هناك مفارقة حقيقية تستحق التوقف ، فمنذ أن تم الاعلان عن البرنامج الاستعجالي ، كخطة "ناجعة لانقاد المنظومة التربوية ببلادنا "، إلا ونسمع أن التقييم الذي تعلنه الوزارة عند متم كل موسم دراسي ،يقول "العام زين " وأن المغرب يعرف نهضة تربوية حقيقية ، وللتأكيد على ذلك ، يعتمد صانع القرار التربوي ، لغة الارقام ، حتى يخيل إليك أنك تعيش في مغرب غير الذي تتكلم عنه هذه الارقام ؟ وفي بعض الاحيان تدخلك في نوع من المفاجئة الغريبة ، إذ كيف تعلن الوزارة الوصية عن أرقام وإحصاءات ، تقول بأن حصيلتها ايجابية ، والواقع يشهد أن المدرسة المغربية بكل مكوناتها ومشاربها ، تشهد حالة من التدهور لا مثيل لها ؟ وسنبين عمق هذه المفارقة في الورقة التالية . لكن قبل ذلك أعتقد أن على المجلس الاعلى للتعليم أن يقوم بدوره في تتبع الشأن التعليمي ، وإطلاع الرأي العام بحقيقة المنظومة التعليمية ، وذلك بعيدا عن الخطاب الديماغوجي والسياسوي ، الذي يتلاعب أو يقامر بمستقبل البلد ، خصوصا في قضية جوهرية ومصيرية وترهن مآل المجتمع المغربي ، وهي المعضلة التعليمية . لابراز بعض من المفارقات التي روجت في الخطابات والاعلانات الاخيرة حول "تقدم البرنامج الاستعجالي " ، سنعتمد حصيلتين صدرتا عن الوزارة ، الاولى مؤرخة في 30 يونيو 2010 ، والثانية في 28 يوليوز 2011 . وعند المقارنة بين الحصيلتين ، تكتشف كيف كانت الاولى جد متفائلة حيث بلغت نسبة "النجاح "70c/o"، بينما الثانية اكتفت بتسجيل نسب متفرقة لكل مجال على حدة ، وتحدثت عن العوائق التي تعترض تنفيذ البرنامج الاستعجالي .في عرضنا لبعض المعطيات ، سنقوم بتقسيمها إلى أربعة مجالات ، وهي قطب التعميم والحكامة والموارد البشرية والقطب البيداغوجي . 1) قطب التعميم: نلاحظ ان الخطابات الوزارية تركز على نسب التسجيل في المستوى الابتدائي (6-11 ) وعند مقارنتها مع السنة الماضية ،ترجح الكفة وتعتبر الوزارة أنها حققت إنجازا معينا ، والحاصل أن التسجيل رغم أهيمته ليس مؤشرا كافيا على نجاح البرنامج الاستعجالي ؟ وبالمقابل يتم السكوت عن التعليم الأولي الذي يعرف تأخرا بينا ، حيث لاتتجاوز 60c/o في أحسن الاحوال ،بما يعني أن (مليون ونصف المليون من الاطفال المغاربة لا يستفيدون من هذا التعليم ) هذا مع تأكيدنا على نسبية هذا الرقم ، وتشكيكنا فيه ، وتبرز المفارقة إذا ما قمنا بالمقارنة بين الوسطين القروي والحضري ، حيث تتراجع هذه النسبة في الوسط القروي ، الشيء الذي يكشف عدم مصداقية الحديث عن مبدأ تكافؤ الفرص بين هذين الوسطين .هذا دون الحديث عن محتوى هذا التعليم الاولي وعن الفوضى العارمة التي يشهدها ، إذ حسب دراسة علمية أنجزها خبراء في ميدان التربية ، توصلوا إلى نتائج جد مذهلة ،حيث كثرة المناهج وغلبة الطابع التجاري عليها وعدم ملاءمتها لسن الاطفال وضعفها، وفي أغلب الاحيان يتم استلهام النماذج الفرنسية أو الاوروبية وتلقينها للناشئة، في غياب كلي لمراقبة من طرف الوزارة الوصية ، هذا ناهيك عن أن التأخر في تعميم هذا التعليم ، يكبد الدولة خسارة مالية قدرت ب 17 مليار سنتيم في موسمي 2001/2002 كقيمة اقتصادية ، نظرا للهدر المدرسي الذي يلحق السلك الابتدائي ، لأن الأطفال الملتحقين به لم يستفيدوا من برامج التعليم الأولي ، مما خلق لهم عوائق دراسية حالت دون إكمالهم هذا المسار الدراسي.(انظر واقع التعليم الأولي بالمغرب ، ضمن مجلة البحث العلمي ، منشورات المعهد الجامعي للبحث العلمي ، رقم 51 ، يناير : 2009) . ولعلنا نتساءل ماذا كانت تعمل الوزارة طيلة السنوات الثلاثة الماضية من عمر البرنامج الاستعجالي إذا لم تستعجل هذه العينة الحساسة في البنية التربوية ككل ؟ من جهة أخرى ، يشكل الحديث عن ارتفاع نسبة التمدرس في التعليم الابتدائي (97c/o) خلال الموسم السابق ، تخفيا وراء نسب التكرار التي لا زالت مرتفعة (ما بين 9c/oو12 ) ونسبة الهدر (3c/o ) وتبقى هي الاخرى مرتفعة ولا تتماشى مع الاهداف المعلنة . ولعل في التدني التعليمي لهذا المستوى وضعف المردودية وكثرة التجارب واختلافها واختلاطها ( على سبيل المثال التطبيق المشوه لبيداغوجيا الادماج ، وعدم استيعابها من طرف المدرسين ما يفسر جزءا من هذه النتائج ) . أما التعليمين الاعدادي والتاهيلي ، فرغم الزيادة المضطردة لنسب التسجيل وكذا التأثير في نسب النجاح بطرق مقززة ومنذرة بالافلاس ( ما وقع هذه السنة الدراسية " 2011 " في امتحانات الباكالوريا حيث بلغت النسبة 58c/o، خير معبر عن النوايا الحقيقية لمدبري القطاع ، حيث طلب من المصححين في الامتحانات الاشهادية التساهل في التصحيح ؟) فإن واقع الحال لا زال بعيدا عن التعميم الكلي للمتمدرسين وتشكل القرية المتضرر من هذه السياسة بشكل كبير ، وقد يستحيل الوصول إلى الاهداف التربوية العالمية لسنة 2015 التي حددت من طرف منظمة اليونسكو . وتبقى نسب الهدر في المستوى الاعدادي جد مرتفعة (11c/o) وفي الوسط القروي أكثر وأفدح . ولاخذ صورة عن ذلك يمكن الرجوع إلى الدراسة الهامة التي أنجزها المجلس الاعلى حول تقويم التعلمات والمكتسبات عند المتعلمين (2009 ) . وبجانب هذه المؤشرات يمكن الوقوف عند معطيات أخرى كمية ، كالتي ترتبط بتأهيل المؤسسات التعليمية ومدى توفرها على الضروريات الاساسية ( الكهرباء ، الماء ، الصرف الصحي ...) دون الحديث عن التزويد بشبكة الانترنيت والحواسيب ، فتلك مصيبة أخرى . فمثلا يتم تغليط الرأي العام بأن الوزارة بذلت مجهودا استثنائيا ، إذ بلغ عدد المؤسسات التعليمية التي ارتبطت بشبكتي الماء والكهرباء (2730/2480 ) دون الحديث عن النسبة العامة من مجموع المدارس ، والحاصل أن هذه النسبة لا تتجاوز (52c/o) ويمثل الابتدائي نسبة ضعيفة . أما عن التأخر الناتج عن بناء مؤسسات جديدة ، فإن ما يفوق 300 مؤسسة وقع التأخر فيها بسبب عدم تفويت صلاحيات ذلك إلى الاكاديميات ، ونحن نتساءل لماذا هذه التمركز في زمن اللاتركيز ؟ أم أن هناك أمورا أخرى لم يكشف عنها التقرير والتي لا يمكن الكشف عنها لانها تدخل في بنية الفساد المركبة التي تتميز بها العقلية المخزنية العتيقة ؟ فأين نحن من الحكامة الجيدة ، وما مصير الملايير من الدراهم التي تنفق من جيوب المواطنين على هذا القطاع ، إذ لم تظهر في أرض الواقع ، خصوصا ونحن نعلم ان كل تأخر في إنفاذ البرامج المتعاقد بشأنها ، يحرم العديد من أطفال وتلاميذ المغرب العميق، إما بالدراسة في ظروف غير مريحة وفيها اكتظاظ ، أو بحرمانهم من التعليم بشكل كلي .فأين هي مدرسة النجاج ؟ 2) القطب البيداغوجي : لا شكل أن هذا الملف يحبل بالعديد من الارقام والمعطيات والاحصائيات التي ، لا تمل الوزارة الوصية من تكرارها ، ونجد من بينها إرساء بيداغوجيا الادماج ، حيث "تعزز القطب البيداغوجي بمنجزات همت الإرساء الفعلي لبيداغوجيا الإدماج بالسلك الابتدائي،وتجريب إرسائها بالإعدادي،وتعزيز تدريس العلوم والتكنولوجيا،وتحسين نظام التقويم والإشهاد،فضلاعن إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال التربوي في إطار برنامج "جيني" إذ تم ربط 3200 مؤسسة بشبكة الأنترنيت (1151 بالمدراس الابتدائية)،وتجهيز 7000 مؤسسة بحقائب متعددة الوسائط،وتكوين 144 ألفا من الأطر التعليمية والتربوية في مجال التكنولوجيات الحديثة." (تصريح لكاتبة الدولة في ندوة نظمت في اليومين الاخيرين ) . ونحن نبارك للوزارة هذا الانجاز ، نتساءل ما هي حصيلة بيداغوجيا الادماج في المدرسة العمومية ، بعد أن أنفقت عليها الملايير من الدراهم ؟ بدون مجازفة ، يمكن القول أن موضوع بيداغوجيا الادماج ، تم التعامل معه بمنطق تبرير صرف الاموال ، دون السؤال عن المآل والحال ، لقد شهدت عملية تنزيلها في المدرسة الابتدائية ارتجالا كبيرا وخبط عشواء . ونقصد مسألة ملاءمة المنهاج مع هذه المقاربة ، ويمكن الرجوع إلى كتابات في هذا الشأن تبين التخبط الذي عاشته المدرسة الابتدائية ، عند طبع الكراسات .هذا دون الحديث عن الايام التكوينية الهزيلة التي لم تكن سوى أيام عطل مؤدى عنها ، وحتى لا تتهمنا الوزارة بالتجني ، فقد سهرنا شخصيا على نتائج بعض الابحاث التي قام بها طلبة مدارس المعلمين وهي تبين أن المدرسين لم يستوعبوا هذه البيداغوجيا والسبب أن المكونين أنفسهم لم يتعاملوا بالشكل المطلوب مع هذه البيداغوجيا . أما الحديث عن برنامج "جيني " فهو برنامج لم يبلغ أهدافه التي رسمت له ، نظرا لطرق تدبيره ، والتي اتسمت بالارتجالية ، ولهذا فإن المطلوب من الوزارة توضيح نسبة المدارس والاعداديات والثانويات التي استفادت من هذا البرنامج ، وليس إعطاء عدد معين ( فمثلا ربط 3200 مدرسة بالانترنيت ، لا يعني شيئا ، إذا لم يكن بالنسب ، لانه لا توجد في المغرب فقط 3200 مدرسة ؟) وفضلا عن ذلك فالاهم في هذه المسألة ليست الاداة ولكن الهدف ، ونقصد بذلك مدى تحقق الجودة في تعليمنا ، وهل انتقلنا من الدرس العمودي والممل إلى الدرس التفاعلي والجذاب ؟ وبجانب هذه الملاحظات فالحصيلة الاخيرة التي توصلت إليها الوزارة ، تؤكد "أن الاشكالية المطروحة بالادماج الفعلي لكل الامكانات التقنية والرقيمة في العمليات التعليمية ، تقتضي : استراتيجية واضحة ومنهجية تنفيذها في الميدان ، ومسارات ومساطر تؤطر الجوانب العملية ، وبرمجة واضحة تتلاءم مع البرمجة المرتبطة بالتجهيز والربط واقتناء الموارد الرقمية "(انظر تقرير حصيلة البرنامج الاستعجالي 29 يوليوز 2011 ، غير منشورة) . إن هذا التشخيص كاف لكي لا يجعل لاحد فرصة للتمويه على الحقائق الساطعة في فشل برنامج المدرسة الرقمية . بقي أن نشير في هذا المجال ( البيداغوجي ) إلى مسألة إعادة النظر في المناهج التعليمية ، وهل تم اتخاذ الاجراءات الضرورية لاطلاق هذا الورش أم أنه يعرف نفس مصير ورش لغات التدريس بالمدرسة المغربية ، إذ المطلع على الحصيلة الاستعجالية ، يلحظ ضعف التقدم في هذا المجال ، حيث بلغت النسبة 30c/o فيما يخص تكوين فرق إعادة بناء المناهج ،وانجاز تقارير تقويم المنهاج الحالي للتعلم بكافة المستويات . وغني عن الذكر ان من بين الاعطاب البنيوية للمدرسة المغربية ، تخلف هذه المناهج وواعتمادها على المعلومات أكثر من المهارات والطرق ، هذا بالاضافة إلى إشكالية الملاءمة مع الواقع السوسيوتعليمي ، وكذا توحيد هذه المناهج بين المدرسة العمومية والخصوصية، ( إلى متى سيستمر هذا التمايز بين المدرستين وأين هي مراقبة الوزارة لبرامج ومناهج التعليم الخصوصي ). وأخيرا تشكل المسألة اللغوية الجانب الاسود في المنظومة التعليمية ، فلازال واضعوا البرنامج الاستعجالي ، يتحدثون بلغة "سنعمل ، وسندرس ، وسننجز " وهي كلمات سئمنا من سماعها ، ولهذا لم يدرج التقرير / الحصيلة الاخيرة أي نسبة في التقدم في هذه المسألة ، بل اعتبر أن "وضع والتصور والاطار المنهجي قصد التنسيق بين محاورالتصميم المديري للغات واهداف النتائج المسطرة للدراسة المزمع إطلاقها قريبا " (حصيلة البرنامج الاستعجالي ، مرجع سابق ) بمعنى آخر فإن التدبير اللغوي بالمدرسة المغربية بقي معلقا بين الوزارة والمجلس الاعلى للتعليم ، دون التقدم فيه بنتائج ملموسة ، ونحن نعلم أن هناك إرادة سياسية للنخبة المتحكمة في الاوضاع "السلطوية " تستفيد من هذه المفارقات التي تجعل التلاميذ والمتعلمين في وضعية ازدواجية لغوية غير متماسكة ، لا هي تعطي قيمة للغة العربية ولا لتطوير اللغات الحية بالمدرسة المغربية ، مما يسمح لهذه النخبة بإعادة نفس الاوضاع ، وقد شرح الباحث في الجامعة اللبنانية (د.جاك قبانجي) المسألة عندما قال في مقال متميز له أن "ازدياد الحراك عبر الجامعات الوطنية قد يواجه مع ذلك حدودا ، ففي أرجح الاحتمالات ، سيستمر الاشخاص الحائزون درجات علمية من الخارج في الحصول على أفضل حظوظ الاستخدام ضمن أقسام التكنوقراطية من النخبة السياسية . كما أن النخبة المتمكنة ستستمر في إرسال أبنائها وبناتها إلى الجامعات في الخارج ، أو تلك العاملة وفق المناهج الغربية داخل بلادها ، لان ذلك هو وسيلة لاعادة إنتاج نفسها ""( مجلة إضافات ، عدد 14 ، سنة 2011 ) . 3) قطب "الموارد" البشرية : لعل من بين القضايا ذات الاولوية ، هو تاهيل العنصر البشري ، لان سر نجاح أي خطة أر برنامج أو قضية يتوقف عند مسالة مدى الاهتمام بالعنصر البشري ، ويقصد به المدرسون والمفتشون والاطر الادارية والتوجيه والتخطيط وأساتذة الجامعات والباحثون إلخ ، ولا نبالغ إذا جازفنا بالقول ان من أضعف الحلقات في البرنامج الاستعجالي ، هو الاهتمام بمن ستقوم عليه عملية الاصلاح . وقد تجلى ذلك في سلسلة من القرارات الارتجالية التي كانت تقرر في حق الاطر البشرية ، وذلك بدون أي تعبئة جماعية أو تحسيس أو توعية أوحتى تكوين مطابق ، وللاشارة فالتكوين ليس آلية بسيطة ، كما يتصور حيث يلقن الاساتذة بعضا من الدروس وتنتهي العملية ، بل هو في تقديرنا روح تسري في الجسم وتوجهات ورؤى وقيم ومبادئ تتفاعل معها الذات في بيئة مناسبة . ومن بينها البيئة التي تحترم الانسان / المدرس وتضعه في مرتبته في المجتمع . وقد نحتاج للتوضيح ،فنقول كيف يمكن للمدرس أو الاستاذ الجامعي أو الاداري أن يحس بقيمته وهو يرى في وطنه أن مكونات الجهاز الامني تتقاضى أحسن منه أجرة ، وكأن صانعي القرار يقولون إن أهم أمرعندنا هو الامن وليس التعليم ؟ والمسالة ليست تفاضلية بل هي رمزية . ولهذا وقعت انتكاسة للاطر البشرية جراء هذا التمييز واللامساواة . من جهة أخرى عندما نتحدث عن "الموارد" ونحن نضعها بين مزودجتين لانها ليست مادية فحسب . نستحضر ما وقع في هذه السنوات الاخيرة ، من توظيفات مباشرة لمجموعة من الطلبة الخريجين من الجامعات المغربية ، وقد وقع هذا الامر بدون خطة مسبقة ولا رؤية مندمجة ولا استراتيجية محكمة ، إذ أن ضغوطات المخزن وأجنداته اقتضت أن تحل المشكلة الامنية والاجتماعية على حساب جودة التعليم . بدون أي تكوين أو تأهيل مسبق لهذه الاطر ، مما جعل الامر يتطور لمجموعة من المطالب التي لم تتوقف ولن تتوقف لا خلال السنة الماضية ، حيث ارتفعت وثيرة الاضرابات غير المسبوقة في القطاع ، مما كاد ينهي السنة بنتيجة بيضاء . ولهذا نتساءل أين دمج المسالك الجامعية بمراكز التكوين في التخصصات التربوية ؟ وما هي النتائج المتحققة في هذا المجال ؟ وأين نحن من المدرس الفعال ؟ وماهي الشروط المصاحبة التي أنجزتها الوزارة لاعداد هذه النوعية من الاطر البشرية ؟ أنها أسئلة نعتقد أن الوزارة لا تتوفر على أجوبة بشأنها . لانها غير واردة في صلب اهتماماتها . 4) قطب الحكامة : لعل من بين المفارقات التي تسم المنظومة التربوية المغربية ، هو ارتفاع حجم الانفاق العام من ميزانية الدولة على هذا القطاع ، حيث بلغت %26 من الميزانية العامة سنة 2008( Africa Education Watch en Partenariat AVEC Transparency International) بالمقابل نجد ان النتائج ، أو المخرجات التي يحصل على يحققها النظام التعليمي جد متواضعة إن لم نقل أن كارثية ، وتزداد تظهروا سنة بعد اخرى(أجري في هذه السنة اختبرات دولية "TIMSS » ." و " PIRLS" ) وقد كانت النتائج جد ضعيفة ، بشهادة الحصيلة الاخيرة للبرنامج الاستعجالي . وقد كشف تقرير دولي صادر عن منظمة اليونيسكو ( 2010) مؤخرا ، عن نتائج محتشمة خاصة ببعض المؤشرات التربوية ببلادنا ، حيث ضعف التحاق الطلاب بالتعليم العالي ، إذ احتل الرتبة ما قبل الأخيرة ب 12 ,3%، في حين سجل التقرير تقدم كلا من لبنان وفلسطين والاردن . وسجل نفس التقرير نسبا متواضعة فيما يخص مؤشر الانتاج العلمي ما بين 2000 2008 باصدار فقط 688 بحثا .ومن المفارقات التي سجلها التقرير هو أن المغرب يحتل نسبا متقدمة من حيث الانفاق العام على التعليم ، إذ يعتبر الثاني عربيا بعد الامارات العربية المتحدة .و لتقديم صورة عن حجم المبالغ المرصودة للقطاع التعليمي بالمغرب ، نجد أنها قد تطورت بنسبة 6 ,7 % مقارنة مع سنة, 2009 حيث وصلت إلى 48 مليار درهم ، منها 39 مليار للتعليم المدرسي وأزيد من 8 مليار للتعليم العالي ، حسب ميزانية 2011 . إن هذه المعطيات الرقمية والاحصائية ، تؤكد أن مدبري قطاع التربية والتكوين بشكل خاص ، ومن ورائهم الحكومة ، سواء منها الرسمية أو الحكومة الخفية ، لا تملك لا فعالية ولا نجاعة ولا انجاز يذكر ، وهذا ما يفسر ضعف وهشاشة الحكامة في القطاع التربوي والحكومي بشكل عام . ختاما نعتقد أن المغرب سيدخل مرحلة جد دقيقة في تدبير المنظومة التربوية بكل ما تحمله من إكراهات وتحديات ، وقد لا نفاجئ بإعلان خطة جديدة إصلاحية ، لاصلاح الاصلاح ، وهذا ما سيدخلنا في دوامة لا نعلم كيفية الخروج منها . لان كل سنة يقع فيها تراجع أو تراخ ما إلا ويؤثر سلبا على مستقبل البلد ككل . فهل يعتبر المدخل الديموقراطي بما يعنيه ذلك من التفكير في مشروع مجتمعي و انتخابات نزيهة وشفافة وحكومة قوية ومنسجمة ووطنية وشعبية ،مدخلا مناسبا لإخراج هذه المنظومة من توعكاتها وأعطابها ، أم أن الامر يقتضي بالاضافة لذلك ثورة فكرية ومعرفية وثقافية ودينية شاملة ، تقوم بخلخلة البينة الداخلية للمواطن المغربي من أجل تأهيله لهذا التحدي ؟ نشر بجريدة التجديد ، الاثنين 19 شتنبر 2011 .