تراجعت الحكومة عن وعدها باعتماد لوائح انتخابية جديدة في انتخابات شتنبر 2002 عوض المراجعة الاستثنائية التي جاء بها مشروع قانون رقم 08.02وصودق عليه بالأغلبية، بعدما كانت الأحزاب المكونة لها أو ما يعرف بأحزاب الأغلبية واليسارية منها على الخصوص تطعن في هاته اللوائح. وحتى هذه المراجعة الاستثنائية تحتاج إلى أجل إجمالي يقدر بحوالي 3 أشهر ونحن على بعد أقل من خمسة أشهر من موعد الانتخابات. ولم تبرر الحكومة تراجعها إلا بضغط الزمن الذي هو حجة عليها لا لها، ولم توضح الكيفية التي سيتم بها تطهير اللوائح المذكورة من التسجيلات المتكررة والشوائب التي تعتريها وكيف سيتعاملون مع من سجلوا بناء على شهادة الشهود فقط أو برخص السياقة أو الصيد، وكيف ستضبط فاقدي الأهلية الانتخابية وفق المادة 5 من مدونة الانتخابات مادامت لم تنص على الربط المعلوماتي بين جذاذات اللوائح الانتخابية العامة وجذاذات المديرية العامة للأمن الوطني والدرك الملكي والشرطة والقوات المساعدة وإدارة الدفاع الوطنية وإدارة السجون. ولم يتكلم مشروع القانون 08.02 عن موقع سكان دور الصفيح (الذين يمتنع في الغالب رجال السلطة عن إعطائهم شواهد السكنى) في اللوائح التي يراد مراجعتها. ويرى خبراء الشأن الانتخابي أن الحكومة ألغت المشروع الأصلي لوزارة الداخلية القاضي بإعادة اللوائح الانتخابية من جديد والاكتفاء بمراجعتها راجع إلى إلى خوفها من عدم إقبال المواطن المغربي على التسجيل في هذه الأخيرة نظرا لفقدانه الثقة في العملية الانتخابية وفي المؤسسات وبسبب الاحباطات التي تلقاها من تجربة حكومة التناوب التي خاب أمله فيها. وهو ما أكده وزير الداخلية السيد إدريس جطو في معرض جوابه على النواب داخل لجنة الداخلية أثناء مناقشة المشروع المذكور حيث قال: "إن التجارب والدراسات التي قامت بها الوزارة أظهرت الإقبال على التسجيل لن يكون مضمونا وبأنه حسب التقديرات المتوفرة لديها لن يتجاوز عدد من سيتم تسجيلهم 7 أو 7.5 مليون فرد". مع استحضار نزول نسبة المشاركة في انتخابات 97 إلى أقل من %58. مما دفع الحكومة إلى تبني فكرة إجبارية التصويت كأسلوب لتجاوز احتمال ضعف المشاركة في العملية الانتخابية المقبلة ضاربة عرض الحائط مقتضيات الديمقراطية وحق من حقوق الإنسان المقدسة وهي حرية التعبير. فيما يفسر بعض النواب اكتفاء الحكومة بمراجعة اللوائح بدل تجديدها لكون الأحزاب المشكلة للحكومة كانت ترغب في تأخر الانتخابات عن موعدها المفترض. مما جعلها لا تسرع بتنفيذ وعودها بإقرار الاصلاحات التي كانت تصيح بها من موقع المعارضة بل الواردة في التصريح الحكومي. إلا أن تدخل جلالة الملك محمد السادس وتحديده لموعد الانتخابات في سبتمبر 2002 فاجأ الحكومة وأربك مكوناتها فجاءت مشاريعها الترقيعية مخلوطة بأثار هذه المفاجأة والارتباك من عجلة في صياغتها والإصرار على تمريرها رغم مناقضتها للوعود والعهود. الأمر الذي ينذر ومن الآن بانتخابات مطعون في نتائجها مادامت قائمة على لوائح انتخابية مطعون فيها بصريخ خطب المعارضة السابقة وبياناتها؟ محمد عيادي