اهتم المقرئ أحمد بنمهان بفن التجويد وتخصص في تعليم قواعده، وقد أصدر كتابا عنوانه التجويد الميسر يتناول فيه قواعد واحكام التجويد بشكل مبسط، وقد تفرغ أحمد بنمهان هذه السنة كما يقول في حواره مع التجديد لخدمة القرآن الكريم في مجال استكمال العدة البيداغوجية التي يحتاجها القارئ والاستاذ في مادة علم التجويد ولتيسير هذا العلم للصغار والكبار. وقد حاز برنامج المقرئ احمد بنمهان مصحف السادسة على جائزة أحسن برنامج إعلامي سلمها إليه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية خلال الاحتفال بليلة القرآن في رمضان الجاري، والبرنامج عبارة عن تسجيل للمصحف الشريف يتناوب على قراءته ثلاثين قارئا كل قارئ يقرأ حزبين. *** كيف بدأ اهتمامك بحفظ القرآن الكريم وتعلم فن التجويد؟ اهتمامي بالتجويد كان من الصغر فعلى عادة المغاربة دخلت كتاب الحي بمدينة سلا حيث ولدت وكان يديره فقيه يسمى الدكالي الذي علمنا القرآن وحفظنا على يديه الأحزاب الاخيرة من المصحف وتعلمنا القراءة والكتابة والحساب وكان ذلك جزءا من برنامج التعليم الأولي تمهيدا للالتحاق بالتعليم الابتدائي، وقد كنت في مراحل طفولتي مولعا بالمساجد، وكنت أواظب على قراءة الحزب فيها لا سيما يوم الجمعة، حيث أذهب مبكرا للمسجد وأقرأ القرآن الكريم، مما ولد لدي الارتباط به، وقد كنت أولي مادة التربية الإسلامية قسطا وافرا من اهتمامي خلال مراحل تعليمي لأن فيها القرآن الكريم. كما كان يطلب مني في دراستي في الإعدادي والثانوي أن أفتتح الأمسيات القرآنية وكنت دائما أجد سعادتي في تلبية هذه الطلبات. هل كان هناك تشجيع من الأسرة لدفعك إلى حفظ القرآن وتعلم قواعد تجويده؟ كان الحافز من الأسرة ولا سيما الأم المرحومة التي كان يسعدها أن أقرأ القرآن في البيت وتعبر لي عن رضاها كلما حفظت سورا جديدة، وكانت توصيني بأن أقرأ عليها القرآن عندما تموت، هذا الإحساس بأن قارئ القرآن محمود ومشكور من الناس ولا سيما من الوالدين ولد لدي دافعا نفسيا في سبيل تحقيق هذا الهدف. فالوالدين كانوا والحمد لله يحبون القرآن الكريم ولذلك فكل مجال أدخله لخدمة القرآن الكريم إلا ويلقى قبولا لا سيما من الأسرة، وخصوصا الوالدة التي كانت تفرح بي كثيرا. متى بدأ اهتمامك بعلم التجويد؟ اهتمامي بالتجويد كعلم لم يبدأ إلا بعد حصولي على الإجازة في القانون سنة 1993 وبالموازاة مع الدراسات العليا في القانون الخاص، ولجت دار القرآن عبد الحميد احساين رحمه الله، ودرست فيها لمدة ثلاث سنوات إلا أن تخرجت وفي نهاية السنة الثالثة استدعاني مدير دار القرآن آنذاك المرحوم أحمد الشرقاوي وأخبرني بأنه تم اختياري لأكون أستاذا في هذه الدار، فرحبت بالفكرة وكانت هذه انطلاقتي كأستاذ في دار القرآن عبدالحميد احساين، وبالموزاة مع التدريس في دار القرآن والدراسات العليا، كنت أدرس مادة علم التجويد في الكراسي العلمية لمسجد السنة وكان يؤطرها الاستاذ الكبير محمد الكنتاوي حفظه الله الذي أعطى عطاءات كثيرة في مجال خدمة القرآن الكريم. بعد ذلك انصب اهتمامي على تدريس مادة علم التجويد في مدرسة عبد الحميد احساين والحمد لله تخرج من هذه المدرسة كبار القراء وأعطت عطاء طيب في مجال علم التجويد والقراءات والعلوم الأخرى المرافقة لها. بعد ذلك درست مادة التربية الاسلامية في بعض المدارس الخاصة، وبعد سنوات طويلة من التدريس اصبحت مديرا تربويا لمؤسسات تعليمية في التعليم الأولي والابتدائي والثانوي في الرباط وتمارة. تقدم برامج في قناة محمد السادس للقرآن الكريم، كيف بدأت قصتك مع الإعلام؟ في السنوات الأخيرة شاركت مع مجموعة من الأساتذة على رأسهم أحمد بابا العلوي وحسن جعيط في برنامج التجويد الميسر وقد بدأناه بفقرة المصحف المعلم بعد ذلك استقر البرنامج وانفردت بإعداده وتم الزيادة في مدة بثه من ثمان دقائق إلى 26 دقيقة، كذلك عملت منسقا للجنة العلمية للبرامج القرآنية بقناة محمد السادس وكان دورها الأساس الإشراف على إنتاج مادة القرآن الكريم في قناة محمد السادس. ثم ولجت واجهة أخرى وهي التأليف بطلب من الطلبة وبعض الأساتذة، وقد وفقني الله لإصدار الكتاب الأول وأسميته على اسم البرنامج وهو التجويد الميسر وحاولنا أن نختصر في هذا الكتاب القواعد الضابطة لرواية ورش عن نافع من طريق الأزرق، والحمد لله أوشكت الطبعة الأولى على النفاذ ونحن بصدد إعداد الطبعة الثانية التي ستذيل بقرص مصاحب عبارة عن برنامج يتضمن كل الأصول الضابطة للرواية، وسيكون مصحوبا بتطبيقات صوتية، لأن هذا العلم فيه شقين الجانب النظري والجانب التطبيق العملي، هذا بالإضافة إلى مشاركتي في لجان التحكيم الوطنية والمحلية، وقد أشرفت أخيرا على التنسيق في أول مسابقة تنظمها إذاعة محمد السادسة بالصيغة المغربية. من من الشيوخ تأثرت بهم سواء داخل المغرب أو خارجه؟ بالنسبة للتكوين تأثرت بمشايخ مغاربة ولا سيما المرحوم محمد بربيش والأستاذ محمد الشرقاوي رحمه الله والأستاذ أحمد الغازي والأستاذ المقرئ محمد الكنتاوي، بالنسبة للمشارقة كنت أكثر من الاستماع للقارئ المرحوم محمود خليل الحصري وهو قارئ مميز وله إتقان منقطع النظير في تطبيق قواعد علم التجويد، وكذلك من القراء المميزين عالميا الذين أستمع إليهم الشيخ محمد صديق المنشاوي والقارئ مصطفى اسماعيل، كما أحب الاستماع إلى المرحوم عبد الحميد احساين وعبد الرحمن بنموسى. هل كانت لديك مشاركات في مسابقات داخل المغرب أو خارجه؟ كانت عندي مشاركات وطنية على مستوى تأطير مسابقات تنظمها جامعة محمد الخامس أو بعض الجمعيات، كقارئ وكحكم، أما على المستوى الدولي فلم تتح لي الفرصة بسبب الالتزامات المحلية كمدير مؤسسة، ورغم الفرص التي توفرت لي إلا أن الظروف كانت تمنعني من المشاركة، لكن ابتداء من السنة المقبلة سأتفرغ لهذا المجال، وقد أعددت برنامجا لاستكمال القراءات واستكمال العدة البيداغوجية التي يحتاجها القارئ والاستاذ في مادة علم التجويد. وأنا هنا أسعى للاشتغال على مجموعة من المعينات البيداغوجية مستحضرا تجربتي في مجال التربية والتكوين، حيث أحاول إسقاطها في خدمة كتاب الله حتى يتمكن أساتذة التربية الإسلامية في التعليم الإبتدائي والإعدادي أو في دور القرآن من الاستعانة بهذه الوسائل الديداكتية لتيسير هذا العلم. أخيرا نلاحظ إقبال الأطفال عى حفظ القرآن، كيف ترى هذا الاقبال وكيف يمكن للأسر استثماره؟ هذا الإقبال يمكن استثماره في جانب القيم خاصة وأن العالم الآن يعيش أزمة في القيم وأزمة خانقة في الوعي، وقد أدت التقنيات الجديدة في التواصل إلى اندثار الحدود والفواصل بين الشعوب، وبالتالي غلب منطق القوة وغلبة القوي على الضعيف، وأرى أن ارتباطنا بالله تعالى هو جزء من اعتزازنا بهويتنا وإسلامنا، فإذا ما تشبت الناشيء بكتاب الله تعالى وتشبع بالقرآن فإن ذلك سيجعله مواطنا صالحا يثمر ويعطي عطاءات لا حد لها في الجبهات الاقتصادية والسياسية والثقافية، ونحن علينا دائما أن نحفز الناس لأن يسعوا إلى جعل الأطفال يتعلمون القرآن ولكن الغاية ليس فقط امتلاك القرآن وحفظه، ولكن تنزيل مقتضياته، وأحث الوالدين لأن يسعوا إلى جعل أبنائهم يتشبتون بالقرآن الكريم ويرغبون في الوصول إلى هذا الهدف سواء حفظوا ما تيسر أو حفظوه كاملا فالغاية أن يتشبعوا باخلاق القرآن. انتقاد المساواة التماثلية السبب الثاني لاتساع انتقاد المساواة التماثلية والمقاربة الناتجة عنها هو أنها تحيل وظيفة الإنجاب والأمومة إلى تجارة للاستغلال تحت وهم الحرية الفردية، وتعبث بمستقبلها ومستقبل البشرية كلها. فانتقاص الأمومة والعمل المنزلي لم يؤد إلا إلى ازدهار تجارة الإنجاب، وهو الأمر الذي ساعد عليه التطور المذهل لتقنيات الإنجاب. وذلك مثل اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي ولو بعد موت الطرف الآخر، والتبرع بالحيوانات المنوية أو البويضات أو الأجنة أو الاستعانة ببنوكها، انتهاء بجعل الجينات أداة للتجريب ومادة للحصول على خلايا أو استنبات أعضاء بشرية وغيرها من الممارسات التي تشكل خطرا على الإنجاب وعلى بيئته الاجتماعية، وبالتالي على الجنس البشري. وهو شبيه بالمخاطر التي سببها الاستعمال المفرط للكيماويات والملوثات والمواد المعدلة جينيا على الصحة والبيئة. والأخطر في كل ذلك هو تحويل الكائن البشري إلى سلعة وحقل للإنتاج الصناعي لأهداف اقتصادية ومادية. إننا هنا أمام عمليات استغلال للإنجاب، وتشويه للإنجاب ولعلاقات النسب ولمجمل الارتباطات الاجتماعية والعلاقات بين الجنسين ذات العلاقة بهما. وممن ركز على هذا البعد وفصل فيه الباحثة الكندية لويز فانديلاك جُِّىَّم ضفَلمٌفك التي تعتبر أن تلك التطورات تحمل مخاطر ليس فقط على الإنجاب وعلى المواليد الجدد، بل على مستقبل الإنسانية كلها . فهي تؤكد على أنه إذا كنا نناضل من أجل إنقاذ الأرض من مخاطر اختلال التوازن البيئي، فإننا أيضا محتاجون إلى النضال من أجل إنقاذ الإنسان من اختلال التوازن في العلاقات الإنسانية والاجتماعية . وانتقدت بعض التوجهات اليسارية والنسوانية التي تسعى إلى تطبيق قوانين الإنتاج على الإنجاب، وتلك التي تدعو إلى جعل الإنجاب يتم كلية خارج الرحم، تخليصا للمرأة من الأمومة، مما يمكنها من القدرة على العمل والتفرغ للترفيه بصورة مساوية لما هو متوفر للرجل. فهذه الرؤية المتمركزة حول الذكر تشترط لتتخلص المرأة من الدونية والتهميش أن تتخلص أولا من جسدها وقدرتها على الإنجاب، وأن تتمثل كلية المعايير الرجولية . والفرق بين المعنى الأول للمساواة والمعنى الثاني هو أن الأول يتعامل مع المرأة والرجل باعتبارهما فردين معزولين عن محيطهما الاجتماعي، بينما يصر المعنى الثاني على الانطلاق من أنهما كائنان اجتماعيان، الطبيعي أن يعيشا في إطار أسرة. فيكون الهدف تحقيق المساواة بينهما في إطار مبدأ العدالة والتكافؤ وليس المماثلة. كما أن المعنى الأول يعمل على تحرير المرأة من وظيفتي الزوجية والأمومة، بينما يقتضي المعنى الثاني اعتبارهما ووضع الإجراءات لضمان استمرار المرأة في أدائهما. المعنى الثالث للمساواة نحتته بعض الدراسات المهتمة بالمقاربة حسب النوع. وهي تعتبر أن المساواة تتضمن المساواة في الفرص مع تثمين خصوصيات كل من الرجل والمرأة. ويستعمل مفهوم النوع الاجتماعي مقابل مفهوم الجنس، على أساس أن الجنس يرتبط بالمميزات البيولوجية والفزيولوجية المحددة التي تميز المرأة عن الرجل مثل الحمل والولادة، والتي لا يمكن أن تتغير وإن تغيرت الثقافات والبيئات أو تغير الزمان والمكان، بينما يشير النوع أو النوع الاجتماعي إلى التراكمات الثقافية والاجتماعية التي تجعل لكل واحد من الجنسين أدوارا معينة ووظائف خاصة وحدودا للإسهام في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.... مختلفة عما تجعله للجنس الآخر. وإذا كان هذا التمييز اليوم دارجا في الدراسات الاجتماعية والأبحاث المرتبطة بالمرأة والأسرة، فإن المدارس المختلفة ليست متفقة حول مضامين النوع الاجتماعي وحدوده. فالمدرسة التي تتبنى المساواة التماثلية تسعى بدرجات متفاوتة لأن تتخلص المرأة حتى من وظيفة الحمل والولادة والإرضاع. بينما تنطلق مدارس أخرى من تثمين الوظائف والأدوار الخاصة بالمرأة والعمل على إتاحة الفرصة لها لتؤديها على أحسن وجه. كما تنطلق من أن المساواة بين الجنسين لا يمكن أن تكون حقيقية إلا إذا أعانت المرأة على أن تعتز بكونها امرأة، لا أن تتملص من جنسها وأنوثتها وتجعل هدفها التشبه بالرجل وجعله النموذج والمثال. فاحتقار المرأة لجنسها وخصائصها لا يمكن أن يكون طريقا إلى المساواة الحقيقية. ومن الباحثات اللواتي تبنين هذا المفهوم الباحثة الاجتماعية أني لابوري راكابي Anni labouri Racapé التي تؤكد على أنه لم يعد مقبولا الانتقاص من قيمة الأعمال والأنشطة الخاصة بالنساء، واعتبار ما يقوم به الرجل هو المعيار والنموذج. وضمنت مقالا لها بعنوان: نظرة مغايرة مع المقاربة حسب النوع ما اعتبرته مقدمات لتنزيل هذه المقاربة، ومنها: عدم قبول فكرة الإنسان المحايد الذي ليس ذكرا ولا أنثى، وتبني مقاربة نهتم بالبعدين الأنثوي والذكوري معا، إعلاء قيمة الأنشطة التي تقوم بها النساء وتشكل خصوصية لهن، وإعطاؤها قيمة مساوية لقيمة الأنشطة التي يقوم بها الرجل، اعتبار المساواة الحقيقية هي إعطاء الفرد القدرة على العمل وفق منظوره حول ما هو الأهم في حياته بالنسبة له، فمن حق المرأة أن تعتبر أن الأهم في حياتها هو الأمومة وليس القيام بعمل مهني معين. والنتيجة المترتبة عن هذا التحليل هي أن تنزيل المقاربة حسب النوع الاجتماعي وفق هذا المنظور يقتضي تحديد المهام التي تقوم بها النساء في الواقع أو تود القيام بها، وتحديد حاجياتهن، في نفس المستوى الذي يفعل ذلك بالنسبة للرجل. ويستلزم هذا المنظور إشراك المرأة في مناقشة السياسات التنموية وفي وضع الاستراتيجيات والخطط، لأن عدم أخذ رأي النساء بعين الاعتبار يغيب نظرة خاصة لبعض الأمور، ويغيب حاجيات خاصة للنساء. وهذه المشاركة لا تهتم بالعدد والنسبة، ولكن تهتم أكثر بالنوعية والكيفية، وبالقيمة المضافة في تلك الخطط. والمهم هنا أن الباحثة نادت إلى إعادة التفكير في مفهوم المساواة Repenser légalité وإعطاء الأعمال التي ترتبط بالمرأة قيمة تليق بها وتعلي شأنها. (يتبع)