❐ ما الجديد الذي تضمنه دستور 2011 في مجال القضاء؟ ❐❐ أثير في الآونة الأخيرة الكثير من الجدل حول إصلاح القضاء، والمهن القضائية التي تحيط به، وفي خضم النقاش في اللجنة الملكية الفاعلين السياسيين والحقوقيين والجمعويين تبين أن هناك مجموعة من الأفكار أهمها، ضمنت في مشروع الدستور الجديد. وأول ما نلاحظه على هذا المشروع، هو تأكيده على أن القضاء سلطة مستقلة عن السلطتين التنفيدية والتشريعية، وتم تقديم ضمانات لهذه الاستقلالية. كما أن هناك أيضا نقط قوية أثارتها وثيقة الدستور الجديد لابد من التوقف عندها، ويتعلق الأمر بمنع التدخل في القضايا المطروحة على القضاء، بل شدد الدستور على منع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء والتي كانت تذهب بحقوق المتقاضين بسبب تفشي المحسوبية والزبونية، والتدخل غير المباشر سواء من طرف وسائل الإعلام أو الاشخاص الذاتيين والمعنويين وهو ما تم الحسم فيه من خلال هذه الوثيقة لضمان محاكمات وأحكام قضائية عادلة. ومن أجل تكريس استقلالية القضاء، شددت الوثيقة على أن القاضي لا يتلقى بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات ولا يخضع لأي ضغط، وكلما اعتبر القاضي أن استقلاله مهدد، عليه أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية التي يترأسها الملك، فلايلزم قضاة الأحكام إلا بتطبيق القانون، ولاتصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون. وبالتالي فأهم الضمانات لاستقلالية القضاء، هي وضع آليات كثيرة تسير في اتجاه حماية القضاة من التدخل في شؤونهم من أجل قضاء عادل ونزيه. ❐ في رأيكم هل استجاب المشروع للحراك المجتمعي؟ ❐❐ من الضروري أن تسارع الجهات المعنية بوضع ترسانة قانونية لموكبة هذه الإصلاحات التي نرى أنها استجابت للكثير من المطالب التي اقترحتها القوى السياسية والحقوقية و المدنية بالبلد. وأعتبر أن ما أتت به هاته الوثيقة جريئ، فلأول مرة في تاريخ المغرب، يمنح الدستور للقضاة حرية الانتماء إلى الجمعيات، وهو مطلب نادت به العديد من الجمعيات الحقوقية، وتم أخير الاستجابة إليه. كما أن المشروع الجديد عمل على تغيير مجموعة من المصطلحات كالمجلس الأعلى للقضاء الذي أصبح إسمه المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وصار هذا الأخير يتحدث عن محكمة النقض، إلا أننا نسجل أن هناك الكثير من الغموض في بعض الفصول وبالتالي يجب العمل على توضيحها. من جهة أخرى، الذي كان منتظرا حقوقيا، هو حل نيابة وزير العدل في المجلس الأعلى للقضاء، على اعتبار أنها كانت تعتبر تدخلا مباشرا في استقلالية القضاء، وهو ما تمت الاستجابة إليه فالملك هو رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية أسندت النيابة عنه لرئيس محكمة النقض عوض وزير العدل. ❐ هل أتى الدستور الجديد بضمانات حول حقوق المتقاضين؟ ❐❐ الوثيقة كانت واضحة حول حق المواطنين في التقاضي وحقوق العدالة الذي اعتبتهما من الحقوق المقدسة لكل مواطن، فبعض هذه المبادئ كانت واردة في المسطرة الجنائية إلا أنه بهذا المشروع سيتم دسترها، وهو ما نعتبره كقانونيين وحقوقيين مكسبا حقيقيا، ومن قبيل ذلك قرينة البراءة والحق في المحاكمة العادلة.لكن وبالرغم من كل هاته الإضافات الإيجابية التي أتت بها وثيقة الدستور في مجال القضاء، فأهم مكسب للمغاربة هو تفعيل كل تلك النصوص على أرض الواقع، وموكبة الإصلاحات بشكل جذري، فبدون محاربة التهميش والفساد والاختفاء القسري والمحسوبية ..لن يكون لأي دستور أي معنى.