يبت المجلس الدستوري الذي تحول حاليا إلى محكمة دستورية في عدد كبير من المنازعات المتعلقة بمجلسي البرلمان، ولعل خير دليل على ذلك هو أن الإنتحابات العامة الخاصة بمجلس النواب المنظمة في سنوات 1997 و 2002 و 2007 أسفرت على التوالي عن تقديم 338 و 205 و 214 طعنا، يضاف إليه الطعون الأخرى المقدمة إلى المجلس الدستوري بمناسبة تجديد ثلث أعضاء مجلس المستشارين و الطعون المتعلقة بالانتخابات الجزئية. هذه الطعون السالفة الذكر لا تعبر في غالب الأحيان على الثقة في المجلس الدستوري بقدر ما تكون في بعض الأحيان مؤشرا على وجود إختلالات تشوب عمليات الانتخاب، أو انعكاسا لردود فعل مرشحين لا يقبلون بهزيمتهم الانتخابية. وعلى العموم فإننا سنحاول أن نتطرق فيما يأتي لجرد عملي لإجراءات الطعون الانتخابية أمام المجلس الدستوري، بمختلف مراحلها سواء تعلق الأمر بموضوع الاختصاص أو بمال هذه الطعون التي تعتبر المرحلة الختامية لهذه المسطرة. إجراءات الطعون الانتخابية 1) تحديد اختصاص المجلس الدستوري للبت في المنازعات الانتخابية. ينص الفصل 81 من الدستور الملغى على أنه يمارس المجلس الدستوري الاختصاصات المسندة إليه بفصول الدستور أو بأحكام القوانين التنظيمية، ويفصل في صحة انتخاب أعضاء البرلمان و عمليات الإستفتاء. و بناء على ذلك فالمواضيع المندرجة في إختصاص المجلس الدستوري هي كالتالي: أ – الطعن في الأعمال الممهدة للعمليات الإنتخابية: •الطعن في الإجراءات المتعلقة باللوائح الإنتخابية العامة: وقد قرر المجلس الدستوري بهذا الخصوص مجموعة من المبادئ: - لا ينظر المجلس في المنازعات المتعلقة بالتسجيل في اللوائح الإنتخابية إلا إذا كان هذا التسجيل مقرونا بمناورات تدليسية. - لا يتصدى المجلس للمنازعات المتعلقة بالقيد في اللوائح الإنتخابية إلا إذا إقترن ذلك بمناورات تدلسيسة ترمي إلى التأثير في نتيجة الإقتراع. - أن إنعدام وجود الجدول التعديلي للوائح الإنتخابية من شأنه حرمان عدد من المواطنين المتوفرين على الشروط القانونية من المشاركة في الإنتخابات. ❋ الطعن في القرارات الإدارية المتعلقة برفض التصريح بالترشيح: - و هنا أيضا قرر المجلس المبدأ التالي: - يختص المجلس بالنظر في القرارات الإدارية المتعلقة برفض التصريح بالترشيح لما لها من تأثير في نتائج الإنتخابات. ❋ الطعن في النصوص التنظيمية المتعلقة بتعديل التقسيم الإداري: - يعتبر التقسيم الإداري لا تأثير له على نطاق الدائرة الإنتخابية التي قضى المجلس الدستوري بإلغاء نتيجتها و إعادة الإنتخاب فيها . ب – الطعن في حكم المحكمة الإبتدائية برفض التصريح بالترشيح : في هذه النقطة قرر المجلس الدستوري مجموعة من المبادئ لقبول الطعن في حكم المحكمة الإبتدائية المتعلق برفض الترشيح يجب أن يستجيب للشروط المنصوص عليها في القانون، و هنا المجلس يقصد بالقانون المادة 81 من القانون التنظيمي لمجلس النواب و المادة 50 من القانون التنظيمي لمجلس المستشارين. -لقبول الطعن في حكم المحكمة الإبتدائية المتعلق برفض الترشيح يجب أن يرفع إلى المجلس في نطاق الدعوى المرفوعة إليه بقصد إلغاء العملية الإنتخابية. - لقبول الطعن أمام المجلس الدستوري في حكم المحكمة الإبتدائية يجب أن يقدم خلال الأجل القانوني الذي يحال فيه أمر الإنتخابات على المجلس و ليس قبل ذلك. - لقبول الطعن المتعلق برفض الترشيح يجب أن يقدم إلى المحكمة الإبتدائية داخل الأجل القانوني. - أجل الطعن في القرار الضمني برفض الترشيح يبتدئ بإنصرام أجل تسلم الملفات و لا يبقى مفتوحا إلى حين تبليغ القرار. ج – الطعن في القرارات الصادرة عن مكاتب و لجان إحصاء الأصوات. قرر المجلس أيضا المبادئ التالية: -توجيه ضد نتائج الاقتراع لا يجعله مخالفا للمادة 51 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين. -توجيه الطعن ضد نتيجة الاقتراع يجعله مقبولا مادام أن هذه النتيجة تأسست على قرارات مكاتب التصويت. -توجيه الطعن إلى صحة انتخاب المطعون في انتخابه عملا بأحكام الفصل 81 من الدستور يكون مقبولا مادام أن العريضة تضمنت الشروط التي تقتضيها المادة 31 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري. -لا يشترط القانون عرض الطعن المقدم إلى المجلس مسبقا على اللجنة الإقليمية لتتبع العمليات الانتخابية. -تبقى إشارة أخيرة قبل أن نقفل موضوع اختصاص المجلس الدستوري هو أن هناك عدة مواضيع حسم فيها هذا الأخير، و أقر عدم اختصاصه فيها وكمثال على ذلك: -ليس في الدستور و لا في القوانين التنظيمية ما يخول المجلس النظر في الطعون المتعلقة بالانتخابات المهنية. -ليس في الدستور و لا في القوانين التنظيمية ما يخول المجلس صلاحية النظر في طلب تعليق نتائج الانتخاب إلى أن يبث المجلس الأعلى في الإستئناف المرفوع إليه. - لا يقبل المجلس عرائض الطعن التي لا توجه إليه مباشرة. - لا يدخل في اختصاص المجلس مراقبة صحة إنتخاب رئيس مجلس المستشارين. ثانيا : الشروط العامة لقبول الطعن أمام المجلس الدستوري. -1) الأشخاص و الجهات المخول لها ممارسة الطعن: -أ – الناخب: -لا يقبل طلب الطاعن الذي لا يتوفر على صفة ناخب. -لا يمكن لناخب أن يطعن في نتيجة الانتخاب إلا إذا كان من المقيدين في اللوائح الانتخابية للدائرة التي أجري فيها الاقتراع. -لاكتساب صفة الطاعن يتوجب توفر شرط الانتماء إلى الهيئة الناخبة في تاريخ إجراء الانتخاب. -لا يجوز للناخبين الحلول محل المرشحين للطعن في قرارات رفض الترشيح. ب – المرشح: -لاكتساب صفة الطاعن يتوجب ورود اسم الطاعن ضمن لائحة المرشحين أو إثبات تسجيله في لائحة الناخبين. -المرشح الفائز يبقى مرشحا له المصلحة في تقديم الطعن. -يحق للشخص الذي رفض تسجيل ترشيحه الطعن في العملية الانتخابية التي كان يرغب في الترشيح لها. -يحق للمرشح الذي رفض ترشيحه الطعن في حكم المحكمة الإبتدائية. ج – العامل -يحق للعامل الطعن في العمليات الإنتخابية. د – كاتب اللجنة الوطنية للإحصاء -يخول لكاتب اللجنة الوطنية للإحصاء الطعن في أهلية المرشح المدعو لشغل المقعد الشاغر . ح- جهات لا تملك صفة الطعن: -لا تملك لجنة منطقة طانطان لمنظمة العمل الديموقراطي الشعبي الصفة القانونية التي تخول لها حق الطعن. -لا تملك النقابة الوطنية لمحترفي المسرح الصفة القانونية التي تخول لها حق الطعن. الشروط الواجب توفرها في عريضة الطعن: أ – الإمضاء: -إغفال إمضاء عريضة الطعن من قبل الطاعن أو نائبه يعد إخلالا بقاعدة شكلية جوهرية. ب – الإسم العائلي و الشخصي للطاعن. -لا تقبل العريضة التي لا تتضمن الإسم العائلي و الشخصي للطاعن. ج – صفة الطاعن: -لا تقبل العريضة التي لا تتضمن صفة الطاعن. -يحق لكل ناخب أو مرشح الطعن بصفة شخصية بغض النظر عن انتمائه لمنظمة نقابية: -لقبول عريضة الطعن يكفي أن تكون متضمنة لبعض البيانات التي يستفاد منها أن الطاعن له صفة مرشح. د – عنوان الطاعن -لا تقبل العريضة التي لا تتضمن عنوان الطاعن . -لا تقبل العريضة التي لا تتضمن عنوان الطاعن دون حاجة إلى سابق تحقيق في شأنها. -ليس في القانون ما يمنع عدد من الطاعنين من الإدلاء بعنوان مشترك. ج – الاسم العائلي و الاسم الشخصي للمنتخب المنازع في انتخابه. -لا يقبل المجلس العريضة التي لا تتضمن الاسم العائلي و الاسم الشخصي للمطعون في انتخابه. -عدم ذكر الاسم الشخصي للمطعون في انتخابه يترتب عنه التصريح بعدم قبول الطلب. -لا يقبل المجلس العريضة التي توجه ضد وكلاء اللوائح دون ذكر أسمائهم العائلية و الشخصية. -لا يقبل المجلس العريضة التي يكتفي فيها الطاعن بالقول إنه يطعن في انتخاب أعضاء مجلس المستشارين دون ذكر اسم المطعون في انتخابه. -لا يقبل المجلس العريضة التي توجه ضد مجموعة من المرشحين بصفة مجملة و دون ذكر الاسم العائلي و الشخصي للمنتخب المنازع في انتخابه. -المشرع أجاز صراحة تقديم الطعن ضد منتخب متنازع في انتخابه انفراديا حتى وإن تعلق الأمر بالانتخاب باللائحة. -تضمين العريضة بيانات زائدة إلى جانب البيانات المطلوبة قانونا لايؤثر على قبول الطعن. -ليس في القانون مايمنع الطعن بعريضة واحدة في نتائج انتخابية لفائزين متعددين بنفس الدائرة الانتخابية. -ورود الاسم العائلي المضمون في انتخابه معرفا لا يعد و أن يكون مجرد خطأ مادي. خ_ بيان الوقائع و الوسائل المحتج بها -لايعتد بالإدعاءات العامة و غير الدقيقة. -لايعتد بالوقائع التي لا تستند إلى معطيات مضبوطة. -لايعتد بالإدعاءات التي لا تستند إلى معطيات ملموسة و لا تتضمن معطيات دقيقة. -لايعتد بالإدعاءات العامة وغير المعززة بالحجج المثبتة. -لا يؤخد بالوقائع غير المدعمة بحجج الإثبات. -لايعتد.بالإشارة إلى وسائل إثبات دون ذكر مراجعها. -لايعتد بالإفادات و الأفعال التي تفتقد إلى الحجة. -تكون غير جديرة بالإعتبارالوقائع غير المدعمة بأي سند فبما يخص تأثيرها في نتيجة الاقتراع. -تعتبر غير مجدية الماخد التي تتعلق بمرشحين غير فائزين. -لا يعتد بالوقائع التي ليس لها علاقة مباشرة بالاقتراع. س- إرفاق العريضة بالمستندات. -تكون غير مقبولة العريضة التي لا ترفق بالمستندات التي تتبث الوسائل المحتج بها. -ترفض عريضة الطعن غير المرفقة بالمستندات دون سابق تحقيق في شأنها. -ترفض العريضة التي تقتصر على طلب حفظ الحق في تقديم الوثائق لاحقا. - لقبول الوثائق التي يدلي بها الطاعن يجب أن تكون لها علاقة بالوسائل المحتج بها في العريضة. - لا تقبل المستندات الإضافية إدا كانت تثير و سائل جديدة. ثانيا : أجل إيداع عرضة الطعن -أ- الأجل القانوني العام: - لا يقبل المجلس طلب الطعن الذي يتوصل به قبل فتح أجل أمر الانتخاب إليه. يحتسب الأجل القانوني للطعن ابتداء من تاريخ إعلان نتيجة الاقتراع. -يعتد في احتساب أجل الطعن عند وضع العريضة لمصالح البريد بتاريخ تسجيلها و وصولها إلى المجلس. -لا تقبل المذكرة الإضافية التي يتوصل بها المجلس خارج الأجل القانوني. -يخضع الطعن في حكم المحكمة الابتدائية لنفس الأجل القانوني العام لإيداع عريضة الطعن. -يكون أجل الطعن كاملا و يمتد إلى أول يوم عمل إذا صادف يومه الأخير يوم عطلة. ب- الأجل الاستثنائي. - لا يقبل المستندات المدلى بها من طرف الطاعن خارج الأجل القانوني دون أن يمنحه المجلس أجل لذلك. - لا تقبل المذكرة التي يقدمها الطاعن خارج الأجل دون الحصول على إذن المجلس. - لقبول المذكرات الإضافية التي يدلي بها الطاعن يجب أن تكون داخل الأجل القانوني للطعن و بعد حصوله على أجل من المجلس. - لا يمنح المجلس للطاعن أجلا إضافيا للإدلاء بمستنداته إلا إذا كان قد أدلى بجزء من هذه المستندات. لقبول المستندات الإضافية يجب أن يتقيد الطاعن بالموضوع الذي منح من أجله الأجل الإضافي. خالد الإدريسي،محامي بهيئة الرباط