سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محمود أمزال أحد الخطاطين السبعة الذين كتبوا المصحف الحسني المسبع ل "التجديد": الفقهاء المغاربة كانوا شغوفين بإتمام كتاب الله تخطيطا، ليقدمونه هدية إلى بيت الله الحرام أو المسجد النبوي الشريف
❍ انطلاقا من تجربتك، هل كتابة المصحف ميسرة لأي خطاط ؟ لا أظن أن كتابة المصحف ستتعذر على أي خطاط ما توفرت له الإرادة للقيام بهذا العمل النبيل، وما اتسم بالتقوى والورع واستشعار جسامة ما هو مقبل عليه، وما له من ثواب عليه مما لا يعلم ذلك إلا الله. فالفقهاء المغاربة، كانوا شغوفين بإتمام كتاب الله تخطيطا، وكانوا يعتمرون أو يحجون بيت الله الحرام، فيحملون معهم مصحفهم المخطوط، ويقدمونه هدية إلى بيت الله الحرام أو المسجد النبوي الشريف، رجاء للثواب الجليل والأجر العظيم. ❍ ما هي المواصفات المطلوبة للخطاط الذي يخط المصحف الشريف؟ بما أننا قلنا كلمة الخطاط، فالمعنى أن خطه جميل، فلم يعد ينقصه إلا أن يكون على دراية بالرسم ومواقع المد من الحروف التي يوضع عليها، وضوابط الشكل على العموم، مع التمتع بدقة الملاحظة لنقل الرسم كما هو عليه من المصحف الذي يأخذ منه. ❍ ما هي أهم الأعمال التي قدمتها حتى الآن في عالم الخط؟ أهمها هذا الجزء من المصحف الكريم، إذ ليس أعظم من كتابة كلام الله المنزل، ثم ما كان قبل ذلك كان عبارة عن أعمال فنية كثيرة من تخطيط لشعارات مؤتمرات وندوات ومحاضرات وإنجاز للوحات خطية عديدة، ورسائل نسخية وغيرها من الكتابات على الخشب وعلى الثوب وعلى الورق، وكانت أغلبها بالخطوط الشرقية، كخط النسخ والثلث والديواني... ولعل ما أفادني كثيرا في الاهتمام بالخط المغربي، بعدما حثني والدي رحمه الله على إعطاء هذا الخط ما يستحقه من العناية، كان تعاملي مع وزارتي الثقافة، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، اللتين كانتا تطلب مني بعض الأعمال كالملصقات واللافتات وخصوصا منها تلك التي تحمل آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة بالخط المغربي بأنواعه، المبسوط و المجوهر والأندلسي أو المشرقي ، فتمرست به وعملت على إجادته قدر المستطاع مقثفيا آثار والدي رحمه، ومقلدا خطوط الأستاذ محمد المعلمين الذي يعد أحد الشيوخ المبرزين في مجال الخط المغربي، وللإشارة فهو الذي شرفه الله بأن كتب له تخطيط المصحف المحمدي هذه السنة، والذي قامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بطبعه وإخراجه بأمر من الملك محمد السادس نصره الله. ❍ هل يمكن للحاسوب أن يشكل تهديدا حقيقيا للخطاط؟ ليس بإمكان الحواسيب، وإن بدت أشد دقة وأسرع تنفيذا، من منافسة الخط أو تهديده، بل ولا حتى كل الفنون اليدوية الأخرى والأشغال التقليدية، إذ إن الحرف المخطوط باليد له روح تحركه وتجليه داخل المنظومة الكتابية، كأنه كائن متحرك ولا يحتفظ بشكل واحد يجعل منه صنما متحجرا في قالب، كما هو الشأن بالنسبة للحروف التي سينجزها الحاسوب. ففي اختلاف الحروف المرسلة على حسب الفضاء المكتوب عليه، وتجمعها عند ضيق المكان يمنحها حياة وينفخ فيها حركية جمالية تكسب العين استحسان ورونقا. وما يدل على ذلك هو الطلب المتزايد للخط اليدوي، وإن كانت الحواسيب متوفرة وفي المتناول مزودة بالعديد من أنواع الخطوط. هذا الكتاب هو في حقيقته تقرير استخباري، وإن كان اتخذ شكل كتاب تم نشره للعموم، بحيث صدر في سنة 1925 عن دار النشر "بوسارد" في باريس.مؤلفه لم ينشر إسمه، واكتفى بإسناد الكتاب إلى "إفريقي" (un africain)ومعلوم أن الدوائر الاستعمارية كانت تتعامل مع باحثين اجتماعيين وأنتروبولوجيين، ترسلهم ليعيشوا وسط الشعوب المراد استعمارها، ليقدموا لها تقارير عن تلك الشعوب تفيدها في التحكم فيها والسيطرة عليها، مؤلف هذا الكتاب التقرير، يؤكد في مقدمة كتابه أنه عاش في إفريقيا الشمالية، خصوصا في المغرب والجزائر عشر سنوات قبل أن يكتب كتابه. فضلت ترجمة العنوان (Manuel de politique musulmane) إلى "دليل سياسة المسلمين" عوض دليل "السياسة الإسلامية"؛ لأن الأمر هنا يتعلق بالتحكم في المسلمين، قبل التحكم في بلادهم، حتى يتسنى تجريدهم مما ظل على مدى قرون درعهم الواقي الذي استعصى على الغزو.الجاسوس الذي ألف الكتاب كان يعرف كما نصح قادة بلاده، بأن الرابطة الدينية هي أقوى لدى المسلمين من أن يمكن سلخهم عنها، ولكن في الإمكان تسريب قيم لا إسلامية على أنها من الإسلام على يد "مسلمين" يتم إعدادهم لهذه المهمة، خلال الفترة الاستعمارية وتسليم البلاد لهم عند الخروج منها. ومن ذلك التهليل الذي لا زال مستمرا لإسلام آخر بدون شرائع ولا شعائر، إسلام بدون نصوص كما يحلو للبعض أن يسميه، ولهذا طبلوا في بداية الاستعمار، ولا يزالون يطبلون ل"القاديانية"التي ادعى مؤسسها أنه يتلقى تعليماته من الله مباشرة، على أنها هي الإسلام المقابل ل"الإسلام المتطرف"، ولكنهم يتحاشون تسميتها باسمها؛ فهي عندهم "إسلام عصري وحداثي ومعتدل ومتسامح" هو وحده المقبول. ويبدو أنهم بعد أن فشلوا في مسعاهم عندما كانوا يحكموننا بالحديد والنار، قد نجحوا في ذلك بعد أن أصبحوا يحكموننا بالثقافة والإعلام والفن، الذي يدعمونه بالمال والدعاية. ذكر الدكتور المهدي المنجرة في مقدمة كتابه "تصفية الاستعمار الثقافي، تحدي القرن الواحد والعشرين"، قصة شيخ مغربي تقدم إلى مكتب القائم العام الفرنسي، وقال له:«الآن يمكنكم ياسيدي أن تغادروا بلادنا مع الاحتفاظ بكل ما جئتم من أجله، فقد أوجدتم لنا فرنسيين من بني جلدتنا، يستطيعون خدمة أهدافكم الاستعمارية بدون أن تظهروا أنتم في الواجهة».