تكشف تقارير عدد من الهئيات الوطنية والدولية(بنك المغرب، المندوبية السامية للتخطيط، البنك العالمي...) على أن الاقتصاد الوطني، وبالرغم من أنه حافظ خلال سنة 2011 على توازن واستقرار المؤشرات الماكرواقتصادية الأساسية مقارنة مع دول المنطقة العربية( نسبة النمو الاقتصادي في تونس سنة 2011 ستبلغ 0 بالمائة ونسبة النمو في مصر 1.8 بالمائة) فإنه يعيش أزمة في عقيدة الاقتصاد الوطني، وكذلك في طرق تدبير السياسة الاقتصادية. خلال سنة 2011، لم يعرف النهج الاقتصادي المتبع في المغرب أي تحول، بل على عكس ذلك عرفت السنة تراجعات في مايخص عدم تكريس منظومة الحكامة الجيدة، فالقانون التنظيمي للمالية، الذي يعد بمثابة الدستور المالي، لم يتم تفعيله. كذلك ظلت تقارير المجلس الأعلى للحسابات دون تفعيل. عرفت سنة 2011 أيضا ترددات على مستوى تدبير السياسة الاقتصادية لحكومة عباس الفاسي، ويتجلى هذا التردد في عدم امتلاك استراتيجية حقيقية لتدبير السياسات العمومية، منها التردد في تدبير ملف الخوصصة ( ملف خوصصة 20 بالمائة من رأسمال البنك المركزي الشعبي، سحب ملف خوصصة 7 بالمائة من اتصالات المغرب في آخر لحظة، سحب مشروع القانون المالي لسنة 2012 من البرلمان). أزمة تمويل الاقتصاد الوطني، وأزمة السيولة النقدية، وعدم إصلاح القانون الجبائي شكلت أبرز عناصر إخفاق الحكومة خلال هذه السنة. من جهة اخرى، وأثناء تقديمه لتقرير البنك لسنة 2010 أمام الملك، أكد والي بنك المغرب على أن التحديات العديدة التي تواجه الاقتصاد المغربي، في ظل مناخ يزداد تقلبا وتعقيدا بشكل متسارع، تقتضي إضفاء المزيد من الفاعلية على السياسات العمومية، مبرزا ضرورة تعزيز التوجهات الكبرى للبلاد والاستراتيجيات التي تبنتها بآليات للحكامة من شأنها الرفع من نجاعتها وتحسين ظروف إنجازها.وفي هذا الإطار، أشار الجواهري إلى أهمية تحديد أولويات مختلف المخططات القطاعية وضمان التناسق في ما بينها، مع إنجاز تقييم مسبق لتأثيراتها على ميزانية الدولة والحسابات الخارجية مقارنة مع الأهداف المرجوة. وتوقع صندوق النقد الدولي أن يحقق المغرب نموا بنسبة 4.6 في المائة خلال العام الحالي، مقابل 3.7 في المائة خلال عام 2010، و4.8 في المائة خلال عام 2009. واعتبر صندوق النقد الدولي في تقرير نشره بداية نونبر الماضي حول المغرب، أن معدل النمو المرتقب يعتبر من أعلى المعدلات في المنطقة العربية. غير أنه عبر عن قلقه من تداعيات تباطؤ النمو في أوروبا، باعتبارها الشريك الرئيسي للمغرب، على آفاق نمو الاقتصاد المغربي. ودعا التقرير، الذي أعدته بعثة الصندوق النقد الدولي إلى المغرب خلال الشهر الماضي، إلى ضرورة اعتماد إصلاحات جديدة من أجل مرونة سوق العمل، وتخفيض كلفة الأجور، ووضع برنامج تحفيزي للعمل من أجل تقليص بطالة الشباب. كما دعا صندوق النقد الدولي المغرب إلى المرور إلى نظام صرف مرن، بهدف تعزيز السياسات النقدية للبنك المركزي والرفع من تنافسية الاقتصاد المغربي. عرفت النفقات الحكومية زيادة بشكل كبير خلال 2011، تحت ضغط الحراك الشعبي من جهة ودعم الأسعار الداخلية، خاصة المواد الغذائية والمحرقات، في سياق الارتفاع القوي للأسعار العالمية. وأوضح أن دعم الأسعار ارتفع إلى 5.5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 2.1 في المائة التي كانت متوقعة في موازنة 2011. كما ارتفعت نفقات الأجور نتيجة الزيادات التي قررتها الحكومة لتصل لمستوى 10.7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. وأضاف التقرير أن الحكومة المغربية اتخذت إجراءات في جوانب أخرى من أجل الحد من عجز الميزانية وحصره في نسبة 7.5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. وركز تقرير صندوق النقد الدولي في تقريره الرسمي حول ملاحظاته على الاقتصاد المغربي على استعجالية تصدي الحكومة المغربية لثلاثة ملفات اساسية، عجز الميزانية، وصندوق المقاصة، وملف الضرائب. واعتبر تقرير الصندوق الذي جاء في 60 صفحة على أن مسار النمو الاقتصادي المغربي سيتأثر أساسا بطبيعة الإصلاحات التس يستنهجها الحكومة، إضافة إلى طبيعة أداء الاقتصاد الأوروبي والظرفية الاقتصادية جهويا، وكذا طبيعة أسعار مواد الطاقة والمواد الأولية في السوق العالمية خلال سنة2011. للإطلاع على الملف اضغط هنا