المغرب يحقق إنتاجا كبيرا في قطاع الخمور، وهو الأمر الذي لم يستطع تحقيقه في قطاعات أخرى مهمة، مثل الصناعة الغذائية، أو توفير بعض الاحتياجات من أجل تحقيق اكتفاءه الذاتي في الحبوب مثلا أو المواد الغذائية الأولية. وضاعف المغرب من واردات الخمور خلال النصف الأول من السنة الحالية، مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، منتقلة من 3542 إلى 7749 طن. وصدر المغرب حوالي 3822 طن من الخمور إلى الخارج مقارنة مع 3839 طن خلال نفس الفترة من السنة الماضية، حسب ما أكده مكتب الصرف. وعلى الرغم من أن تعداد سكان المغرب لا يتجاوز 32 مليون نسمة، حسب إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط، إلا أن إنتاج الخمور يفوق بكثير هذا العدد، خصوصا أن شركة الخمور «سيلييي دو مكناس» تتوفر على وحدتين صناعيتين لهما قدرة على إنتاج 20 ألف قنينة خمر في الساعة الواحدة، بالإضافة إلى أنها تصنع 25 مليون قنينة سنويا. وتوفر هذه الشركة التي يعود تأسيسها إلى 1964، حوالي 60 في المائة من العنب المخصص للخمور بالمغرب (نواحي مكناس). وتتوفر هذه الشركة على 2000 هكتار مخصصة لزراعة العنب الذي يخصص كمادة خام للمشروبات الكحولية. وعلى الرغم من التداعيات السلبية للمشروبات الكحولية على المستوى الاجتماعي والنفسي والأسري والصحي والأمني على المواطن، فإن وتيرة إنتاج هذه المشروبات ما زالت في ارتفاع، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول هذه السياسة التي تسهم في اختلالات اجتماعية كبيرة، بالأسر والمجتمع برمته، وفق العديد من الدراسات والأبحاث. وكانت دراسة أنجزت من لدن كلية الطب بالرباط، قد أكدت أن الإصابة بالسرطان في صفوف المدمنين على التبغ والخمور، تصل إلى ما بين 65 بالمائة و 95 بالمائة، وأضافت الدراسة أن الخمور سببا أساسيا في الإصابة بسرطان "الكبد"، هذا الأخير يرتفع عند المدمنين على الخمور القوية، خاصة "الويسكي"، بينما يتسبب "الروج" في سرطان "المعدة". وفي هذا الإطار، يمثل السكر العلني 16 بالمائة من مجموع الحالات الإجرامية خلال 10 أشهر من سنة 2008 في المدن، وفق المعطيات الرسمية. ويحتل الخمر والمخدرات المرتبة الثانية في سبب حوادث الطرق التي وقعت بمدن المغرب خلال 2007، حسب دراسة لجنة حوادث السير. وعلى الرغم من رفض المغاربة لظاهرة الخمور، إلا أن السلطات تستمر في تقديم رخص البيع سواء في المحلات المختصة في ذلك داخل المدن، أو في المساحات الكبرى أو الفنادق. ووفق العديد من المتتبعين فليس هناك سياسات لمواجهة الظاهرة رغم ما تخلفه من تداعيات سلبية على الفرد والمجتمع. وما زالت العديد من الشركات الأجنية تستثمر بالمغرب في هذا القطاع، إذ تمكنت شركة «كاستل» الفرنسية من الاستحواذ على 60 بالمائة من رأسمال شركة «ساب ميلر»، فرع المغرب والجزائر، في إطار اتفاق شراكة سيتم بموجبه تنفيذ مشاريع استثمار بقيمة 21 مليون دولار في المغرب و25 مليون دولار في الجارة الجزائر، حسب ما أورده موقع «رايون بواسون».