كشفت تصريحات قيادات إسلامية جزائرية عن تباين واضح في المواقف إزاء البرنامج «الإصلاحي» الذي أطلقه الرئيس الجزائري قبل أيام. ففي حين حذر قيادي من أن إصلاحات بوتفليقة قد لا تجنب الجزائر الربيع العربي، دعا آخر إلى تشكيل تحالف سياسي حزبي واسع لإنجاح تلك الإصلاحات السياسية. وحذر إسلامي جزائري من أنه إذا لم يتم التغيير في بلاده عن طريق الديمقراطية فسيكون عن طريق ثورات شبيهة بالدول المجاورة ليبيا وتونسوالجزائر، وذلك غداة إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن سلسلة إصلاحات رأى أنها جاءت تحت تأثير التطورات الإقليمية خوفًا من امتدادها إلى الجزائر. وقال عبد المجيد مناصرة نائب رئيس «جبهة التغيير الوطني» الجزائرية المعارضة قيد التأسيس في مقابلة مع صحيفة «الخبر»الجزائرية: «إنه إذا لم نتوجه إلى الإصلاح وفق آلية الديمقراطية سنفتح الباب للتغيير بطرق أخرى، ولنا في تجارب تونس ومصر عبرة.. فأنا أخشى أن تدفع الجزائر نحو المجهول إن لم تجد من يتحمَّل المسئولية لدفعها إلى مزيد من الحريات والديمقراطية». واعتبر مناصرة وزير الصناعة الأسبق، والمنشق عن «حركة مجتمع السلم»، أن ما يحصل من احتجاجات اجتماعية في عدة مناطق في الجزائر منذ مطلع العام الجاري «دليل على فشل السياسات وعجز منظومة الحكم والتسيير عن الإستجابة لمطالب المواطنين». وتابع: «لو كان الشعب يثق في الحكومة والسلطة والبلدية لما خرج إلى الشارع للتعبير عن حاجياته باستعمال العنف، وعندما لا يجد المواطن من يصغي لصوته يلجأ إلى العنف». وتابع: «أن مشاريع التنمية ورفع الأجور تسمح بشراء سلم اجتماعي، ولكن عندما يكون هدفها إلهاء الناس والاستخفاف بعقولهم، لن تقضي على الأزمة». وتساءل: «ألم يعلن العقيد القذافي غداة ثورة تونس عن إنفاق بقيمة 25 مليار دولار على مشاريع السكن؟ هل جنَّبه ذلك ثورة شعبه عليه؟». واعتبر أن استجابة الرئيس الجزائري لمطالب الإصلاحات لم يكن بدافع شخصي منه، وقال: «إن حدَّة الحركة الشعبية المطالبة بالتغيير في المنطقة، ووصولها إلى حدود الجزائر، هو ما دفع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى إطلاق وعود بالإصلاح.. فبوتفليقة ليس مبادرًا بالإصلاحات وإنما أحسن قراءة الأحداث فعبَّر عن نيته في إجراء إصلاحات». في المقابل، دعا رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية (الإخوان المسلمون) أبو جرة سلطاني إلى تشكيل تحالف سياسي واسع بين الأحزاب السياسية لإنجاح الإصلاحات السياسية التي اقترحها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من أجل تعزيز المسار الديمقراطي في البلاد. وأضاف سلطاني: «يتعين علينا أن نتحالف مع كل من يؤيد برنامج رئيس الجمهورية لتحقيق إصلاحات من شأنها بناء جزائر جديدة تعم فيها العدالة الاجتماعية والتنمية في مختلف المجالات». وأكد سلطاني الذي يعد حزبه أحد أركان الائتلاف الحاكم في مقابلة مع إذاعة الجزائر الدولية بثتها الثلاثاء، أهمية تعديل الدستور قبل إجراء الإصلاحات الخاصة بقوانين الانتخاب والأحزاب والإعلام. ودعا في الوقت ذاته إلى إعادة النظر في بعض بنود مشروع القانون المقترح حول نظام الانتخابات بهدف «منع التزوير وضمان شفافية أكثر في العملية الانتخابية وترسيخ ديمقراطية حقيقية في البلاد». وكان الرئيس الجزائري قد اقترح إجراء إصلاحات تتضمن رفع نسبة تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة إلى 33 % الأمر الذي أثار جدلاً واسعًا بين أحزاب التحالف الرئاسي المشكل للحكومة، بسبب حساسية الموضوع وطبيعة المجتمع الجزائري المحافظ. واعتبرت حركة مجتمع السلم، أن النسبة مبالغ فيها كثيرًا باعتبارها لا تخدم المرأة قبل غيرها. وأوضح سلطاني أن حركته تدعم فتح المجال أمام إنشاء أحزاب جديدة «للمساهمة في المجال السياسي»، قائلاً: إن «كل الأحزاب مدعوة إلى تثبيت دورها في الميدان السياسي بتقديم برامج واضحة وأفكار تتماشى ومصالح الوطن بعيدًا عن أي مناورات سياسية». يذكر أن الجزائر شهدت سلسلة من الاحتجاجات على تردي الوضع الاجتماعي في البلاد إلا أنها لم تتطور إلى حركة احتجاجات شعبية كما في مصر وليبيا واليمن.