بعد الزوبعة التي أثارتها الحكومة بمشاركة النقابات التعليمية الحليفة التي أدت الدور بمهارة بتقمصها معطف الدفاع عن مصالح الأسرة التعليمية, وبتوظيف الإعلام السمعي البصري والإعلام الحزبي المكتوب الموالي للحلف الحكومي , وبعد أن تمكن هذا الحلف من خداع نسبة غير قليلة من رجال ونساء التعليم بالملايير المتناثرة وتضخيم الغلاف المالي والتبشير بالإنجاز التاريخي بتحقيق مكتسبات في النظام الأساسي والتعويضات لامتصاص غضب الشغيلة التعليمية وتكسير مبادرة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم. الآن وبعد أن هدأت العاصفة الهوجاء على الأقل في هذه المرحلة قبل موعد المحطة المقبلة التي دعت إليها الجامعة الوطنية لموظفي التعليم بخوض إضراب وطني يومي 29/30 / ماي الجاري, وبعيدا عن كل رد فعل , يحق لنا أن نقف وقفة تأمل متأنية مع ما سمي باتفاق آخر الليل (13 ماي), على ضوء ما تناقلته وسائل الإعلام المكتوبة والسمعية البصرية، لأننا لحد الساعة لا نتوفر على وثيقة رسمية، ولا نظن أن الاتفاق خرج بوثيقة رسمية موقعة من الأطراف المشاركة، فمرجعنا لحد الآن يقتصر على نشرات الأخبار بالقناتين الأولى و الثانية التي أوردت الخبر ليلة الاثنين 13 ماي وطيلة يوم 14 ماي، وهو التوصل الى اتفاق بين الحكومة والنقابات التعليمية الثلاث (النقابة الوطنية للتعليم – الجامعة الحرة للتعليم – الجامعة الوطنية للتعليم ) مرفوقا بتصريح لمسؤولي هذه النقابات الذين اعلنوا عن توقيف الاضراب المقرر ايام 14/15/16/17 ماي. -البلاغ الصادر عن النقابات الثلاث يوم 14 ماي 2002 التي تم توزيعه على السبورات النقابية،وتناقلته الصحافة المكتوبة. -ما تناولته الصحف طيلة الايام الموالية للاتفاق المزعوم، من تفاسير وتعاليق واجتهادات في توزيع الغلاف المالي المخصص للتعويضات والتركيز على تمطيط العناصر الايجابية في النظام الأساسي. في خضم هذه المعطيات التي لا يمكن اعتبارها كيف ما كان الحال مراجع رسمية، وباستحضار مجموعة من الوثائق السابقة التي نتوفر عليها، سنحاول تقريب الأسرة التعليمية من حجم المكاسب الحقيقية التي تضنها ما سمي باتفاق 13 ماي 2002. 1- بخصوص نظام التعويضات: جاء في الخبر الإعلامي للقناتين الأولى والثانية بان الحكومة خصصت 4 مليار درهم لتعويضات رجال التعليم، فيما جاء في بلاغ النقابات الثلاث رفع الغلاف المالي لنظام التعويضات المقترح من 2 مليار الى 4 مليار درهم، وتوزيع هذا الغلاف ابتداء من شتنبر 2002 على مدى 4 سنوات. ولتنوير الرأي العام التعليمي وتقريبه من الصورة الحقيقية لحجم الزيادة في التعويضات الخاصة برجال و نساء التعليم. نضع أمامه المعطيات التالية: الزيادة المتفق عليها في الاتفاق الاخير 13 ماي 2002 (4) الزيادة المقترحة طبقا للاتفاق11/10 دجنبر 2000 في يوليوز 2001(3) الزيادة المقترحة من طرف النقابة الوطنية للتعليم1999 (2) الزيادة المقترحة من طرف وزير التربية الوطنية السابق اسماعيل العلوي 1998(1) بالدرهم عدد المستفيدين الاطار 700 900 1250 1008 1873 السلم 7 800 1200 1390 1010 11908 السلم 8 900 1200 1545 1130 100500 السلم 9 1100 1600 2700 2740 22727 السلم 10 أ 1600 2150 3500 3537 90865 السلم 10 ب 1600 3100 3550 3160 2549 السلم 11 أ 2500 4230 4900 2982 28614 السلم 11 ب 3500 5900 5500 10500 4465 7379 خارج السلم 4 مليار مشطرة على 4 سنوات 12.679.017.360 مشطرة على مدى 3 سنوات السنة الأولى:2.113.169.560 السنة الثانية:4.226.339.120 السنة الثالثة:6.339.508.680لم لم يتحدد الغلاف المالي 7.649.646.864 يتحدد الغلاف المالي.7.649.646.864درهم سنويا 266415 المجموع (1) وثيقة أصدرتها وزارة التربية الوطنية تتضمن تفاصيل التعويضات التي اقترحها اسماعيل العلوي. (2) وثيقة صادرة عن المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم التابع ك. د. ش. (3) مذكرة 148/2001 الصادرة بتاريخ 7 يونيو 2001 من المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم + التضامن الجامعي 2001/2002 ص 55 (4) التقديرات التي تناقلتها الصحف: الاتحاد الاشتراكي عدد 6853 (16 ماي 2002)- السياسة الجديدة عدد 387 (17-24 ماي 2002) نفس الأرقام تناقلتها التلفزة المغربية تغطية الندوة الصحفية التي نظمتها النقابات الثلاث. مقارنة بسيطة توضح كيف تضاءلت الزيادة في التعويضات السنوية فمن معدل 7 مليار و650 مليون درهم سنويا خلال 1998، إلى 4 مليار و 225 مليون درهم سنويا ( أي 12 مليار و 680 مليون درهم على 3 سنوات) في اتفاق يوليوز 2001، ليصل في النهاية إلى مليار درهم سنويا في اتفاق 13 ماي 2002 هذا المبلغ الأخير المتفق عليه بعد اخضاعه للضريبة على الدخل واقتطاعات التقاعد واقتطاعات التعاضدية التي أصبحت إجبارية، سيصبح الصافي الشهري الذي سيتقاضاه رجال ونساء التعليم هو كالتالي: مبلغ التعويضات الصافية الشهرية بعد خصم الاقتطاعات التعويض الصافي الشهري بعد التشطير على أربع سنولت التعويض الصافي الاجمالي اقتطاع التعاضدية اقتطاع التقاعد نسبة الخصم الضريبي التعويض الخام السلم 117,25 469 %5 %7 21% 700 7 134,00 536 %5 %7 %21 800 8 119,25 477 %5 %7 %35 900 9 145,75 583 %5 %7 %35 1100 10 أ 142,00 572 %5 %7 %44 1300 10 ب 176,00 704 %5 %7 %44 1600 11 أ 275,00 1100 %5 %7 %44 2500 11 ب 385,00 1540 %5 %7 %44 3500 خارج السلم ملاحظة: قد تتغير الأرقام المحصل عليها بشكل طفيف تبعا لبعض العناصر الإضافية التي تؤثر على الأجرة كتعويضات الإقامة. كل المعطيات السالفة الذكر توضح بجلاء ، كيف ان النقابات الثلاث سقطت في الانزلاقات المرتبطة بملف التعويضات عبر التنازلات التي قدمتها في طبق من ذهب للحكومة ، لإنقاد ماء وجهها و تلميع صورتها قبل اسابيع معدودة من نهاية ولايتها و منحها سند انتخابي لتنتصر إرادة الحكومة و يبقى الخاسر الاكبر هي الاسرة التعليمية ، و هذا المنزلق هو الذي حذر منه وزير التربية الوطنية و الذي مع الاسف كان اول الساقطين فيه، و نتذكر في هذا الصدد تصريحه للصحيفة (1) حين قال: " إن الإنزلاقات التي أشرت اليها هي أن هناك حجة كبيرة تثار حينما يتحدث عن مطالب رجال التعليم و هي ان مراجعة لنظام التعويضات سيضخم الكتلة الاجرية بشكل غولي وسيشكل ثفلا كبيرا على مالية الدولة و سيساهم في تدهورها . معتبرا بان هذه الاطروحة غير مؤسسة لكونها تتطابق مع النظرة التقنوقراطية المدعومة بالبنك الدولي... مشيرا بان الدراسات التي قامت بها وزارة التربية الوطنية تثبت بان الكتلة الاجرية لرجال التعليم ليست هي المسؤولة عن تضخم الكتلة الاجرية ... و ان هناك فئات اخرى هي المسؤولة عن التضخم رغم العدد الكبير لرجال التعليم الذي يتكون ازيد من 120 الف منهم من المعلمين و اجرة المعلمين معروف ، بينما هناك أجور موظفين آخرين في ادارات اخرى بلغت ارقاما عالية جدا. كما اكد على ان تحسين وظعية رجال التعليم ممكن مع الحفاظ على مالية الدولة ، و اعطى بعض المؤشرات على ذلك منها: 3000 متقاعد سنويا تخلف انحفاظا 1.75 % من الكتلة الاجرية ، الاستفادة من التعويضات التي كانت تتم خارج الاجر ستصل الى 30 مليار ، تشجيع التقاعد النسبي سيساعد في هذا التخفيض ، هناك عدة مناصب محسوبة عل وزارة التعليم و اصحابها ملحقون بادارات أخرى ، اعادة انتشار و تشجيع الالحاق سيرشد الموارد البشرية . كل هذه الوسائل و غيرها ستساعد على تسوية وضعية رجال التعليم دون الزيادة في الميزانية المخصصة للاجور " انتهى تصريح وزر التربية الوطنية الذي كان يدافع به عن ملف الزيادة في التعويضات كما تم الاتفاق عليه في يوليوز 2001 ، و بالتالي فلحد الساعة فالاسرة التعليمية لم تقتنع بعد بالمبررات التي جعلت النقابات التعليمية الثلاث تتنازل عن مكتسبات الاسرة التعليمية ، اما عن التذرع بمراعاة الاكراهات المالية والظروف الوطنية ، فان الاسرة التعليمية مستعدة لكي تتحمل الاكراهات المزعومة لكن على اساس " اما اقتسام المحن بالتساوي او اقتسام ثروات البلاد بالتساوي" فكيف يتم التلويح بالاكراهات المالية امام مطالب موظفي التعليم ، في الوقت الذي يتقاضى فيه موظفون بالمالية محدود عددهم 34 مليار كتعويضات سنويا، ثم لماذا يتم الصمت عن الاكراهات امام التعويضات التي يتقاضاها الوزراء منها التعويض عن التمثيل تصل الى 18 الف درهم و التعويض عن السكن يصل الى 15 الف درهم ( في الوقت الذي يتقاضى حارس عام بالتعليم تعويض 86 درهم عن السكنى ) و تعويض 5000 درهم عن صوائر التاثيت والاواني والادوات الزجاجية و الفضية ، و تتكفل الدولة بنفقات الوزير في الماء و الكهرباء، ثلاث سيارات للمصلحة ، و توفير الخدم ، و تعويض خاص عند انتهاء المهام تقدر بما يعادل مرتب 10 اشهر ، و يحافظ كل وزير على معاش يساوي الاجرة الشهرية الجزافية مضروبة في 1.5 بعد خصم الضرائب ، ثم كيف تم اغفال الاكراهات المالية في الزيادة الاخيرة لمعاشات النواب البرلمانيين ، ولماذا تم تغييب الاكراهات المالية كذلك في زيادة التعويضات الخاصة بالقضاة ، و رجال الوقاية المدنية و الاطباء واخيرا المهندسين ثم لماذا لم تراعى الاكراهات المالية في زيادة مبالغ التعويضات لرجال السلطة التي تمت المصادقة عليها دون اشهار و دون اعلام و دون اضرابات او اتفاقيات منذ 1994 (طبقا لمرسوم 2 /94/44 ) : الكتاب العامون و الباشوات (مجموع التعويضات 1117633 درهم شهريا ) و آخرهم خليفة المقاطعات (7000 درهم شهريا) هذا مع العلم ان من موظفي الوظيفة العمومية من يتقاضى تعويضات عن الاحذية و تعويضات عن اللباس و صيانة اللباس ، اما رجال ونساء التعليم ليس لهم تعويض عن اللباس بل نقطة عن الهندام ؟؟؟ اننا حين نستحظر هذه المعطيات ليس من باب المزايدة ، ولكن من باب التذكير بالامور على حقيقتها اما امل الاسرة التعليمية في البحث عن المساواة مع باقي القطاعات الاخرى يبقى معلقا الى اشعار اخر. 2- اما بخصوص النظام الاساسي : فيتذكر رجال و نساء التعليم التنازلات السابقة التي قدمتهاالنقابات الثلاث في المشروع المتوافق عليه في يوليوز 2001 ( طبقا لإتفاق 10 /11/دجنبر 2000) و التي سبق نشر تفاصيلها بجريدة التجديد في عمود الوعي النقابي نذكر منها : تكريس الساعات التطوعية – تكريس نظام الكوطا في الترقية الداخلية (في حدود الثلث) – تقليص نسبة النجاح في الامتحانات المهنية الى 10 % من عدد المترشحين – التراجع عن الادماج بالشهادات الجامعية – التخلي عن مكسب الترسيم خلال السنتين الاولى من بداية عمل الموظف – تكريس السلاليم الدنيا من السلم 1 الى 4 – اغفال وضعية الاطر الادارية المشتركة – عدم تحديد مقاييس الانتقاء الخاصة بالترقية بالاختيار . فيما اجهز الاتفاق الاخير 13 ماي بالاضافة الى التنازلات السابق ذكرها ، على مكتسبات اخرى و التي لم ينكرها الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم عبد الرحمان شناف بقوله للاحداث المغربية " ان النقابات الثلاث ابدت في حواراتها مع الحكومة منذ اتفاق دجنبر 2000 مرونة و تفهما كبيرين واضاف انه بعد تقديم تنازلات كبيرة على صعيد النظام الاساسي ؟؟ فان المسؤولين الحكوميين لم يقدموا بالمقابل أي شيء " (2) من بين التنازلات الجديدة : المزيد من التراجع عن نسبة الاستفادة من الترقية الداخلية بالاختيار و كذا المزيد من تقليص نسبة النجاح في الامتحانات المهنية (33.33 % +10 % ) اذ لم يتجاوز الاتفاق الاخير 22 %من الترقية بالاختيار و الامتحانات المهنية . التراجع عن مبدأ الترقي ثلاث مرات خلال الحياة الادارية بعد سلم التوظيف الذي كان سيعطي للموظفين المرتبين في السلم 9 ( معلمين + اساتدة السلك الاول + محضري المختبرات + الموثقين + حراس الخرجية ) حق الوصول الى الدرجة الممتازة ، اذ تم تحديد سقف الترقية لكل هذه الفئات في الاتفاق الجديد في السلم 11 ، كما ثم حرمان اساتذة السلك الثاني من الوصول الى درجة جديدة (خارج الدرجة ) . اما الحديث عن ثلاث رتب اضافية لأساتذة السلك الاول داخل السلم 11 فهي لا تسمن و لا تغني من جوع لأن زيادات الرتب معروفة ، و بالتالي فان الاتفاق الجديد لم يحقق أي مكسب لأساتذة السلك الاول و السلك الثاني و المفتشين و المبرزين ...الخ – تكريس الميز بين الموظفين و تعميق الفوارق بينهم (1) الصحيفة عدد 52 ( 8- 12 فبراير 2002. (2)الاحداث المغربية عدد 1208 الصادرة يوم الاثنين 13 ماي 2002 . ذ: سعيد مندريس