« استهلاك الخمور لدى المغاربة انخفض خلال ثلاث سنوات بنسبة 14.5 بالمائة، وأبرز سبب لتهاوي استهلاك الخمور هو تزامن شهر العطل مع شهر رمضان، حيث يعمد عموم المغاربة إلى عدم التعاطي للخمور» هذه أبرز خلاصة توقفت عندها دراسة أنجزها أحد مكاتب الدراسات الأجنبية ونشرتها الأسبوعية الفرنكفونية «لافي إكونومي». وأبرزت الدراسة أن نسبة انخفاض استهلاك المغاربة لمختلف أنواع الخمور بلغت 10 بالمائة خلال سنة 2010 وتتوقع أن تنخفض نسبة الاستهلاك خلال السنة الحالية بما لايقل عن 5 بالمائة خلال هذه السنة. وإضافة إلى معطى تزامن العطل والصيف، حيث تكثر عادة ظاهرة استهلاك الخمور، مع شهر رمضان أشارت الدراسة إلى أن تنامي موجة إقلاع المغاربة عن تناول الخمور يرجع كذلك إلى مختلف التدابير الحكومية التي تستهدف القطاع. و ضمن استراتيجية إعلامية «للتباكي» على خسائر القطاع، وكذلك في مسعى «مدروس» للضغط على مقرري النظام الجبائي المغربي، أشارت الدراسة إلى أن الضغط الجبائي الممارس على القطاع وكذا قرار الحكومة الحالية القاضي بالرفع من ضريبة الاستهلاك الداخلي المطبقة على المشروبات الكحولية منذ منتصف 2010 (على غرار المعمول به بالنسبة للمشروبات الغازية الأخرى) ساهم في تكبيد القطاع خسائر كبرى. وأبرزت تفاصيل الدراسة إلى أن شركة «براسري المغرب» التي تنتج 94 في المائة من «الجعة» في المغرب اضطرت بفعل الأزمة إلى إغلاق مصنعها بطنجة. ومن مبررات الضغط «الذي يحاول لوبي قطاع الخمور ممارسته» التأكيد على أن قرار الرفع من ضريبة الاستهلاك الداخلي لم يأت بمداخيل»مرضية» لصالح خزينة الدولة، مشيرة إلى أن العوائد المتحصلة من رفع الضريبة على الاستهلاك «ذهبت أدراج الرياح» بفعل تقلص حجم الاستهلاك العام. وأبرزت الدراسة أن حجم استهلاك المغاربة من جميع أنواع الخمور ناهز 117 مليون لتر خلال سنة 2010 ( بلغ الاستهلاك سنة 2008 ناهز 131 مليون لتر وسنة 2009 بلغ الاستهلاك 130 مليون لتر). وكمقارنة مع الدول المغاربية، أشارت الدراسة إلى أن المغاربة أقل استهلاكا للخمور مقارنة مع الجزائريينوالتونسيين. فكل مواطن مغربي يستهلك، في المعدل، 3.65 لتر في السنة، هذه النسبة ترتفع في الجزائر لتصل 3.90 لتر للفرد في السنة، بالمقابل تبلغ النسبة في تونس 10 لترا للفرد في السنة. في هذا الاتجاه، أشار عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بالرباط، إلى أنه واهم من يريد تغليط المغاربة حينما يريد البعض مقاربة قطاع الخمور بالمغرب انطلاقا من المقاربة المالية. مشددا على أن المقاربة يجب أن تكون أولا حول مدى انسجام هاته التجارة مع هوية المغاربة التي شدد عليها دستور 2011. وأكد الكتاني أن جزء كبيرا من المداخل المحصلة من تجارة الخمور يخسرها المغرب عن الأمراض الناتجة عن الكحول، وعلى التغطية الصحية وتعويضات للأسر المتضررة من حوادث السير. ونبه الكتاني إلى أن الأرقام الجديدة تؤكد أن هناك تدافعا قيميا «شرسا» بين « اللوبي» الضاغط بكل الوسائل لجعل استهلاك الخمور في متناول كل المغاربة وبين الدعاة المدافعين عن تحريم استهلاك الخمور. وشدد الكتاني على أن القانون المغربي يقف إلى جانب دعاة تحريم ترويج الخمور بين المغاربة الذي نصت ديباجة دستورهم على أن المغرب دولة إسلامية، لكن يضيف الكتاني: تغول مصالح لوبي الخمور يدفع الدولة إلى التغاضي عن تجارة وبيع مختلف أنواع الخمور. وتساءل الكتاني: كيف يمكن إذن تفسير أن الأسواق الكبرى تباع فيها الخمور جهارا دون تدخل من رعاة إنفاذ القوانين؟ وإذاكانت دراسة استهلاك الخمور قد أكدت أن سوق استهلاك الخمور بالمغرب يقفد 75 يوما من الاستهلاك(40 يوم قبل حلول شهر رمضان إضافة إلى شهر رمضان كاملا) فإن محسن البوكيلي، أستاذ الدراست الاسلامية بالجديدة وخطيب جمعة، أبرز أن هذه الدراسة يجب أن تشكل « دافعا» لمزيد من مواصلة مواجهة لوبي ترويج الخمور العلنيين والسريين. مشددا على أن انخفاض الاستهلاك « يرجع أساسا للجهود الدعوية التي تمارسها كل مكونات الحقل الديني بالمغرب». مضيفا: كيف جاء ربط انخفاض الاستهلاك بشهر رمضان إن لم تكن الدعوة هي سبب الامتناع عن الاستهلاك. متسائلا: من الذي يمنع أن يستهلك المغربي الخمر في شهر رمضان. مشددا على أن استراتيجية الدعوة يجب «أن تقول للمغاربة إن الاقلاع عن الخمر في رمضان يستوجب مواصلة الاقلاع في شهور غير شهر رمضان، وهذا تحدي أمام الدعاة».