هيمن موضوع العدوان الأنجلوأمريكي في العراق على جل التدخلات التي تمت خلال الجلسة الافتتاحية من اجتماع الاتحاد العام للصحافيين العرب المنعقد بالرباط أيام 10 و11 و12 أبريل الجاري. إذ أجمع المتدخلون على أن لقاء الاتحاد يأتي في ظل أعصب الظروف التي تشهدها الأمة العربية، والتي تطرح على الصحافيين العرب جميعا تحديات جمة، تخرج من دائرة الإحباط المخيم على المرحلة وتوحد الجهود لمواجهة عدو واحد تتزعمه الولاياتالمتحدةالأمريكية. مثلما أكدت تدخلات أخرى، في الجلسة نفسها، على أن قضية العراق لا يجب أن تنسينا قضية فلسطين الكبرى، مشيرة إلى أن بين العرب ومن وصفوا ب"الأشرار" معارك وسجال طويل، وفق ما تحدث به ملحم كرم، نائب رئيس الاتحاد العام للصحافيين العرب. ومن المنتظر، حسب ما صرح به ل"التجديد" السوري صابر فلحوط، نائب رئيس الاتحاد العام للصحافيين العرب، أن يدعو الاتحاد في اجتماعه إلى محاكمة قادة العدوان الأمريكي البريطاني الذين اعتدوا على الصحافيين وعلى الشعب العراقي الشقيق، كما سيواصل فضح زيف هذه المؤامرة الكبرى على المنطقة، وسيدعو الجماهير العربية الكبرى إلى اليقظة وعدم الاستسلام لما يطلقه العدو من شعارات براقة حول الديمقراطية والحرية، مع التأكيد على أن أمريكا هي "إسرائيل" و"إسرائيل" هي أمريكا. من جانبه، أكد إبراهيم نافع، رئيس الاتحاد العام للصحافيين العرب، أن "الحرب الخطيرة على العراق ستكون أشد قسوة على الجميع بعد انتهائها". من ثم، فعلى العرب جميعا والصحافيين خاصة، يقول نافع في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع الاتحاد، أن لا يواجهوا تحديات المرحلة المقبلة بالشعارات والاندفاعات أوالانجرار إلى معارك جانبية، بل يجب، في رأيه، التأسيس لحوار هادئ وتحليل موضوعي لما حدث في العراق، وما سيحدث، بشكل يشخص الواقع ويخلص إلى حلول في حدود الإمكانات المتاحة. وأشار نافع، الذي يشغل في الآن ذاته رئيس جريدة "الأهرام" المصرية، إلى أن اجتماع الاتحاد بالرباط يعد من أخطر الاجتماعات التي عقدها، مضيفا أن "الانهيارات المتتالية بالعراق، والتي أذهلت الجميع تثير فينا الحزن مثلما تثير الغضب من عدوان تعددت دوافعه ورفضناه منذ البداية، لأنه مسلك همجي لا يستهدف العراق وحدها وإنما البلدان العربية كافة". وقال نافع إن الاتحاد سجل مواقف واضحة من العدوان على العراق، إذ رفض الحرب الأنجلوأمريكية "الظالمة"، طالما لم تكن حتمية ولا شرعية وأسبابها كلها واهية، بدءا بالحجة الباطلة في نزع أسلحة الدمار الشامل أو الحجة الساقطة أيضا في الإطاحة بالنظام في العراق، متناسية هذه القوات الغازية، يتابع نافع، أن "إسقاط النظام من صميم الشعوب المعنية". كما أن العدوان كشف، في رأي رئيس الاتحاد العام للصحافيين العرب، عن ازدواجية المعايير في سياسة الأمريكيين بشكل مفضوح، إذ في وقت تريد فيه أمريكا نزع أسلحة العراق المدمرة تترك إسرائيل تملك هذا النوع من الأسلحة لبسط قوتها في المنطقة. أما يونس مجاهد، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، فأوضح أن ما يقع حاليا في العراق هو إعادة لمشهد الاحتلال كما وقع بداية القرن الماضي، لكن الفرق، يضيف مجاهد، يكمن في أن ما وقع للعراق تابعه الجميع بالصوت والصورة، والتي كثيرا ما كانت ملفقة ومضخمة. وأكد الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة أن الصحافيين العرب مطالبين بتنظيم أنفسهم وتوحيد جهودهم من أجل خلق صحافة حرة ومستقلة كفيلة بمواجهات التحديات التي تطرحها المرحلة الراهنة على الأمة العربية. إلى ذلك، شدد نبيل بن عبد الله، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، على ضرورة التفكير في "إنشاء مركز لحماية الصحافيين"، بعد الذي شهدته بغداد من قتل للصحافيين خلال العدوان على العراق. وتابع الوزير شارحا أن "المنطقة العربية تغلي الآن كما لو كانت على فوهة بركان والصوت العربي يكاد يختنق خلف أسوار الحصار الإعلامي الغربي الذي يفرض، في رأيه، منطق القوة بدل قوة المنطق". وأمام هذا الوضع يجب على القلم العربي، يقول بن عبد الله، اختراق هذا الجدار ومواجهة التحديات وأبرزها "إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل في فلسطين". مثلما أنه مطلوب من الصحافيين العرب، وفق قول الوزير، أن يكونوا في مستوى إعلام له ذاكرة تفيض حيوية وتستفيد من أخطاء الماضي. وسيشهد اجتماع الاتحاد العام للصحافيين العرب بالرباط، الذي تم باستضافة من النقابة الوطنية للصحافة المغربية ويواصل أشغاله على مدى ثلاثة أيام، لقاء ولأول مرة بفيدرالية الصحافيين الدولية لبحث ما تعرض إليه الصحافيون أثناء تغطيتهم للعدوان على العراق قبل أيام. ويشار في هذا الصدد إلى أن رئيس هذه الفيدرالية كان ندد بقتل الصحافيين في بغداد من طرف القوات الغازية واعتبر ذلك "جريمة حرب" يجب أن يتابع فيها المسؤولون عنها. وعرفت الحرب العدوانية على العراق أكبر حصيلة من القتلى في صفوف الصحافيين على مر الحروب المعاصرة وصل عددهم إلى إحدى عشر صحافيا، بينهم الشهيد طارق أيوب مراسل قناة "الجزيرة" العربية. يونس البضيوي