"أسود الخلافة".. "البسيج" يكشف تفاصيل تقنية خطيرة عن عتاد الخلية الإرهابية    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي يدعو إلى تطوير الشراكة مع المغرب لتشمل القارة الإفريقية    مراكش.. توقيف مواطن فرنسي موضوع أمر دولي بإلقاء القبض صادر عن السلطات القضائية لبلاده    منخفض جوي يقترب من المغرب مصحوب بامطار غزيرة وثلوج    سيارة مجهولة تدهس مسنة نواحي الحسيمة وسائقها يلوذ بالفرار    بورصة الدار البيضاء تعزز أرباحها عند الإغلاق    رئيس الاتحاد الموريتاني لكرة القدم يستقبل فوزي لقجع    البطل المغربي والعالمي حسن صاط يواصل تألقه بفرنسا ويستعد لأكبر نزال في شهر أبريل    نايف أكرد يغيب عن مواجهة برشلونة بسبب تراكم الإنذارات    منظمة (الألكسو).. تتويج التلاميذ المغاربة الفائزين في الدورة الثانية للبطولة العربية لألعاب الرياضيات والمنطق    الملك يهنئ رئيس جمهورية إستونيا    الصيادلة يهدّدون باستئناف "التصعيد"    أوروبا تعلق عقوبات على سوريا    وزير العدل يؤكد في "مجلس جنيف" التزام المغرب بتعزيز حقوق الإنسان    الكاتب الأول إدريس لشكر يهنئ الميلودي موخاريق بمناسبة إعادة انتخابه أمينا عاما للاتحاد المغربي للشغل لولاية رابعة    الاستخبارات المغربية تتعقب مصادر الأسلحة الإجرامية إثر تفكيك "خلايا داعشية"    حريق يداهم الحي الجامعي بوجدة    دراسة.. ارتفاع معدلات الإصابة بجرثومة المعدة لدى الأطفال بجهة الشرق    غزة ليست عقارا للبيع!    ميناء طنجة المتوسط يستقبل سربًا من مروحيات الأباتشي    "زمن الخوف".. الكتابة تحت ضغط واجب الذاكرة    الجبل ومأثور المغرب الشعبي ..    ترتيب المحترفين المغاربة الهدافين في دوري الأبطال    بوبكر سبيك: التشكيك في العمليات الأمنية يُعدّ جزءا من العقيدة الإرهابية    ترحيل حلاق من إسبانيا إلى المغرب بعد اتهامه بتجنيد مقاتلين لداعش    حموني: لم يعد مقبولا أن يغزو "تسونامي" المال والمصالح الانتخابات والأحزاب والمؤسسات التمثيلية    تسجيل هزة أرضية خفيفة بالعرائش    الدار البيضاء.. الأوركسترا السيمفونية الملكية تحتفي بالفنان الأمريكي فرانك سيناترا    سفير اسبانيا .. مدينة الصويرة تلعب دورا محوريا في تعزيز الروابط الثقافية بين المغرب واسبانيا    دنيا بطمة تعود إلى نشاطها الفني بعد عام من الغياب    لافروف: روسيا ستوقف القتال في أوكرانيا عندما تحصل على ما تريد من المفاوضات    نقابة الصحفيين التونسيين تدعو لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين مع التلويح بإضراب عام في القطاع    مراكش: توقيف زوجين يروجان مواد صيدلانية مهربة من شأنها الإضرار بالصحة العامة للمواطنين    رصاصة شرطي توقف ستيني بن سليمان    مع اقتراب رمضان.. توقعات بشأن تراجع أسعار السمك    المغرب يتصدر قائمة مستوردي التمور التونسية    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    فنلندا تغلق مكتب انفصاليي البوليساريو وتمنع أنشطتهم دون ترخيص مسبق    الذهب يحوم قرب أعلى مستوياته على الإطلاق وسط تراجع الدولار وترقب بيانات أمريكية    المهاجم المغربي مروان سنادي يسجل هدفه الأول مع أتليتيك بلباو    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    انفجار يطال قنصلية روسيا بمارسيليا    المعرض الدولي للفلاحة بباريس 2025.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما في مجال الفلاحة الرقمية    السعودية تطلق أول مدينة صناعية مخصصة لتصنيع وصيانة الطائرات في جدة    غوتيريش: وقف إطلاق النار في غزة "هش" وعلينا تجنب تجدد الأعمال القتالية بأي ثمن    الصين: "بي إم دبليو" تبدأ الإنتاج الضخم لبطاريات الجيل السادس للمركبات الكهربائية في 2026    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير حول الملتقى السنوي للرابطة الإسلامية مابين الثقافات ببلجيكا
نشر في التجديد يوم 23 - 05 - 2002

نظمت الرابطة الإسلامية مابين الثقافات ببلجيكا لقاءها السنوي يوم الأحد 19 مايو 2002 بأحد مدارج بكلية سانت لويس ببركسيل.
بدأ نشاط هذا الملتقى على الساعة الواحدة ونصف زوالا باستقبال الحاضرين الوافدين من جميع مدن وقرى بلجيكا, ثم بعد صلاة الظهر مباشرة تليت آيات من الذكر الحكيم. وبعد فترة الأناشيد الهادفة التي قدمتها فرقة مكونة من شباب الجيل الثاني و الثالث ببلجيكا, استمع الحضور الى كلمة الكاتب الأول للرابطة السيد الدكتور باسم حيث رحب بالجميع, وبين أن إختيار موضوع اللقاء "مسلموا أروبا, أية مكانة وأي إسهام" جاء ترجمة للواقع إن على الصعيد العام الداخلي أو الدولي والتي تسعى الرابطة من خلالها عبر العمل المؤسسي في ترسيخ سبل العيش الكريم في بلجيكا, وتبيان للمسلمين واجباتهم وحقوقهم في هذا المجتمع, وإظهار صورة الإسلام الحنيف الذي يدعو الى التسامح و الإعتدال و التعاون. أما على الصعيد الداخلي, قال الدكتور باسم أنه قد آن الأوان للمسلمين اليوم أن يندمجوا في المجتمع إندماجا إيجابيا مع الحفاظ على ميزتهم الخاصة الا وهي الإسلام و يتعاونوا مع مؤسساته بكل أشكالها لرفع الظلم وتحقيق العدل والمساواة ولترسيخ الإستقرار خاصة, يضيف الكاتب الأول للرابطة, وأن موجة العنصرية الحاقدة قد بدأت تنمو من جديد ناسين أن المسلمين هم جزء من
المجتمع البلجيكي, الذي يتفاعلون معه في سبيل تحقيق مصلحة الوطن. وأما على الصعيد الخارجي ذكر الحاضرين بالمأساة الإنسانية التي تحصل للشعب الفلسطيني والتي تعتبر مأساة لامثيل لها في التاريخ, فقد إغتصبت أرضه, يقول الدكتور باسم, و شرد من دياره و سفكت دماؤه ولا أحد يحرك ساكنا. وختم كلامه بشكر القادة السياسيين ببلجيكا لموقفهم الحق في نصرة القضية الفلسطينية, كما شكر الحضور والعلماء الأفاضل وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الدكتور محمد سعيد البوطي و الدكتور الشيخ الزهدي, راجيا من الله أن يبارك خطوات الجميع.
ثم تلت ذلك محاضرة بالفرنسية بعنوان "فلسطين اليوم" شارك فيها كل من البرفسور فادي بن عدي وفؤاد الحسيني نائب حزب الخضر "Député écologique" بالبرلمان الأروبي الذي زار أخيرا برفقة وفد أروبي مخيم جنين نابلس. لقد ذكر البرفسور فادي بن عدي بالمقاومة الفلسطينية عبر التاريخ تجاه الإستعمار والتوطين الغير المشروع والهمجية الأسرائلية, كما تطرق الى سعي بعض الأوساط الإعلامية تعمدا الى تشويه صورة الشعب الفلسطيني (مثال : طرحهم لسؤال لماذا الأمهات الفلسطينيات يرسلن أبناؤهن الى الموت؟ لا رحمة ولا عطف و...في قلوبهن, الى غير ذلك من ترهات مفضوحة) والعرب والمسلمين خاصة منهم المتواجدين بأوروبا. كما تكلم عن تحرش وشن هجوم عنيف من طرف نفس المختصين في الكذب والبهتان في بعض هذه الوسائل على الجارية المسلمة والعربية مستغلين بعض الإنزلاقات التي تمت في التظاهرة الخاصة بمساندة الشعب الفلسطيني التي نظمت يوم 14 أكتوبر 2000 والتي قال أن المنظمين قد حذروا منها و أدانوها في وقتها. كما تكلم عن الظلم الذي يمارس على القضية الفلسيطنية من طرف المجموعة الدولية والأمم المتحدة, وكيف أن هذه الأخيرة تكيل بمكيالين, ففي الوقت التي
تطالب بها بالتطبيق الفوري لقراراتها واحدة تلو الأخرى من طرف العرب و المسلمين (العراق و..) ولا تستطيع مواجهة إسرائيل التي لم تطبق واحدة كن قراراتها.. والحالة نفسها نجدها في محاكمة مجرمي الحرب, فالأمم المتحدة تسعى جيدا بمحاكمة بعض مجرمي الحرب بيغوسلافيا في خين تتغاضى عن مثيلهم وما أكثرهم في إسرائيل. ثم أضاف أن ما يرى من تعد صارخ لحقوق الإنسان بفلسطين, أيقض الضمير البلجيكي ودفعه الى تكوين لجنة لمساندة الشعب الفلسطيني "Comité pour le soutien au peuple palestinien" تضم جميع فعاليات المجتمع البلجيكي و من جميع الاتجاهات, تقوم بلقاءات كثيرة مع شخصيات عديدة من أجل حشد الدعم اللازم لهذه القضية ورفع الظلم على الشعب الفلسطيني. وفي كلمته, تكلم النائب فؤاد الحسيني من حزب الخضر أن عدد الوفد المقرر لزيارة جنين ونابلس كان في البداية 30 نائبا, ولكن تراجع سبعة عشر منهم في الدقيقة الأخيرة... وذكر أن برنامج الزيارة في مجمله تم إحترامه, رغم إنتظار ساعات طوال من أجل الحصول على تراخيص للدخول إلى جنين ونابلس. ولقد التقى الوفد بشخصيات إسرائيلية المدافعة عن السلام, والتقى أيضا بالرئيس السلطة الفلسطينية ياسر
عرفات ورئيس البرلمان الفلسطيني أبو عياد اللذان قالا للوفد بوجوب إعادة السلطة الفلسطينية لأن كثيرا من الكوادر قتلوا ودمرت بكاملها مؤسسات وإدارات الشعب الفلسطيني. والتقى الوفد أيضا بعائلات فلسطينية يسألن عن أبنائهن ولا يعرفن مصيرهم: هل مازالوا على قيد الحياة أو قتلوا؟. وأما عن المخيم يقول النائب فؤاد الحسيني أن الوفد وقف على حقائق و مشاهد يصعب تشخيصها ووصفها..وأنه عاجز شخصيا بإعطاء أي وصف مهما يكن وأن ذلك فوق أي تصور.. واكتفى بالقول أن المخيم الشبح أصابه زلزال رهيب, لا أحد يعرف عدد ضحايا المجزرة التي اقترفها الأسرائليون هناك. وقال أن فترة وجودهم هناك تصادفت مع تظاهرة من أجل السلام بتل أبيب, والتي رفض الوفد المشاركة فيها, لان ذلك في نظره غير مجد وأن على شارون أن يوقف فورا هذا الهجوم وهذه الهمجية. وقال فؤاد الحسني أن كل واحد من أعضاء الوفد سيرفع تقريرا إلى برلمانه يضم أساسا خمس توصيات, أولاها ضرورة إرسال قوة دولية إلى فلسطين لحماية الشعب الفلسطيني, ثانيهما إرسال لجنة دولية لتقصي الحقائق بغية محاكمة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة, ثالثها أن يعمل الوفد من أجل الضغط على البرلمان الأروبي بهذف
مراجعة كل الإتفاقيات المبرمة بين أروبا وإسرائيل, مؤكدا أن هناك أدلة دامغة وكافية من أجل إيقاف كل أشكال التعاون معها, رابعها وجوب إعادة هيكلة وإصلاح جميع مرافق السلطة الفلسطينية الإدارية والسياسية والإقتصادية و الإجتماعية والقضائية, وآخر التوصيات التي سيرفعها الوفد الى برلمانات فرنسا و بلجيكا وانكلترا هو العمل على تكوين ملفات حول انتهاكات الدولة الإسرائيلية في جميع الميادين. وبعده تكلم كل من الدكتور مصطفى بوحود والدكتور عمر من هيئة أطباء العرب ببلجيكا اللذان أثارا بعض المشاكل التي تعترض عمل الأطباء أو بصفة عامة عمليات التطبيب بفلسطين كالحصار الذي طبق على المستشفيات وعلى سيارات الإسعاف وعلى فقدان الأدوية ووسائل التطبيب المختلفة, كما ذكرا باللقاء الذي تم بين هيئتهم "Collectif des médecins belges" والأطباء الفلسطينيين الذين زاروا أخيرا بروكسيل حيث تم جرد حاجيات الشعب الفلسطيني فيما يخص وسائل الإسعافات الأولية. وأوضحا أن هيئتهم تسعى لتحقيق أهداف معينة, لخصاها في جمع التبرعات من مختلف شرائح الشعب البلجيكي وذلك من أجل شراء عشرات من الحقائب الطبية (ثمن كل حقيبة حوالي 60000 فرنك بلجيكي أي 1488
أورو = 14877 درهم مغربي), وإيصالها الى فلسطين عن طريق السلطات البلجيكية.
وبعد هذه المحاضرة إستمع الجميع الى نشيدين حول مذابح ومجازر جنين والأقصى من تقديم مجموعة الإعتصام الفلسطينية التي لاقت كلماتها المعبرة صدى واسعا لدى الحضور الذي صفق لها كثيرا وهلل وكبر. وبعد فترة الأناشيد, كان موعد المشاركين مع حوار حول الحجاب في المدارس الذي شاركت فيه كل من الأستاذة المختصة في علم الإجتماع السيدة منى بوسليماتي صاحبة الكتاب القيم المعنون "إرتداء الحجاب, الزي والتعصب Le port du voile, le voile est l’intégrisme
"والذي صدر أخيرا ببلجيكا و قامت حوله ضجة إعلامية محلية واسعة. ذكرت الأستاذة أن كتابها جاء تلبية لطلب من الأخوات اللواتي يعانين من قرار رفض الحجاب الصادر من طرف الإدارات التعليمية البلجيكية, وشرحت أسباب الرفض التي ربطتها بالتصور الخاطئ الشائع والقائل بأن العلمانية هي ضد الديانات, مما يعتبره المسيحيون انفسهم بالأمر الغير المقبول, وعليه فيلزم أن تحظى الجارية المسلمة بنفس الاحترام الذي يمنح للآخرين وفق طبعا الدستور البلجيكي, الذي يضمن الحرية الفردية للجميع. وهذا تضيف الأستاذة, ما جعل وزير إرفي أسكا بعد التحاور معه يتفهم مطلبنا ويسمح بارتداء الحجاب الإسلامي بالمدارس. تم أعطيت الكلمة للآنسة سعاد رزوق المستشارة الإجتماعية في ديوان وزير ديديي دكسون والتي عملت ولمدة خمس سنوات للاستماع إلى مشاكل الشباب الناجمة عن مسببات شتى منها المخدرات و الطلاق و تكلمت وبمرارة عن هذه التجربة وطالبت الأسر والآباء بفتح الحوار مع أبنائهم, لأن غيابه هو الذي دفع كل هؤلاء الشباب إلى الانحراف وإعطاء صور غير مشرفة لهويتهم. كما شاركت أيضا فتاة ساعدت كثيرا الأستاذة بوسليماتي (أثناء إعداد كتابها) في الإستمارة التي تم
إنجازها في عينة معبرة من مدارس بلجيكا تضم مائة وعشر مدرسة, التي وجهت موعظة جد مؤثرة حول مآسي الفتيات المسلمات في أرض المهجر والتي أعوزتها الى الابتعاد عن الله وعدم نصرته ونقض الوعد الذي بيننا وبينه (الست بربكم, قالوا بلى...) وأن نصر الله لنا مرهون بالتقرب إليه والإئتمار بأوامره والابتعاد عن نواهيه, وأنه ما ضاع حق وراءه باطل, حامدة الله الذي نصرهن باستجابة السيد الوزير لطلبهن حول الحجاب.
وبعد صلاة العصر, استمع الحضور الكثيف إلى الدكتور سعيد رمضان البوطي التي كانت بعنوان على شكل سؤال"أهو التخوف من الإسلام أم الكيد له؟". وبدأ محاضرته بجواب مباشر على هذا السؤال, سيبني بعده تدخله عليه, حيث قال أنه التخوف والكيد معا, الخوف أولا و الكيد له ثانيا. أما إعلان الغرب لهذا التخوف والكيد للإسلام, يقول الدكتور البوطي فهو قديم وليس حديث العهد, وكان يمرران في أنفاق خفية ومظلمة وتحول بعد ذلك من إعلان مستكين إلى كيد يعلن عنه جهرا. وأوعز الأستاذ الفاضل هذه العداوة إلى عدة عوامل منها : استقرار دماغ السياسة الأمريكية عقب انهيار المعسكر الاشتراكي على أمر مفاده أنه لابد له من عدو بديل يصطفيه الغرب الأمريكي (يؤكد على الغرب الأمريكي فقط), لكي يمارس من خلال هذه العداوة له أطماعه وسياسته كلها (اقتصاديا, خلق بؤر التوتر ما بين البلدان المتخلفة ومنها الإسلامية لكي تصبح وتضل أسواقا استهلاكية تمتص منتجات الشركات العملاقة الأمريكية المختصة في الأسلحة). ثم تساءل لماذا الإسلام بالذات؟ ثلاث عوامل وراء هذا الاختيار, أولاها يقول السيد البوطي تتجلى في ظاهرة تزايد انتشار الإسلام في الغرب عامة والأمريكي خاصة
بدافع ذاتي وبدون أي وسائل من الحركات الإسلامية, مما أثار حفيظة صناع القرار بأمريكا. الدافع الثاني هو عبارة عن تقارير كثيرة مرفوعة إلى دوائر خفية أمريكية منها تقرير رفع إلى دوائر الأمم المتحدة من عالم الإجرام باستراليا (وليام كرفورد) حرر في ثلاثين صفحة, وشاء الله أن يصل إلى السيد البوطي. خلاصة التقرير, يقول السيد الدكتور, أن هناك تخوفات من انبعاث إسلامي ينقل المسلمون من منظور تقليدي للإسلام إلى إسلام حركي وحيوي فعال, وإذا اجتمع هذا الانبعاث مع ثروة البترول الهائلة للدول الإسلامية, فأن ذلك يشكل سلاحين بوسعهما أن يقضيا على الحضارة الغربية, وتتقلب موازين القوى لصالح الشعوب المسلمة. ويوصي التقرير على وجوب العمل على أن تبقى انتماءات هذه الدول إلى الإسلام تقليدية. أما العامل الأخير, يقول الدكتور البوطي هو إخضاع العالم الإسلامي لنظام العولمة الذي يمكن بواسطته تحطيم جميع السدود وعلى رأسها السد المنيع الذي يشكله الإسلام, بدءا بالعولمة الثقافية التي تعد البوابة التي توصل إلى العولمة الاقتصادية. كما ذكر الأستاذ البوطي بكتاب "اصطدام الحضارات" الذي يضم أفكارا مشينة وواضحة المعالم, والتي قال أنها
أيضا من وراء إستعلان الغرب الأمريكي لعداوته للإسلام, حيث يتهم فيه الكاتب الإسلام على أنه دموي المنشأ و دموي الهدف, وأنه نشر ذاته بالسلاح إلى غير ذلك من ترهات عديدة مبرمجة أساسا لكي تصبح مشروعا مستقبليا لمحاربة الإسلام. وقد خصص الدكتور البوطي فترته الأخيرة في تدخله لدحض هذه الاتهامات التي منها الإسلام بريء. وقال أن تنفيذ الأوامر في الإسلام, يجب أن تنبعث من الرغبة وأن الله لا يقبل إسلام المسلم إلا إذا كان نابعا من اختياره, وأن هناك ما يسمى بالأوامر التكوينية, التي توجه بها الله إلى الجمادات و الحيوانات ما عدا الإنسان, والتي تقتضي التنفيد الآلي (إنما أمره إذا أراد أن يكون....): كتوجيه الأمر لااختياري إلى السماء أن تمطر, والأرض أن تنبت و..الخ. ثم هناك, يضيف الدكتور أوامر تكليفية, خاطب بها الله البشر وترك له الحرية دون أن يساق إليها قصرا. وأضاف أن الدين معناه خضوع القلب الى الله, وعليه, لا يمكن أن يقبل دينا قهرا. أما كون أن الإسلام توسع بالسيف, فيرد الأستاذ البوطي بقوله أن الجهاد ليس هو سوق الناس بالعصا, إنما هو العين الساهرة على حقوق الأمة, مستدلا على ذلك بجميع الغزوات التي خاضها
المسلمون, وبين أن كل غزوة جاءت لرد عدوان موجه للأمة (غزوة بدر وأحد والأحزاب) أو رد على عدوان خفي يخطط للأمة (غزوة خيبر). وأكد على أن الأصل في الإسلام هو السلم, ولا يلتفت إلى الحرب إلا عند الضرورة, ووجه سؤالا إلى كل ضمير حي حول عدد قطرات الدماء التي أريقت من المسلمين وغيرهم في تاريخ انتشار الإسلام, ولا واحدة يؤكد الأستاذ, وأن الغرب هو في مقدمة من يعلم هذا ويدري حقيقة الإسلام الصحيح وأن لسانا يدعو إلى الله على بصيرة, لا يسع صاحبه إلا أن يتمتع بأخلاق إسلامية راشدة وتترجم في سلوك حضاري إنساني رفيع. واستشهد بكلام ألكول, نائب الرئيس الأمريكي السابق, الذي قال في معرض كلامه عن انتشار الإسلام في الغرب : " لقد تفيأنا ظلال الحضارة الإسلامية حينما كنا في جهالة ظلماء". وأعطى الشيخ البوطي بعض النمادج التي تظهر سماحة الإسلام وتفتحه, في غرناطة بإسبانيا مثلا كانت توجد خمسون مشفا يستقبل المسلمين و النصارى و اليهود و يسهر على رعايتهم بدون تمييز, وتوجد بها مالا يقل عن عشرين جامعة ومعهد في مختلف العلوم والتخصصات, لم ترصد أبوابها في وجه المسيحيين وغيرهم, بل بسطت معارفها للجميع. وختم كلامه (الذي يترجم الى
اللغة الفرنسية أيضا للجارية والحضور الذي لا يفهم اللغة العربية) بقوله أنه إذا كان في عزم الغرب الأمريكي أن يعلن الحرب علينا وعلى المسلمين, فذلك شأنه وليستعمل كل ما عنده من ترسانة... ولكننا كما يقول الأستاذ نجزم أن ينال أي نجاح يذكر في محاولاته القاضية للبسنا ثوب هذا الإرهاب واتهامنا بالجرم الذي هو ضارع فيه, وأن ما نفاجأ به اليوم من تهمة الإرهاب على حين غرة ودون سابق إنذار ولا مقدمات, إنما هو وقود إرهاب يريد من خلاله سن حرب عالمية ثالثة, يصل بها إلى مبتغاه من جهة وآملا من جهة أخرى على القضاء على المشروع المعروف بالتقارب الأرو-الأسيوي الذي يسعى الجميع لإنجاحه والذي يقتضي ببناء طريق تصل روتردام "Rotterdam" بقلب الصين, يستعمل فيه قطار مغنطسي تفوق سرعته سرعة الطائرة. وأوضح الشيخ أن الصهيونية العالمية وراء هذه الحرب التي تسخَر فيها الإدارة الأمريكية كأداة نفخ فقط, مما دفع أحدهم بتوجيه تنبيه للأمريكيين يحذرهم فيه أن نجاح هذا التخطيط الجهنمي معناه الانتحار لأمريكا. وختم الأستاذ الدكتور البوطي كلامه بالقول أن على أمريكا أن تعلم أن خططها غير مخفية علينا, وأن الغد آت بإدن الله وفق مشيئته سبحانه
"يريدون أن يطفئوا نور الله ... الى آخر الآية".
وبعد هذه الكلمة, استمر اللقاء بأناشيد إسلامية من إنشاد الفرقة المحلية لمدينة أنفيرس "Anvers" وفرقة الاعتصام الفلسطينية حيث تخللها مائدة مستديرة حول "الإسلام في أوروبا, أي إسهام وأية مكانة" (L’islam en Europe, quelle contribution? quelle place?) ثم ختم اللقاء بالدعاء في حدود منتصف الليل.
أعد التقرير الدكتور الحسن أشباني من بلجيكا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.