قلل العربي لمساري و تاج الدين الحسيني من المخاوف التي أثيرت فور وصول الحزب الشعبي الإسباني إلى السلطة في إسبانيا وانفراده بالحكم بعد الأغلبية المريحة التي حققها خلال انتخابات 20 نونبر والتي منحته 186 مقعداً في المجلس الأدنى للبرلمان من أصل 350. وأكدا ل»التجديد» على أن أولوية الحزب الشعبي حاليا هي الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها إسبانيا والتي تهددها باللحاق بالوضع التي تتخبط فيه دول أوربية في منطقة اليورو مثل اليونان والبرتغال وإيطاليا، مشيرين إلى أن المصالح التي تربط البلدين استراتيجية ووثيقة. وفي هذا الصدد أكد العربي المساري وزير الاتصال الأسبق والخبير في العلاقات المغربية الإسبانية، أن البلدين تربطهما مصالح مؤكدة من الناحية الاستراتيجية والأمنية واالإقتصادية، وبالتالي فعليهما أن يتصرفا وفق ما تمليه هذه المصالح، موضحا في اتصال ل»التجديد» أن إسبانيا ستعطي الأولوية حاليا للملف الاقتصادي، وأشار المساري إلى المئات من الشركات الاسبانية المستثمرة في المغرب والتي تمثل الكثير بالنسبة للاقتصاد الإسباني وكذا التعاون الاقتصادي والتجاري بين المغرب وإسبانيا مشددا على أن الحكام الجدد لإسبانيا عليهم أن يستحضروا هذه العناصر في بناء علاقتهم مع الرباط. من جانبه أكد أستاذ العلاقات الدولية الدكتور تاج الدين الحسيني أن إسبانيا محكومة بأن تتعايش مع المغرب وأن تتعامل معه بروح منفتحة ومرنة تركز بالأساس على المصالح المشتركة، وأوضح في اصال ل»التجديد» أن إسبانيا ملزمة بالتعاون مع المغرب سواء في ملف الإرهاب خاصة بعد التبعثر الذي عرفته الأسلحة الليبية في منطقة جنوب الصحراء بعد انهيار نظام القذافي وكذلك في مجال محاربة الهجرة السرية على اعتبار أن المغرب يلعب دورا أساسيا في هذا المجال باعتباره بوابة إفريقيا نحو أوربا ومن الناحية الاقتصادي - يضيف الحسيني- فإن إسبانيا هي المستفيد الأساسي من الاتفاقات الموقعة مع الاتحاد الاوربي، كما أن أكثر من 900 شركة استثمارية إسبانية توجد في المغرب ولها مصالح تؤطر المناخ الاستثماري في هذه المنطقة ناهيك عن التعاون داخل الإطار المتوسطي والضغوط الأوربية لتحسين وضعية العلاقات مع المغرب، كل هذا - يؤكد الحسيني- سيدفع الحزب الشعبي وخاصة رئيسه ماريانو راخوي المعروف بحكمته وتبصره إلى أن يسير بالعلاقات بين البلدين الجارين نحو مزيد من التعاون بدل الصراع. وكان ماريانو راخوي الأمين العام للحزب الشعبي والذي سيرأس الحكومة المقبلة في إسبانيا قد أرسل رسائل طمانينة إلى الرباط خلال حملته الانتخابية عندما قال في تصريحات إعلامية إن أولويات سياسته الخارجية ستكون بناء علاقات جيدة مع المغرب. يذكر ان العلاقت بين المغرب والحزب الشعبي قد عرفت لحظات أزمة سواء خلال توجد هذا الحزب في المعارضة لمدة سبع سنوات عندما كان يعلن مواقف معادية ضد المغرب ووحدته الترابية نتج عنها تنظيم مسيرة مليونية في الدارالبيضاء ضد الحزب المذكور، أو عندما كان في السلطة بزعامة خوسي ماريا أثنار عندما طفت على السطح أزمة جزيرة ليلى هدد خلالها أثنار بالتدخل العسكري فيما سحب المغرب سفيره المعتمد في مدريد. هذا ودفعت الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها إسبانيا حاليا والتي نتج عنها ارتفاع نسبة البطالة إلى أعلى مستوياتها التي بلغت 22 بالمائة إلى تراجع شعبية الحزب الاشتراكي الذي يحكم البلاد منذ عام 2004 لصالح الحزب الشعبي الذي حقق انتصارا كبيرا بحصوله على 186 مقعداً من أصل 350 وبفضل الغالبية المطلقة التي حققها، سيتمكن الحزب الشعبي من حكم البلاد بمفرده.