كشف تقرير مواز اشتغل عليه فريق من المفتشية العامة لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي عن رؤية مغايرة لطبيعة الرؤية «الايجابية» التي تضمنها التقرير الرسمي للوزارة. فبموازاة التقرير الذي أنجزتة الوزارة المعنون ب»حصيلة المخطط الاستعجالي 2009-2012» والذي قدم للرأي العام يوم 13 شتنبر 2011، كشف تقرير المفتشية العامة للوزارة «التي تتوفر التجديد» على خطوطه العريضة عن اختلالات المنظومة التربوية ببلادنا. ومن أبرز خلاصات التقرير، أن تطور قطاع التعليم بالمغرب وتوسعه من الناحية الكمية لم يوازيه بشكل كبير تحقيق مبدأ الكيف والجودة. ومن أبرز اخفاقات المخطط الاستعجالي (2009-2012)، حسب التقرير، البعد عن الأرقام التي وضعها المخطط بخصوص إنجاز المؤسسات التعليمية. فبعد سنتين من مخطط ثلاثي السنوات، لم يتم إنجاز سوى 499 مؤسسة تعليمية منذ موسم 2007-2008 إلى موسم 2010-2011 في حين أن المخطط يرسم أفقا لإنجاز 1101 مؤسسة. وكشفت مصادر من وزارة التربية الوطنية، أن ورش بناء المؤسسات التعلمية ظل حلقة الصراع بين مختلف المتدخلين داخل الوزارة لاسيما في ظل رغبة أحمد اخشيشن، وزير التربية الوطنية، منح حق المصادقة والحسم في أوراش بناء المؤسسات التعلمية للجنة مركزية، لكن تدخل لطيفة العابدة، كاتبة الدولة في التعليم المدرسي، أعاد الأمور إلى سياقها حيث تتكلف الأكاديميات الجهوية بالملف. وسجل التقرير أن «البيروقراطية» وتكتل ما أسماه أصحاب المصالح «مركزيا وجهويا» أعاق تحقيق «تقدم» في مجال بناء المؤسسات. ففي سنة 2010، على سبيل المثال، لم تتمكن الأكاديميات الجهوية من «حسن» تدبير البند المخصص للاستثمار مما عطل صرف 6 مليار درهم مخصص لهذا البند وتشكل بناء المؤسسات التعليمية الحيز الأكبر منها. وعرفت السنة الحالية، حسب التقرير، تجاذبات همت ورش بناء المدارس لتدارك التعثر الحاصل. حيث اعتبر خلاله عدد من المقاولين أن سياسة الوزارة تشجع المقاولات الكبرى في قطاع خصص له أزيد من 20 مليار درهم في ثلاث سنوات. وكشف التقرير أن اختلالات كبرى تعرفها «الأوراش» التي تتكفل به الأكاديميات الجهوية، ويرجع ذلك إلى ضعف التكوين. و كدليل على ذلك أن عددا من مشاريع البناء تم رفضها سنة 2010 من قبل المراقبين الجهويين للخزينة العامة للملكة نتيجة أخطاء إدارية أبطالها موظفوا مصالح الأكاديميات. وفي لغة إحصائية دقيقة كشف التقرير أنه وراء الأرقام والإحصائيات تكمن بعض الاختلالات، منها أنه بالرغم من «الصورة الايجابية المروجة حول توسيع الانجازات الكمية» فإنه على سبيل المثال يكشف تطور أعداد المنقطعين عن الدراسة أن الانقطاع «لم يحقق نجاحات كبرى إذ انقطع في موسم 2009-2010 على المستوى الابتدائي 107 ألف و 400 تلميذا وفي المستوى الثانوي لم يتمكن 145 ألف و 658 تلميذا من متابعة الدراسة». من جهة أخرى، فإن نسبة توفير الخدمات في المستويات التعليمية، حسب التقرير لم «تصل إلى مستوى المقرر في التقارير الدولية»، فنسبة المؤسسات الابتدائية المتوفرة على الماء الصالح للشرب لا يتجاوز في موسم 2010-2011 نسبة 52 بالمائة. والاستفادة من الكهرباء لا يتجاوز 53 بالمائة بالنسبة للمدارس الابتدائية. أما نسبة المدارس المتوفرة على المرافق الصحية فتبلغ فقط 61 بالمائة. واشار التقرير من جانب آخر، إلى أن «أثر» عدد من البرامج المتعلقة بالدعم المدرسي(تيسير الذي خصصت له ميزانية 578 مليون درهم، مليون محفظة، النقل المدرسي..) لم يتم التحكم في أثرها بشكل دقيق على مستوى الواقع. في موضوع آخر، كشف التقرير أن توسع القطاع الخصوصي من التعليم (يمثل 10 بالمائة) لم تواكبه برامج «حقيقية» لمراقبة المحتوى والأهداف والمضامين. في هذا السياق، اعتبر خالد الصمدي خبير في قضايا التربية والتكوين، أن الأهداف المرسومة للمخطط الاستعجالي وفق وتيرة تنفيذ البرامج غير مكتملة ولن تستكمل في سنة 2012، وان الواقع الميداني سيفرض على المغرب فتح نسخة ثانية من المخطط قد يمتد للفترة (2012-2015). ونبه الصمدي، في تصريح ل»التجديد»، إلى أنه من السابق لأوانه الحديث عن نجاح تنزيل مقاربة بيداغوجيا الإدماج بالرغم من تعميمها على مستوى الابتدائي. أما فيما يخص مستوى الجامعة، فشدد الصمدي على أنه من حيث الأرقام فإن هناك تزايد في اقتراحات المسالك والماستر، لكن الحديث عن الجودة، في ظل غياب الإمكانات، يطرح أكثر من علامة استفهام.