إذا كان الإشهاد في الطلاق يتردد بين معتبر إياه وبين عدم معتبر، فإننا سنتكلم عن من يعتبر الإشهاد ولا يلتفت إلى التلفظ بالطلاق إن لم يقع إشهاد. لا يقع من الناحية المسطرية في مدونة الأسرة، لأنه اشترطت لإيقاعه وجوب إذن القاضي وإشهاده ومصادقته عليه. وليس يوجد من الناحية الشرعية في هذه المادة معارضة وتناقض. 1 لأن الطلاق كان يقع على عهده صلى الله عليه وسلم، فإن وقع خرم لأحد مساطره كان كلا طلاق، ومنه قسم العلماء الطلاق إلى سني وبدعي. فالبدعي لا يقع وإن تلفظ الزوج به، يشهد له ما جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عمر : أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد ذلك وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله سبحانه أن تطلق لها النساء". * وكما لا يقع الحلف بالطلاق في الراجح عند أهل العلم وأخذت به مدونة الأسرة في المادة 91. * وكما يقع الطلاق المعلق أيضا عند كثير من أهل العلم وأخذت به مدونة الأسرة في المادة 93. * وكما لا يقع الطلاق المرتبط بالثلاث أو بأي عدد أطلقه الزوج، وأخذت به مدونة الأسرة في المادة 92. فأن لا يقع الطلاق إن غاب الإشهاد ليس بمشكلة كبيرة. وليس يزعج فقها مثل هذه المسائل. وبناء على الأخذ بقاعدة الإشهاد: فإن النتيجة الحتمية أن الطلاق الشفوي لا يعد ولا يعتبر إلا بعد التصديق عليه قضاء. حكم تويثق الطلاق والإشهاد عليه؟ مثل النكاح توثيق أصبح من الواجبات الوقتية، فإن تحلل كثير من الأزواج من تبعات ومسؤولية تصرفاتهم وإنكار الأبناء وإنكار المستحقات تجعل مسؤولية كبيرة أمام الفقيه أن يكون فقيها حتى لا يروج عليه المكر والخداع أو يقبل برواجه. فالإشهاد مقدمة التوثيق وآيلة إلى مصالحة المرجوة المعتبرة. وكثيرا ما كانت الأقيسة غالية(من الغلو) عند اتباعها، مفوتة لمصالح العباد، لا يستفيد من هذه الأوضاع المنكوسة إلا أصحاب الدخلة الخبيثة. حتى قال الإمام مالك: إن المغرق في القياس يكاد يفارق السنة ولماذا نذهب بعيدا وأمامنا نماذج الذين تزوجوا لفظا بالتغرير والقول: زوجتك نفسي. ثم أنكر الخائبون التزوج لأي ضيق وتبرم يحصل في الحياة الزوجية، بل وأنكروا الأبناء أيضا. • وقد ذكر بعض أهل التفسير أن إقامة الشهادة في الطلاق في الآية قد انتظمت معنيين عظيمين: الأول: والأمر بإقامة الشهادة. الثاني: أن إقامة الشهادة حق لله تعالى، استفيد ذلك من التأكيد عليها؛ الأمر بالقيام به. وحتى من قال بالندب في موضوع الإشهاد- فإن هذا الحكم يتعارض مع ما استجد من أحوال الناس، وكثرة تنازعهم، وما كانت لهم فيه أناة - فيقتضي أصوليا أن يضيق في الندب بجعله واجبا عليهم بعد أن تسارع الناس إلى الاستهتار. جعل الطلاق تحت مراقبة القضاء: في ظل بعد الناس المجمع عليه عن أحكام الشريعة الإسلامية أبقي على الأصل(الزوج هو موقع الطلاق) ومقيدا بوجوب التقدم خطوة أخرى للجهر به أمام المنتصبين لقبول الإشهاد. فإذا جهر به أمام زوجه فهل يضره أن يجهر به أمام الغير، إلا أن تكون له دخلة خبيثة.