كشفت عدة تقارير أنه في الوقت الذي يجني فيه العديد من الأفراد أموالا طائلة جراء الفساد المستشري في قطاعات اقتصادية ومؤسسات عمومية، يفقد الاقتصاد المغربي أموالا بالملايير من الدراهم فضلا عن دور الفساد في إضعاف مناخ الاستثمار والتنافسية وصد الاستثمارات ، وخاصة الأجنبية، إضافة إلى الانعكاسات السلبية الكبيرة على المؤشرات الاجتماعية. رشوة أكدت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة " ترانسبرانسي المغرب" أن المغرب جاء في الرتبة 80 من بين 182 دولة في مؤشر إدراك الرشوة بعدما كان في الرتبة85 سنة 2010 و89 خلال السنة 2009. وجاء قطر في الرتبة 22 والإمارات العربية 28 والبحرين 46 وعمان 50 والكويت 54 والأردن 56 والمملكة السعودية 57 وتونس 73 والمغرب 80 والجزائر 112 ومصر 112 وسوريا 129 ولبنان 134 وموريتانيا 143 واليمن 164 و ليبيا 168 والعراق 175 و السودان 177. وتبين هذه الأرقام أنه على الرغم من أن المغرب حسن من رتبة قليلا إلا أنه ما زال في موقع يتطلب عمل كبيرا لتحسين صورته، خصوصا أنه جاء عربيا في الرتبة 9 من بين 18 دولة. ويطرح ارتفاع مؤسسات الرشوة بالمغرب العديد من الأسئلة خصوصا أن الفساد له العديد من التمظهرات مثل اقتصاد الريع (لاكريمات ورخص الصيد والمقالع)، حيث تعتبر رخص الاستغلال من أهم آليات الفساد التي يستغلها بعض الأفراد من أجل الاستفادة من موارد إضافية غير مشروعة، وتتوزع هذه الرخص رخص استغلال النقل العمومي، رخص استغلال المقالع. ويعتبر الإشكال الحقيقي في ملف "المأذونيات"، في الطريقة الغامضة التي تتوزع به عقود الامتيازات، التي هي في الأصل هبة ملكية للمعوزين وذوي الحاجات الخاصة، لا تكرى ولا تباع ولا ترهن. كلفة كشفت ترانسبرانسي الدولية أن الكلفة السنوية للفساد في الصفقات العمومية بالمغرب بلغت أزيد من 27 مليار درهم (3,6 مليار دولار) على اعتبار أن كلفة الفساد في تمرير هذه الصفقات بالشمال إفريقيا والشرق الأوسط تمثل 0,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وقال عبد السلام أبودرار رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة في حوار سابق مع "التجديد" إن بعض التقارير لسنة 2003 و2005 أكدت أن الكلفة الإضافية الاعتباطية التي يقدرها المستثمرون تصل إلى 40 في المائة، من جراء إمكانية تعرضه لمشكل مع شركائه أو العمال أو الإدارة، فإذا قدر المستثمر أن المخاطر المرتبط بالحكامة تصل في تونس إلى 20 في المائة، فإنه سيذهب إلى تونس بدل المغرب. واعتبر أن بعض التقديرات الهيئة كشفت على أن الرشوة الصغرى بالطرقات تعادل ما تحصل عليه شركة الطرق السيارة، وهو ما يقدر بالملايير، وهذا تقدير عام، لأن الرشوة مستشرية بالطرقات الثانوية والرئيسية، في حين أن ثمن الأداء بالطرق السيارة محدود، والشبكة الطرقية هي عشرات الآلاف من الكلمترات، وهناك مناطق حساسة، كتلك التي ينشط فيها التهريب والمخدرات، وتتداول فيها مبالغ كبيرة في الرشوة، وهذا يؤثر سلبا في ثقة المواطنين بتسيير الشأن العام وأجهزته. وتزداد كلفة الفساد بالمغرب خصوصا في القطاع الضريبي التي يعتبر الحجر الأساس لمداخيل خزينة الدولة. وتشير الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، إلى أن الإدارة الضريبية تعتبر من بين القطاعات الأكثر تعرضا للرشوة. وبجانب الفلاحين الكبار، أصحاب الرساميل التجارية والصناعية والمالية استطاعوا منذ مدة الاستفادة من الإعفاءات والاستثناءات، ويستفيدون من تعامل ضريبيي مناسب، فإن هناك العديد من المقاولات الصغرى والمتوسط التي تطالب بتخفيض ضريبي. وأوضحت الجمعية أنه رغم التخفيض من الضريبة على الشركات، فإن 60 في المائة من الشركات تعلن عن عجز مالي، بالإضافة إلى أن 20 في المائة من الشركات تشكل 80 في المائة من مداخيل الضريبة على الشركات. وتبين هذه الأرقام أن خزينة دولة تخسر ة أموال طائلة. وتتوفر الإدارة الضريبية حاليا على موارد بشرية ضعيفة من أجل الحد من التهرب الضريبي. تضرر مصالح المواطنين كشف البارومتر العالمي للرشوة أن النظام القضائي والموظفين هما القطاعين الأكثر رشوة متبوعين بالشرطة، والبرلمان والأحزاب السياسية وقطاع التعليم، ثم جمعيات المجتمع المدني وأفراد الجيش ووسائل الإعلام. وتنتقد ترانسبرانسي المغرب، البرنامج الحكومي لمحاربة الرشوة الذي لم يشرك المجتمع المدني والهيئة المركزي للوقاية من الرشوة، معتبرا أن هذه الخطة تفتقد الأهداف والجدولة الزمنية . ويرى مراقبون أن تفشي الرشوة في عدد من القطاعات يعطل الخدمات الموجه للمواطنين، ولا يكرس العدالة والمساواة في الاستفادة من الخدمات العمومية. وأكدت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة "ترانسبرانسي المغرب" ، أن 79,2 في المائة من المغاربة يؤكدون ارتفاع الرشوة أو بقائها كما كانت عليه. وأفاد حوالي 64,7 في المائة من المستجوبين أنهم قدموا رشوة خلال 12 شهر ماضيا. واعتبر 23,8 في المائة أنهم يقدمون الرشوة من أجل التسريع بالأمور، مقابل 6,3 في المائة من أجل تجنب مشاكل مع السلطات.