بحثت أمينة الإبراهيمي كثيرا عن مكان من أجل حفظ القرآن، حتى قدر الله سبحانه وتعالى أن تفتح مدرسة التوحيد القرآنية بسلا أبوابها، فبدأت الحفظ في قسم النساء، وذلك بمساعدة الشيخ المكدوري، الذي يعمل بتفان من أجل أن تحفظ الفتيات والنساء القرآن مع إتقان عملية التجويد. كثيرة هي التغييرات التي طرأت على أمينة، المزدادة سنة 1977، بعد ختمها للقرآن، حيث باتت تلاحظ انضباط في حياتها اليومية، ولم يعد لديها فراغ، حتى المشاكل لم يعد لها وقع عليها، على اعتبار أنه أصبح لديها أولوية وهي العيش مع وبالقرآن. فالحافظ لكتاب الله يرى بنور الله، وعندما يقع أمامه طارئ، يستحضر آية تنير له الطريق. تحمد أمينة الله كثيرا على هذه النعمة الكبيرة، والتي لا يعرف قيمتها إلا الشخص الذي جربها. إنها حلاوة القرآن، والعيش في حضن آيات الله. في الحقيقة جميع آيات القران تأثر في قلب أمينة، لكن هناك آية كريمة تمثل لها الكثير من المعاني والدلالات: }قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{. حين يسمع المرء هذه الآية أو يقرأها ويتذكر سلسلة الذنوب والمعاصي، يحس بأن الله سبحانه وتعالى قريب منه ويمكن أن يغفر له ويحشره في زمرة الصالحين. تتكلم أمينة وكلها ثقة في النفس، وكيف لا وهي تحمل في قلبها ما أنزل على محمد صل الله عليه وسلم، وتراجع ما حفظته في دار القرآن، التي لها فضل كبير لدى العديد من الفتيات. وترى أمينة أن الفتيات غير المنشغلات بكتاب الله، محرومات من نعمة عظيمة، ومحرومات من باب يمكن أن يقربهن إلى رحمة الله تعالى وإلى الجنة. وتعتبر أمينة أن حفظة القرآن يشفعون للكثير من أقربائهم وأن آباءهم يلبسون تاجا من الجنة ويكونون معروفين فيها. إنها نعمة ما بعدها نعمة، وهو ما يستدعي الإقبال عليها، فالأخوات التي لا تحفظن القرآن، بعيدات في أحد جوانب الإقبال على الله. صحيح أن هناك العديد من الطاعات، لكن القرآن هو كلام الله ويحس المرء أنه موجه إليه، وهو بمثابة شرف كبير للحافظين، وتتمنى أمينة أن تقبل الفتيات على القرآن لأنه سيسهل العديد من الأمور في حياتهن. وسيجعل الحياة سهلة، وستصبح نفسيتهم مرتاحة، فحفظ القرآن يجعل الفرد يتواصل مع الله تعالى بكلامه. استغرقت عملية الحفظ 6 سنوات مع أخذ بعين الاعتبار إتقان القواعد، فما هو برنامجها؟ تقول أمينة الحاصلة على الإجازة، أن هناك أوقات مخصصة للحفظ وأوقات أخرى مخصصة للبيت، فضلا عن وضع برنامج معين للحفظ تحت إشراف أحد الشيوخ أو الحافظات أو أحد أفراد الأسرة، من أجل المساعدة سواء في عملية الحفظ أو المراجعة أو الاستظهار أو التفسير. وتكمن الصعوبة في الحفظ الفردي، وإن نجح العديد من الأفراد في ذلك، أما بالنسبة لأمينة فإن الأمر يقتضي مساعدة أحد الأفراد، وعندما تحفظ مع أحد الأخوات تسهل عملية المراجعة، ويكون هناك تحفيز بالإضافة إلى الاستمرارية في الحفظ. وتقول أمينة :»من الأشياء التي تعين في الحفظ، نحاول أن نجعل القرآن جزء من الحياة، وليس الانتظار حتى يكون هناك وقت فراغ، لأن القرآن منهاج حياة، فكيف نعيش الأيام في غياب منهاج الحياة». وتصر أمينة على ضرورة تخصيص وقت للقرآن، وكثيرا ما تحاول إقناع الأسرة بأن هذا المسار، يجلب السعادة والطمأنينة، ومهم في الحياة. يجب على الأسرة أن تعطي شيئا من الوقت إلى أبنائها من أجل الاستمرار في الحفظ والعطاء، فالعطاء ليس له أهمية في الحياة إذا لم يقترن بتلقين الناس وتعليمهم، ومن أجل أن يكون للحافظ لكتاب الله ثمرات، يجب أن يعلم الأفراد الخير الذي تعلمه.