ولد محمد الترابي سنة ,1951 دخل الكتاب وسنه لا يتجاوز أربع سنوات، وفي سن الثامنة كان قد حفظ 30 حزبا، يقول إن أمنية والده ورغبته كانت هي أن يصبح قارئا، وفعلا تحقق له ذلك، فقد كان أصغر مقرئ يتم تسجيل قراءته في الإذاعة سنة ,1962 وعندما بلغ سن الرابعة عشر وكان ذلك سنة 1965 عين مقرئا رسميا في المسجد المحمدي المعروف في البيضاء، وكان يجود القرآن قبل دخول الخطيب ويؤذن الأذان الثاني. فتح الأستاذ الترابي مدرسة خاصة بالدار البيضاء تستقطب المواهب الصوتية ليصقلها ويعلمها فن التجويد وقواعده وأحكامه، كما أنه يدرس المقامات في المدرسة القرآنية التابعة لمسجد الحسن الثاني، وكما حقق أمنية والده، فقد حقق له ابنه أمنيته في أن يكون من نسله خلفا يحفظ القرآن ويحسن تلاوته، فابنه يقرأ بالصيغة المغربية والمشرقية، وشارك سنة 2005 في المسابقة القرآنية التي تنظمها القناة الثانية، وسيشارك هذه السنة في مباراة محمد السادس لحفظ وتجويد القرآن الكريم. *** كيف بدأت حفظ القرآن الكريم؟ كغيري من الأطفال الذين يدخلون الكتاتيب القرآنية من أجل أن يحفظوا ما يستطيعون من الأحزاب، دخلت الكتاب وأنا صغير لا يتجاوز سني أربع سنوات، وقد كان الكتاب في درب باب المتر حي بوشنتوف بالبيضاء، وكانت رغبة والدي آنذاك أن أحفظ القرآن الكريم وأن أكون مقرئا، وقد تحققت أمنيته بفضل الله في سن الثامنة، إذ كنت قد حفظت 30 حزبا، في سن سبع سنوات دخلت المدرسة النظامية الابتدائية، وفي ذلك الوقت لم أدرس في القسم التحضيري، لأنني لما دخلت القسم لاحظ الأستاذ أنني أستطيع أن أقرأ الكلمات والجمل كاملة، فعرض الأمر على المدير الذي استدعاني وقرأت أمامه في كتاب القراءة، ثم سألني عن الفرنسية فقلت له لا أجيدها، فدخلت مباشرة إلى القسم الثاني، وقد أفادني حفظ القرآن في هذا الأمر كثيرا.. لما وصلت السنة ما قبل الأخيرة في الابتدائي كان أستاذي يحب سماع القرآن الكريم، وكان يطلب مني أن أختم حصته بالقرآن الكريم كل يوم، وهذا شجعني على البحث في هذا المجال أكثر، إذ بدأت مشوار القراءة في مدرسة اسمها الآن مدرسة عبد المومن في شارع الزرقطوني، وهناك ترعرعت وتعلمت. هل ما تزال تحتفظ بذكريات عن هذه المرحلة من الطفولة؟ أذكر أنني مرة وأنا صغير رفعت صوتي في المنزل أقرأ القرآن الكريم مقلدا الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، ولما سمع جارنا اليمني صوتي طلب من أمي أن ترفع من صوت المذياع فأخبرته أنني أنا الذي أقرأ فاستغرب الأمر، وعندما عاد والدي من العمل قال له: اهتم بهذا الولد فإن له شأنا في القرآن الكريم، فقال له أبي هي أمنية من أمنياتي، لذلك أدخلته الكتاب ليكون قارئا، وفعلا كان كذلك. من هم الشيوخ الذين تتلمذت على يدهم وتأثرت بهم؟ ترعرعت علميا على يد شيوخ القراءات أمثال الشيخ عبد الحميد احساين ومولاي أحمد الشريف الذي كان يأتي من مكناس ويتجول في مدن المغرب ليدرس علم التجويد، وكان لي حظ أن تتلمذت عليه لتعلم قواعد وأحكام القراءات، وكذلك تعلمت على يد الشيخ محسن عمر. وعندما بلغت سن الرابعة عشر وكان ذلك سنة 1965 عينت مقرئا رسميا في المسجد المحمدي المعروف في البيضاء، وكنت أجود القرآن قبل دخول الخطيب وأؤذن الأذان الثاني، وفي طريقي كنت أمر على أستاذ فقيه يدرس في أحد المساجد وكنت أجلس عنده لأتعلم أحكام القراءة. ثم دخلت عالم فن الأصوات وتتلمذت وأنا مازلت صغيرا على يد كبار المنشدين، فقد تعلمت المقامات على أمثال الحاج ادريس التويمي بنجلون وعبد القادر باصانو من البيضاء، وبعض الأساتذة في مجال الصوتيات أمثال عبد اللطيف بنمنصور الذي نتمنى له الشفاء العاجل، كما استفدت كثيرا من الأستاذ سعيد القادري وغيرهم من كبار المنشدين في الستينات والسبعينات، وتتلمذت كذلك على يد شيوخ كبار في الرباط مثل الشيخ عبد الحميد احساين، واستمتعت بقراءات جميلة متنوعة المقامات من الشيخ كبير القراء عبد الرحمن بنموسى وكذلك جابر الحياني، وقد استفدت كثيرا من هؤلاء الشيوخ. وفي مجال القراءات لا أنسى ذكر أبي عبيدة من مراكش، فقد تتلمذت على يده في حفظ القواعد، أما في الصوتيات فقد ذكرت لك كبار المنشدين الذين استفدت منهم، من هنا جمعت هذه الحصيلة الفنية التي تجمع بين الإلقاء القرائي والإلقاء الصوتي وجمعت بين القراءتين بالصيغة المغربية والصيغة الشرقية. ومن هم الشيوخ المشارقة الذين تأثرت بهم؟ لقد أخذت القراءات المشرقية بلبي وفؤادي، وخاصة قراءة الشيخ محمد صديق المنشاوي والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ شعيشع وكبير المقرئين محمد رفعت، وكذلك الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي، ومنهم من اتصلت به وأنا صغير أيام المباريات التي كنا نجريها في الرباط على يد رابطة المجودين التي كان يترأسها الشيخ عبد الحميد احساين. هل ما تزال تتذكر أول مسابقة قرآنية شاركت فيها؟ أول مباراة شاركت فيها وأنا صغير كانت سنة ,1967 وقد أجريت بدار القرآن بالرباط ونظمتها رابطة المجودين بالتنسيق مع وزارة الأوقاف، وقد شاركت فيها من أجل المنافسة التشجيعية فقط لا من أجل التفوق، إذ استفدت من تلك المشاركة التي حضرها كبار المقرئين. حتى كانت سنة 1970 حيث نلت الجائزة الأولى في مسابقة وطنية في الصيغة الشرقية، وكانت اللجنة دولية من مصر والجزائر وليبيا وإيران والسعودية، وترأسها آنذاك الشيخ إبراهيم الشعشاعي ابن الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي، وكان سني حينها 19 سنة، وما تزال تسجيلات هذه المسابقة موجودة في الإذاعة وشاهدة على ذلك. وماذا عن المناسبات الرسمية والمحافل القرآنية خارج المغرب؟ في سنة 1996 أصبحت أشارك في الدروس الحسنية بقراءة القرآن قبل الدرس الذي يلقى في حضرة أمير المؤمنين المرحوم الحسن الثاني طيب الله ثراه، ثم الملك محمد السادس، وكذلك شاركت في افتتاحية البرلمان والمناسبات الرسمية الخاصة وفي صلاة التراويح في القصر الملكي، فقد صليت بالحسن الثاني سنتي 97 و ,98 كما شاركت في محافل خارج المغرب، فقد كنت سنة 1974 في لجنة التحكيم في مسابقة تونس بتكليف من وزارة الأوقاف، كما شاركت في مجالس الإنشاد بين يدي الملك محمد السادس، وقبل ذلك في حضرة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه خلال عيد المولد النبوي، وكذلك ذكرى محمد الخامس، كما شاركت في لجنة التحكيم في جائزة الحسن الثاني ثم في لجنة جائزة محمد السادس للقرآن الكريم. وحاليا أشرف على مدرسة أسستها سنة 2004 استقطبت فيها الأصوات الجميلة والموهوبة، ليس لتعلم الأحكام فقط، ولكن إلى جانب ذلك أعلمهم المقامات المتنوعة وكيفية توظيفها توظيفا سليما ينسجم مع معاني كتاب الله، وقد خرجت المدرسة بحمد الله قراء شاركوا في العديد من المسابقات الوطنية وأحرزوا المراتب الأولى.