دعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى الاستعجال من أجل مراجعة شاملة للترسانة القانونية التي تضبط العمليات الانتخابية، في الاتجاه الذي يخلص الإشراف على الانتخابات والاستفتاءات من وزارة الداخلية ويضعه تحت مسؤولية هيئة قضائية مستقلة ونزيهة، وبما يُمكن المواطنين من حق الطعن في مختلف المراحل. وأبرزت الجمعية في تقرير لها حول نتائج ملاحظتها لاستفتاء فاتح يوليوز على على مشروع الدستور المعدل أعلنت عنه يوم الثلاثاء 12 يوليوز 2011 ، أن منظومة القوانين التي على أساسها جرى الاستفتاء الدستوري لا تمكن الهيئة الناخبة والأحزاب والنقابات من آلية الطعن في نتائج الاستفتاء. كما أكدت على ضرورة إلغاء اللوائح الانتخابية الحالية، ووضع لوائح جديدة على قاعدة بطاقة التعريف الوطنية، لسّد منابع التلاعب بالبطائق الانتخابية. وطالبت الجمعية بفتح تحقيق قضائي نزيه ومحايد حول الانتهاكات التي عرفتها عملية الاستفتاء على الدستور من الإعلان عليه إلى مرحلة الإعلان عن النتائج. وشدّد تقرير ثاني للجمعية قدم خلال الندوة ذاتها على أن وضعية حقوق الإنسان في المغرب تتميز بالفجوة الفاصلة بين الخطاب الرسمي والممارسة الفعلية لأجهزة الدولة التي تستمر في ارتكاب انتهاكات خطيرة تمثلت في الاختطاف والاعتقال السياسي واعتقال الصحافيين، والمحاكمات غير العادلة. وقال التقرير الذي يغطي سنة 2010 والأشهر الستة الأولى من سنة 2011، إن المعطيات التي تتوفر عليها الجمعية تفيد وجود نحو 75 معتقل سياسي في السجون، كما نبّهت إلى أن عدد حالات الاختطاف خلال الفترة نفسها يقدر ب39 حالة، كان يتم إيداعهم في معتقل تمارة، الذي تنفي الدولة وجوده، بينما يقول التقرير إن الأجهزة تمارس فيه التعذيب والممارسات المهينة والحاطة بالكرامة. وأضاف التقرير أن استمرار مثل هذه الممارسات يؤكد أن المغرب لن يتقدم في ورشي الديمقراطية وحقوق الإنسان ما لم تتوفر لديها الإرادة السياسية الحقيقية للقطع مع الماضي الأليم بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبوها، مهما كان مركزهم وسلطتهم بدء بإغلاق مركز تمارة الذي تنفي الدولة كونه مركز احتجاز وتعذيب. وأشار التقرير إلى أوضاع السجون، وقال إن السجناء يعيشون وضعا مترديا، يزيد منه منع وسائل الإعلام والهيئات الحقوقية من ولوجها، وحرمان السجناء من أغلب الحقوق الأساسية، إضافة إلى المعاملة المهينة للنزيل ولأسرته، واعتبرت الجمعية أن هذه الأوضاع هي السبب في تنامي مختلف الاحتجاجات الفردية والجماعية، مما أدى إلى وقوع 3 وفيات. وتطرق التقرير إلى استمرار انتهاك حرية الصحافة، مشيرا إلى استمرار محاكمة الصحافيين محاكمات غير عادلة، كما جرى بالنسبة للصحفي رشيد نيني، ومتابعة الصحافي مصطفى العلوي، وتوقف عدد من الصحف بسبب سياسة الحصار التي تنهجها الدولة، وتقييد الحق في الوضول إلى المعلومة. وأكد التقرير أنه بالرغم من الحديث عن إصلاح القضاء، عرفت سنة 2010 انتهاكات صارخة للحق في المحاكمة العادلة، خاصة عندما يتعلق الأمر بحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، والنقابيون، وضحايا الاحتجاجات الجماعية، ومعتقلي ملفات محاربة الإرهاب، مشيرا إلى أن القضاء لا زال يُستعمل من طرف ذوي النفوذ بطبخ ملفات ضد مواطنين أبرياء. وأبرز التقرير أن الأشهر الستة الأولى من سنة 2011 سجل 4 حالات اختطاف، في حين طال الاعتقال السياسي ناشطي الجمعية ومناضلي جماعة العدل والإحسان، ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وناشطي حركة 20 فبراير، و15 ناشطا في سجن خريبكة، و10 شباب آخرين ببوعرفة. وأضاق التقرير أن أوضاع السجون في تدهور مستمر، بسبب تسييد المقاربة الأمنية، وممارسة سياسة العقاب الجماعي، مما أدى إلى احتجاجات وإضرابات عن الطعام، أبرزه ما وقع في سجن سلا يومي 16 و17 ماي الماضي. ذكر تقرير ثالث للجمعية أن عدد الاعتقالات في صفوف حركة 20 فبراير منذ انطلاقتها حتى الأسبوع الأول من يوليوز بلغت 590 حالة اعتقال، وأضاف التقرير الذي قدمته الجمعية، أمس الثلاثاء، إن السلطات أطلقت سراح 388 وتابعت 202. وأكد التقرير أن الانتهاكات التي سجلتها الجمعية تراوحت بين الاعتداء والضرب والتعنيف، والركل والرفس والمطاردات، مما نتج عنه انتهاك الحق في الحياة بالنسبة ل7 مواطنين، والحق في السلامة البدنية والأمان الشخصي للآلاف. واعتداء ومحاولة اعتداء بالسلاح الأبيض من بينهما حالتين جد خطيرتين، والانتقام من المناضلين باعتقالهم، ونقلهم خارج المدينة بكلمترات والرمي بهم ليلا في الخلاء بعد سلب أحذيتهم وهواتفهم ونقودهم، في مدن آسفي والجديدة والقنيطرة.