براثن الاحتلال الصهيوني وذلك بالاعتماد على مشاهد درامية ودمجها مع المادة الوثائقية تضمنت لقطات لبطلة الفيلم وهي ترمي جوازها بعد أن وصلت إلى فلسطين واستشهد رفيقها برصاص الهمجية الإسرائيلية إضافة إلى لقطات لطفلة تقود دراجتها نحو الداخل الفلسطيني غير آبهةٍ ببنادق الاحتلال ودباباته. بدوره قال المخرج الإيراني منعم السعيدي: إن فيلم البرزخ تجربة سورية هامة وثقت عبر مادة بصرية حقيقية حلم الشباب العربي في العودة وتحرير الأرض. فالفيلم كان بجدارة أمثولة سينمائية معاصرة ابتعدت عن الإنشاءات القديمة لتتمكن من إغناء أرشيف المقاومة وتجذيرها في ضمير الإنسان العربي الذي ما برح يقدم دمه وروحه في سبيل قضاياه العادلة. وأضاف السعيدي: إن اللغة البصرية للفيلم تمكنت من إيصال مشاهد غاية في الصدق والشفافية عن طموح الشاب العربي إلى التحرر كخيار نهائي رسخته ثقافة المقاومة وقدرتها على تعزيز الحلم كقوة للحق في مواجهة منطق حق القوة الذي اعتمده العدو الإسرائيلي منذ نكبة 1948 ليكون البرزخ بمثابة إشراق إبداعي معاصر لا يكتفي بالخيار الدرامي بل يدعمه بمادة وثائقية لا ترد كبرهان دامغ على العنجهية الصهيونية التي ما فتئت تزور الحقائق من خلال سلوكها اليومي على البشر والشجر والحجر. ويأتي الفيلم استلهاماً من منطقة البرزخ التي تفصل بين الحياة والموت، فكما يذكر التاريخ يوم النكبة، فكذلك وبعد مسيرة العودة التي قام بها بعض الشباب السوري والفلسطيني واتجاهه نحو الحدود ونجاح بعض الشبان والشابات عبور الحواجز التي وضعتها قوات الاحتلال الصهيوني تخليداً لهذا الحدث سينمائياً. يذكر أن فيلم البرزخ من إنتاج المؤسسة العامة للسينما ومجلس الشباب السوري بالتعاون مع شركة كاريزما للإنتاج الفني.