على أعتاب قرًى مدمَّرةٍ ومحتلةٍ من قِبل الجيش الصهيوني جلس عددٌ من الشيوخ الفلسطينيين هُجِّروا من تلك القرى على تلة شمال قطاع غزة تطل على الأراضي المحتلة عام 1948م وبصحبة المسنين جلس أطفال صغار يتلقون معانيَ حب الأرض والتمسك بالعودة، وسلَّم الكبارُ الصغارَ الأوراق الثبوتية لأراضيهم وقطعة سلاح قديمة تعكس تواصل المقاومة الفلسطينية عبر الأجيال. بهذه الطريقة عبَّر هؤلاء الشيوخ عن غرس حب الأرض، وأحيَوا ذكرى النكبة الفلسطينية الحادية والستين التي توافق يوم الجمعة (15-5). جرى ذلك خلال اللقاء المفتوح الذي نظَّمه المكتب الإعلامي لحركة حماس شمال قطاع غزة الخميس (14-5) بين هؤلاء الأجداد وأحفادهم على أقرب تلة في قطاع غزة تطل على الأراضي المحتلة سنة 1948. ويُحيي الفلسطينيون في الخامس عشر من أيار (مايو) من كل عام الذكرى السنوية لاحتلال العصابات الصهيونية المدعومة من الدول الغربية أراضيَهم عام 1948 وإقامة كيانهم عليها والذي حمل اسم دولة إسرائيل ، فيما يحيي الجانب الصهيوني ما يسميه يوم الاستقلال ، وهو اليوم الذي أنهت فيه القوات الصهيونية حربها ضد العرب بعد احتلال المدن الفلسطينية وتدمير القرى وإقامة دولتها على أنقاض المدن والقرى المُهجَّر منها أهلها. وقد شهدت ساحة مسجد البشير القريبة من الحدود الشرقية للأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1948 فعاليات تجسِّد حياة الفلسطينيين قبل النكبة برزت من خلالها خيمة قديمة وأثاث تراثي شملت أشكالاً وأدواتٍ ترمز إلى العادات الفلسطينية القديمة، ومجلس يتوسطه خمسة شيوخ في السبعينيات من العمر، وعدد من الفتية تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والسابعة عشرة للدلالة على أن الأجيال الفلسطينيةالجديدة لن تنسى أرضها. ودار اللقاء بين الفتية وهؤلاء الشيوخ الذين أكدوا تمسكهم بحق العودة وعدم التفريط في الأرض؛ حيث تحدث الحاج يوسف الكحلوت من بلدة نعليا المحتلة عن حياة الفلسطينيين فوق أرضهم وقراهم قبل النكبة، وكيف كانت المحبة والإخاء والتعاون يسود ذلك المكان قبل أن تحل به مأساة النكبة. أما الحاج أبو توفيق كلش (من بلدة المجدل) فاستعرض رحلة العذاب التي رآها وهو مهاجر من أرضه فرارًا من إرهاب العصابات الصهيونية التي مارست عدوانها على الأطفال والنساء والشيوخ، وعرض كلش أوراقًا ووثائق ثبوتية تثبت حقه في أرضه التي احتلت عام 1948 من قِبل الاحتلال الصهيوني. وعبَّر الطفل محمد الذي كان جالسًا في الخيمة مع مجموعة من الكهول عن مدى شوقه إلى العودة إلى أرضه التي هاجر منها أجداده. وقبيل اختتام اللقاء قام الشيوخ بتسليم قطعة سلاح قديمة ووثائق ثبوتية إلى الأطفال وأوصوهم بالحفاظ على حق العودة؛ في دلالةٍ على استلام جيل الشباب المهمة من آبائهم وأجدادهم. وأنهى المكتب الإعلامي الذي نظم اللقاء هذه الفعالية برسم جدارية كتب عليها راجعين و أيها الصهاينة: ستون عامًا مضت ونهايتكم اقتربت باللغات العربية والإنجليزية والعبرية. وقد تضمنت الجدارية في وسطها خريطة فلسطين بجانبها أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين العائدين إلى ديارهم من مختلف الأماكن التي هُجِّروا منها حسب ما توحي بذلك اللوحة الجدارية. وبدت في يمين الجدارية قوافل من اللاجئين القادمين من دول أوروبية ودول الشتات، لتأكيد عزم الفلسطينيين على العودة إلى ديارهم التي هُجِّروا منها سنة 1948.